مسالة مستعجلة
جوبا.. رد الجميل بالذي هو أسوأ!!
نجل الدين ادم
من عجبٍ أن دولة جنوب السودان التي يعاني مواطنوها المجاعة وتقدم لهم الخرطوم المساعدات الإنسانية وتأويهم من نيران الحرب المستعرة بعد أن استجاروا بها لاجئين خائفين، من عجبٍ أن يكون رد الجميل بالذي هو أسوأ، وجوبا تصر على عدم قطع الوصل مع الحركة الشعبية “قطاع الشمال” وتقديم الإسناد العسكري والحربي والتخطيط لضرب حكومة الخرطوم والأبرياء من المواطنين، وهي تعلم علم اليقين حجم المساعدات التي تقدمها لها الحكومة السودانية، ليس للذين فروا إليها وتكدسوا على الموانئ والولايات الحدودية بل لأولئك الذين يعيشون أوضاعاً إنسانية معقدة داخل الجنوب عبر إرسال قوافل مساعدات رسمية منها وشعبية.
ما أثاره جهاز الأمن والمخابرات من معلومات عن الدعم العسكري والإيواء للحركات المسلحة السودانية وبخاصة الإشراف على ملف “قطاع الشمال” ليس محض افتراء وتربص، وإنما معلومات موثقة من الأمم المتحدة نفسها، التي يبدو أنها لم تعد تحتمل حالة التخبط واللا مبالاة التي يمارسها نظام الرئيس الجنوبي “سلفا كير ميارديت”، الذي لم يتعظ بالحصار الذي أحاط به والأزمات الأمنية والاقتصادية والإنسانية تضرب جدار حكومته من كل الاتجاهات، لم يتعظ لكي يعيد قراءة الأحداث ويتولى مسؤولية ترتيب بيته من الداخل، يوقف الحرب ويغيث المحتاجين ويعالج الجرحى، فكان الواقع أنه عندما همت الحكومة السودانية لمساعدته في واحدة من مسؤولياته الأساسية وهو إغاثة المتضررين وإيواء اللاجئين كان الرد هو نكران الجميل والتصويب في اتجاه أن لا يتعافى السودان من الحروبات والاقتتال كما هو الحال في أغلب الولايات الجنوبية.
لا نعرف لمصلحة من تفعل جوبا هذه الأفاعيل التي لا يقبلها عقل بشري.. يأتي نائب الرئيس الجنوبي “تعبان” في خضم تفاقم الأزمة الداخلية في بلاده مستجيراً ويعد بأن لا إيواء للحركات المسلحة بعد الآن، لكن الواقع يكون مغايراً، ويكون الإيواء في كل يوم.
حسناً فعل جهاز الأمن المخابرات رغم أن مؤامرة حكومة دولة الجنوب باتت معروفة.. حسناً أنه فضح أمرها ومضى إلى تحذّير جوبا من مغبة التدخل في الشأن السوداني، وطالبها بالكف الفوري عن التدخل بأشكاله وصوره كافة.
جوبا تحتاج لنبرة أقوى من التحذير المتكرر.. تحتاج أن يقطع عنها وصل الغذاء والكساء حينها ستعلم أي فعل تقوم به، والأغرب في كل ذلك أن “سلفا كير” بات محاصراً لدرجة كبيرة، حيث إنه بدأ يقرأ الواقع الداخلي بشكل مختلف، ويفكر في مغادرة الكرسي بالبحث عن بديل مناسب، ومع ذلك يفكر تفكيراً سالباً وهو يدعم المعارضة المسلحة السودانية.. أتمنى أن تتعامل جوبا مع هذا التحذيرات وتأخذها مأخذ الجد.. والله المستعان.