رأي

مجرد سؤال

 (من غشنا فليس منا)
رقية أبو شوك
 
حقيقة أصبت بالدهشة والذهول والخوف في نفس الوقت وأنا أتابع عمل الفريق الموحد لحماية المستهلك وضبطه للمصانع العشوائية ومنتجات منتهية الصلاحية وأخرى فاسدة.. تتم الإبادة ومن ثم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين.. أصبت بالدهشة والذهول لكوني لم أتخيَّل أن مجتمعنا السوداني وصل لهذه المرحلة.. أما خوفي فكان نتيجة ما يمكن أن يحدث حالة استخدامنا للمواد الفاسدة أو منتهية الصلاحية، وخوفي يزداد عندما أتيقن بأن هنالك من استخدم المنتج.
نعم، غاب الضمير والوازع الديني وبات الهم هو الربح السريع والوصول إلى (الغنى) بالطرق (الملتوية) التي قد تتسبب بطريقة أو بأخرى في إصابة الكثيرين بالأمراض نتيجة تناولهم لهذه المواد منتهية الصلاحية أو تلك المنتجة من المنشأة العشوائية.
فالمواطن المغلوب على أمره لا يدري الصلاحية، ولكنه بات (مغشوشاً) من قبل جهات لا تعرف الدين وتتناسى في ذات الوقت قول رسولنا الكريم (من غشنا فليس منا).. فعندما تدير منشأة عشوائية أو توزع مواد فاسدة ومنتهية الصلاحية فإن هذا هو الغش بعينه.
فلماذا كل هذا؟ ونحن ندري تماماً مدى خطورة هذا العمل،
فالدين والتحلي بالقيم الإسلامية السمحة هو الذي يقف سداً منيعاً أمام كل هذه الأشياء.
فالمجتمع السوداني ماذا أصابه وحتى وقتاً قريباً جداً كان لا يعرف مثل هذه الأشياء؟.
هنالك أيضاً الكثير من السلع غير (أصلية)، فالسوق ملئ (بالأصلي) وغير (الأصلي)، ولكن المستهلك لا يعرفه فقط متروك لضمير التاجر.
فلماذا إذاً غير (الأصلي) مادام أن (الأصلي) متاح.. فهنالك مقولة تقول: (أنا فقير، ولكني لن اشتري الأرخص). فالأرخص أو غير (الأصلي) هو الذي يكلفك الكثير، ولكن عندما تشتري (المجوَّد) فحتماً فإن هنالك فارق زمني كبير ما بينهما في العمر، لأنك لن تعاود الكرة مرة أخرى للشراء، وتكون قد وفرت لنفسك الوقت والجهد والمال، وبالتالي توفرت الثقة في السوق والمنتج والتاجر.
ولكننا الآن نعيش واقعاً آخر.. نشتري ويكون مكان ما اشتريناه (السلة).. وهكذا لتبدأ رحلة أخرى من الشراء.
أقول هذا.. وفي الخاطر أيضاً القرار الشجاع من قبل الدولة بإيقاف الفواكه والخضر المصرية والتي من بينها البرتقال وإطلاق تحذيرات للمواطنين بعدم تناولها واستيرادها، ولكن في نفس الوقت هنالك من يقوم بتهريبها وبيعها للمواطن وإقناعه بجودتها لتصيب الأسرة بأمراض نتيجة لتناولها وهو لا يعلم أنها فاسدة، ولكنها اشتراها وكله ثقة.
فالسؤال الذي يفرض نفسه لماذا التهريب وهنالك قرار بالإيقاف؟.. فالدولة عندما (قامت) بإيقافها هي تدري مدى خطورتها في حالة تناولها وقد نبهت لذلك، ولكن هنالك من يسعون للربح السريع حتى وأن كان على حساب صحة المواطن.. لذا فالتهريب من أولوياتهم.
فلابد أن نشير هنا إلى السلع المحظور استيرادها والتي شملت بالإضافة إلى البرتقال والخضر والفاكهة الفراولة والأسماك المعلبة والصلصة والكاتشوب.. وأقول : ـ (لماذا كنا في الأصل نستوردها، ونحن مؤهلون جداً لإنتاجها ولدينا إمكانيات هائلة في هذا الجانب؟).. فبرتقال ولايتي نهر النيل والشمالية، وبرتقال جبل مرة يكفي البلاد ويزيد .. أما الأسماك فلدينا من المسطحات المائية لإنتاج الكثير من الأسماك والاستزراع السمكي ووزارة الثروة الحيوانية قادرة على ذلك، كما أن بحيرة سد مروي تحكي روعة المشهد بعد أن غزت أسماكها كل مناطق الشمالية وغيرها من الولايات… أما الصلصة والكاتشوب فرئيس الجمهورية “عمر البشير” أرسل رسالة للجميع وهو يفتتح مصنع كريمة للخضر (بأن أبناء السودان لن يتناولوا بعد اليوم طماطم ومنتجاتها من “الكاتشب” و”الصلصة” فاسدة وغير نظيفة، بل سيتناولون منتجات نظيفة (100%).
نعم، فمصنع كريمة هذا يعتبر من المصانع القديمة جداً، وكان مشهود له بالكفاءة والإنتاج المتميز، وكان هنالك مزارعون متخصصون في زراعة طماطم مصنع كريمة، وكانوا يسمونها (طماطم المصنع)، وكان هذا الإنتاج يذهب للمصنع بعد أن تأتي مركبات لنقل المنتج ذا الشكل البيضاوي، ومازلت أتذكره حتى الآن وأنا في السنين الأولى من عمري.
الآن نحمد الله كثيراً على إعادة تشغيله مرة أخرى لنتناول عبره منتجاً سودانياً نظيفاً بنسبة (100%)، كما قال الرئيس ….شكراً سيادة الرئيس..شكراً الولاية الشمالية وهي تحتضن هذا المصنع العملاق، والشكر أيضاً للفريق الموحد لحماية المستهلك وهو (يضبط ويوقف ويبيد) فقط من أجل حماية المستهلك.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية