الطبيب الأديب "مصطفى عبد الفتاح": أكتب لأطفال سوريا ما بعد الحرب لهذا أنا ومتفائل
كاتب سوري ينقب في الأدب السوداني للأطفال
حوار ـ نهلة مجذوب
“مصطفى عبد الفتاح” طبيب أسنان سوري كاتب متخصص في أدب الأطفال (الشعر والقصة والمسرح) إضافة لكتابته سيناريو برنامج (افتح يا سمسم) العام الماضي الموسم الأخير. نال أكثر من (25) جائزة. التقته (المجهر) صدفة كما أسباب وجوده بالسودان، الذي كان محض صدفة، قال إنها صدفة جميلة قادته للتعرف على الشعب السوداني الأصيل الجميل، بحد قوله ،وفيها طرق جوانب أدب الأطفال فيه. رغم الظروف الصعبة التي يمر بها .وقصة وجوده التي لها ما يقارب الشهرين والتي وجدت صدىً كبيراً على الصحافة ووسائل الإعلام ، بينما بقيت أسرته هناك، تعاني ما تعاني ، ولكننا وجدناه صابراً صامداً ،عالماً باحثاً يتنقل بين مكتبات الخرطوم ناهلاً من كل ما يختص بأدب الأطفال.
{بداية فسر لنا أسباب تواجدك بالسودان؟
-باختصار شديد أنا نازح إلى تركيا حصلت مؤخراً على جائزة المسرح العربي في مجال مسرح الطفل في الشارقة ودعيت للتكريم في مهرجان المسرح العربي بالجزائر، سافرت من تركيا وهناك بعض التعقيدات القانونية التي تخص سفر السوريين اللاجئين إلى تركيا، وأخذت كل احتياطاتي ورغماً عن ذلك بعد حصولي على الفيزا التركية من السفارة بالجزائر عدت لتركيا، فوجئت بأن هناك خطأ ارتكبه موظف تركي باستخراج بعض معلومات جواز سفري أدى هذا الخطأ لوضع عدم عودة بحقي، وأنا الآن أحاول إزالة المنع والحمد لله تقدمت فيه مراحل، وفي هذه الفترة تعرفت إلى شعب الجزائر والسودان العظيمين .
{دوافعك للاهتمام بأدب الأطفال؟
-عدة أسباب أولها اهتمامي بالأدب بصورة عامة سببه والدي رحمه الله فقد كان شاعراً، أما اهتمامي بأدب الأطفال فله قصة غريبة نوعاً ما فقد عشت طفولة قاسية جداً بسبب حرماني من أبي، لذلك تحول عندي نكوص نحو الطفولة، وهو في علم النفس إما أن يتحول هذا النقص إلى حالة انطوائية أو عدوانية أو إعلاء وتصعيد، وتحول عندي إلى إعلاء وتصعيد، بفضل الله ، ظهر عندي في حالة إبداعية. وأصبحت أكتب في أدب وأول قصيدة كتبتها ، كنت في الصف الثاني الابتدائي، وكانت موزونة واحتفظ بها حتى الآن. وواصلت في الجامعة كتابة مسرحيات الأطفال، وقدمت أول مسرحية على خشبة مسرح في مدينة إدلب.
{في سوريا إلى أي مدى تهتمون بأدب الأطفال ؟
-أدب الأطفال في سوريا يعتبر متقدماً جداً لسببين الأول قدم المرحلة التي كتب فيها هذا الأدب للأطفال،وأذكر هنا أن أول ديوان شعر للأطفال تكتبه امرأة عربية تدعى “جسماني أبو شقرة “، وكانت مربية في إحدى رياض الأطفال بدمشق.
والأهم هو تأطير كتاب الأدب للطفل ضمن منظومة معترف بها من قبل اتحاد الكتاب العرب، (جمعية أدب الأطفال) وهي الأولى في الوطن العربي وأنا عضو بها.
{ ما تأثير الحرب على الإنتاج الأدبي للأطفال؟
-أعجب كثيراً .كنت أتوقع أن يقل إنتاجنا ولكنه ازداد ,ومؤشرات النوعية التي نكتب بها، مثلاً خلال العام الماضي طبعت 15 كتاباً في مجال أدب الطفل، لست وحدي بل عدد كبير من الكتاب.
{هناك كتاب سوريون نالوا جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي . كيف تنظر لهذه المسألة ؟
-نعم جائزة الطيب صالح معروفة وقيمتها كبيرة. من هؤلاء الأستاذ نجيب كيالي الكاتب للأطفال وهو صديقي وأستاذي الآن تحصلت على كتبه الفائزة بالجائزة .وسأحملها له إلى تركيا.
{صف لنا حال الأدباء مع أجواء الحرب؟
-أذكر أنني وكيالي الفائز بجائزة الطيب صالح عن مجموعته العيد والأرجوحة أثناء الحرب، أننا كنا معاً في مدينة إدلب ، وكانت القذائف تنهال علينا من كل حدب وصوب، ونسهر على ضوء الشموع بعد انقطاع الكهرباء، يقرأ لنا الأستاذ “نجيب” من المجموعة ونناقشها في ظرف صعب.
بالنسبة لي ديواني (عبير الهدد) الذي نلت به جائزة أدب الدولة للطفل وجاء في السيرة العطرة للنبي صلى الله عليه وسلم، وكانت القذائف تسقط على كل بيت ، وسقط صاروخ أمام منزلي أثناء الإرسال.
{هل تتضمن هذه الكتابات مأساة واقع الحرب على الأطفال؟
-بالنسبة لأدب الطفل لم نتمكن من الخروج من الموضوعات، التي نكتب بها والتي ستشير حتماً إلى المرحلة أو إلى أدب هذه المرحلة (الحرب)، ومؤخراً بدأت أكتب لمرحلة الطفولة المبكرة ، ويسألني الكثيرون لمن تكتب أقول أكتب لأطفال سوريا ما بعد الحرب، لأنني متفائل بأن هذه الحرب ستنتهي.
{ملاحظاتك عن أدب الأطفال بالسودان؟
-حاولت أن أركز على أدب الطفل في السودان وأعانني
الكثير من الأصدقاء، في بيت الشعر وأمدني مديره الدكتور “الصديق عمر الصديق”، بجزء كبير من تراث البروفيسور “عبد الله الطيب” وهو تراث يجب أن يسلط الضوء عليه عربياً، نحن في سوريا مثلاً، حتى الآن لم نتعرف على أدب الطفل السوداني، وهذه نقطة يجب أن يسلط عليها الضوء إنصافاً، ولذلك حرصت أن أحصل على (مجلة الصبيان) باعتبارها تؤرخ لمرحلة من مراحل أدب الطفل السوداني. وهناك أيضاً مجلة (سمسمة) بالرغم من محدوديتها لكنها تعطيني خارطة لأسماء كتاب أدب الأطفال السودانيين إضافة إلى من عملوا في مجالات أدب الطفل في المسرح والغناء .
{ هل ترى ثمة أوجه للمقارنة بين أطفال سوريا والسودان؟
-السودان عانى فترات حرب طويلة ولكن لنكن صادقين مع أنفسنا أطفالنا في السودان مظلومون. جزء من الظلم أو التقصير يقع على المجتمع ذاته، وهناك أيضاً في ما يقدم من منتوج للطفل حتى الآن الطفل السوداني لا يأخذ من أبدع كتابة. أجد حتى الآن لديكم طبقة مثقفة من الكتاب ومبدعة وصلت آفاقاً دولية وعربية، هؤلاء يجب أن يخصصوا جزءاً من منتوجهم للطفل، وهناك أيضاً مسئولية تقع على عاتق الهيئات الإعلامية ووزارة الثقافة التي يجب أن تخصص ركناً خاصاً بأدب الطفل وبمنتجاتهم، بجانب دور وزارة التربية . وهناك الكثير من الفضائيات التلفزيونية ولكن لا توجد واحدة مخصصة للأطفال، وهذه مسألة يجب الانتباه إليها.
{أخيراً ماذا تود أن تقول؟
أنا على وشك المغادرة، ووعدت أصدقائي السودانيين بأني سأعود مرات، لقد أحببت هذه البلاد وأهلها.
أخيراً أشكر الله كثيراً لقد ساقني بإرادته للسودان ، دون ترتيب مني، وأتمنى من الله أن يفك كربتنا لتزورونا في بلدنا.