رأي

مجرد سؤال

الصيف والمياه ومعاناة المواطن
رقية أبو شوك
 
هنالك مثل يقول (الصيف قد ضيعت اللبن)  وهذا المثل معروفة قصته، ولكنه بات متداولاً عندما  يتسبب الصيف في ضياع اللبن وضياع أشياء أخرى تتأثر بالصيف،  وحتى لا يضيع اللبن يتم إعداد خطة محكمة من قبل أصحاب اللبن، حيث يتم وضعه في أماكن أكثر برودة، وذلك خوفاً من ضياعه … فالضياع يكون عن طريق فقدانه نسبة لارتفاع درجات الحرارة.
أما الآن ومع انتشار الأجهزة المبردة فقد انتفت هذه المقولة نوعاً ما، ولكنها ستصبح لها معانٍ ودلالات وستظل يضرب بها الأمثال كلما يضيع (اللبن) أو تضيع الأشياء ذات العلاقة بالصيف وارتفاع درجة الحرارة.
فالكهرباء مثلاً تتأثر بطريقة كبيرة جداً بالصيف وارتفاع درجات الحرارة وتزيد الأحمال وتتلف بعض المحوِّلات ويؤثر ارتفاع درجات الحرارة على التوليد المائي، لأن المياه تكون شحيحة، لأنها تتبخر رويداً رويداً وتستمر على هذا المنوال حتى يأتي الخريف وتزداد كميات المياه.
لذا فإن الصيانة الدورية لوزارة الكهرباء تكون في الشتاء استعداداً للصيف، وعندما يأتي الصيف تكون هنالك برمجة للقطوعات وهنا تنطبق المقولة، ولكنها هنا تكون من شاكلة (الصيف ضيعت الكهرباء) وهكذا.
أقول هذا حيث تعاني بعض الأحياء بولاية الخرطوم من انقطاع المياه التي هي عصب الحياة بالرغم من التصريحات بأن الصيف القادم سيأتي بلا قطوعات في المياه …فالبرغم من أن النيل يجري متدفقاً منساباً إلا أن القطوعات قد باتت تؤرق الجميع.
إذن أين نحن من الاستعداد للصيف؟ وأين التنفيذ فيما يلي التصريحات التي أكدت بأن الصيف القادم (بلا قطوعات).
الحال أيضاً ينطبق على بعض ولايات السودان… فهنالك صرخات أطلقتها ولاية البحر الأحمر عبر نوابها بمجلس الولايات في جلسته أمس الأول (الأحد)، حيث أكدوا أن حاضرة الولاية تعاني العطش حتى وصل سعر فنطاس كارو المياه (60) جنيهاً، وبلغ سعر الجركانة (3) جنيهات، وتساءلوا (الوصل البترول للجنوب ما يوصل المياه من النيل لبورتسودان).
فهذا لعمري أبلغ رسالة لكون البترول يصل للجنوب البعيد وما تصل المياه لبورتسودان عاصمة الصادر والوارد، فمشكلة مياه بورتسودان تعتبر من المشاكل العتيقة جداً وظللنا نسمع عنها ونحن صغاراً وها نحن قد كبرنا ولم يتغيَّر واقع الحال ببورتسودان حيث مازالت تعاني.
وأذكر الأسبوع الماضي كنت قد دوَّنت خبراً بتوقيع اتفاقية بوزارة المالية لصالح مياه بورتسودان وتحليتها حينها حمدت الله كثيراً وقلت في نفسي (مياه بورتسودان حتحل)،
ولكن قبل أن يتم تنفيذ الاتفاقية على أرض الواقع ما هي الحلول حتى تخرج (مدينتي) كما يطلق عليها أبنائها ومحبيها ومرتادوها من نفق العطش؟ … فهل أن حل المشكلة أصبح مستعصياً على الجهات المنفذة حتى يطلق نواب الشعب الصرخات وينبهون الجهات المسؤولة ويرسلون رسالة عبرها الصرخات والتي مفادها الضمني يقول : أين نحن من برنامج (زيرو عطش) الذي أطلقته القيادة العليا؟ (وزي) ما قال النواب الوصل البترول للجنوب والمياه ما تصل من النيل شنو؟ فبالإمكان إيصالها من النيل حتى ولو ساهم أبناء الولاية ذاتياً ولا أظنهم سيرفضون المساهمة طالما أن الهدف هو المصلحة العامة ذات الارتباط بالحياة، حيث جعل الله من المياه كل شيء حي.
ولنواب البحر الأحمر نقول: (أنتو بعيدين من النيل لكن في مناطق النيل منها مرمى حجر وتعاني العطش).
فلابد من خطط واضحة لإخراج المناطق والولايات والمدن التي تعاني العطش ولابد أيضاً من تحديد المدى الزمني القصير وليس طويل الأجل لإنفاذ الخطط.
فنحن نحمد الله كثيراً بعد أن حبانا الله بأطول نهر في العالم … ماؤه عذب نحسبه نعمة كبيرة تستوجب الشكر والحمد لله رب العالمين طوال الوقت… فهذه النعمة يحسدنا عليها الآخرون الذين لا ماء لهم ولا نهر، ولكن رغم ذلك موقفهم المائي مطمئن للغاية حيث لا قطوعات ولا حتى شح  فأين نحن منهم؟ والمياه عندنا من نهر أبيض وآخر أزرق (يلتقيان في مجرى تبارك ذلك المجرى).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية