تقارير

وزراء بيدهم ملفات مهمة أبرزهم "بدر الدين" و"غندور".. هل سيبقون في حكومة الوفاق الوطني؟؟

وزير المالية.. بعد التلويح بالاستقالة هل يبقى؟؟

فاطمة مبارك

 جاء كل من وزيري الموارد المائية والري والكهرباء “معتز موسى” والمالية “بدر الدين محمود” وفقاً للتشكيل الوزاري للعام  2013 ديسمبر، فيما عين وزير الخارجية بروفيسور “إبراهيم غندور” في يونيو 2015 خلفاً لـ”علي أحمد كرتي”، وفضل حينها الوزيران “معتز موسى” و”بدر الدين محمود” الابتعاد في أيامهما الأولى عن الإعلام إلا أن “بدر الدين” وجد نفسه تلقائياً يخوض هذا المجال، وشهد عهده رفع الدعم عن المحرقات مرتين آخرهما في نوفمبر 2016 عندما قررت الحكومة تحرير سعر الوقود والكهرباء، فشهدت السلعتان ارتفاعاً طفيفاً ما عدا الغاز الذي تضاعف سعره وما زال في زيادة مستمرة، وظهر وقتها وزير المالية “بدر الدين” مع رصفائه وزراء القطاع الاقتصادي في المؤتمر الصحفي الذي عقد ليلة (الخميس) وبصورة مفاجئة لإعلان هذه الحزمة الاقتصادية مرتبكاً وهو يعلن ما اصطلح على تسميته حزمة القرارات الاقتصادية.
“بدر الدين” رغم ابتعاده عن الإعلام، إلا عند الضرورة، تعرض لضغوط من قبل الإعلام عندما قال ذات مرة في البرلمان “سنرفع ما تبقى من الدعم عن المحروقات”، وعندما أبرزت صحف اليوم التالي المعلومة نفى الوزير ما نشر على لسانه بعد تعرضه لضغوط من قيادته العليا، لكنه فوجئ بأن الحديث كان مسجلاً، وعندما كثر طرق الإعلاميين على الموضوع، أعلن أنه سيستقيل وقال بالحرف الواحد (أنا ما قاعد بعد إجازة الميزانية)، إلا أنه لم يستقل، وقال بعد إجازة الميزانية إن موضوع استقالته متروك لخيارات حزبه المؤتمر الوطني.. ورغم أن حديث “محمود” يشير إلى أنه سيخرج في أول تشكيل وزاري، لكن حسب المعلومات المتوفرة فربما يكون من بين الوزراء الذين اختارهم المؤتمر الوطني للاستمرار في الوزارة.. ومن بين الأسباب التي يعتقد المراقبون أنها ستبقي “بدر الدين محمود” في منصبه رغم ما تعرض له من انتقادات في الإعلام موضوع الحكومة الإلكترونية الذي ربط كل التعاملات المالية بشبكة إلكترونية وحصر المرتبات وفق نظام الخزانة الواحدة الذي يتوقع أن يقلل من ظاهرة الفساد،  والمشروع كان مطروحاً قبله كفكرة وخطة لكنه انطلق في عهده وتم تطبيقه فعلياً، وربما طبيعة العمل فيه تتطلب وجود الوزير لمواصلة ما بدأه من عمل في هذا المشروع.
من ناحية أخرى، يشير بعض المختصين إلى العلاقة التي تربط بين “بدر الدين محمود” والمؤسسات الإقليمية والدولية بحكم عمله فيها، والفترة القادمة تحتاج لتمتين هذه العلاقة على ضوء الانفتاح الكبير الذي يشهده السودان على محيطه الإقليمي والدولي، وفي ذات الاتجاه يرى المتابعون لملف السودان وأمريكا أن من أهم القضايا التي تحتاج إلى مواصلة دور الوزير موضوع رفع العقوبات الأمريكية عن السودان التي تم رفعها جزئياً في شهر يناير من هذا العام ورهن رفعها نهائياً بتنفيذ السودان بعض الالتزامات، وهذا الأمر يحتاج لمتابعة الوزير الحالي بحكم أنه كان متابعاً لخطط الحكومة في هذا الشأن. كما أن “بدر الدين” يعدّ من الوجوه المعتدلة حيث لا يميل كثيراً في تصريحاته للربط بين سياسات الاقتصاد وتوجهات الحزب، وقد يكون مقبولاً خارجياً، إضافة لذلك فهو من الخبراء والمتابعين لسياسة البنوك ورجل أعمال مطلع على كل ما يدور في هذا القطاع، ومن بعد “محمود” خبر سياسة المصارف والبنوك، وحزبياً يعد من المؤثرين في الجانب الاقتصادي على صعيد الحزب، وهذا يضيف إليه ميزة المتابعة لطريقة إدارة الاقتصاد، لأن الخطط الاقتصادية للعمل التنفيذي تخرج من بوابة الحزب.
تخرج “بدر الدين محمود” في كلية الاقتصاد والعلوم الاجتماعية بجامعة الخرطوم، ونال ماجستير الاقتصاد من جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا.. عمل ببنك فيصل الإسلامي السوداني ووزارة التجارة، وكان مديراً عاماً لشركة “كوبتريد”، في العام 1996، عين مديراً عاماً لبنك النيلين للتنمية الصناعية، ثم مديراً عاماً لمصرف المزارع ونائباً لمحافظ بنك السودان، ورئيساً لمجلس إدارة شركة الخدمات الإلكترونية المصرفية، ورئيس مجلس شركة “ترويج للخدمات المالية”، إلى أن أصبح وزيراً للمالية في خواتيم العام 2013.
{ “غندور” والمراهنة على رفع العقوبات
كذلك، يتوقع المتابعون احتفاظ بروفيسور “إبراهيم غندور” بمنصبه وزيراً للخارجية، ويجيء ذلك عكس توقعات بعض المحللين الذين كانوا يظنون أن بعض الملفات الخارجية لم تعد في يده، إلا أن هناك من يشهدون لـ”غندور” بأنه استطاع أن يقود السودان في مواجهة التحديات التي ظلت تحدد مسار علاقاته الخارجية، وينسب إليه أنه حقق اختراقات في مسار العقوبات الأمريكية المفروضة على السودان التي قادت إلى الرفع الجزئي، ويتوقع مراقبون كثر أن تقود الجهود للرفع النهائي بعد انتهاء الزمن المحدد من قبل إدارة الرئيس الأمريكي السابق “أوباما” وفقاً للسياسات والخطط التي يتبعها السودان حالياً. و”غندور” بدأ ملف العلاقات السودانية الأمريكية عندما كان مساعداً للرئيس بدعوة رسمية قبل تسلمه رسمياً مهام وزارة الخارجية في يونيو 2015م، حينما زار أمريكا والتقى مسؤولين واتفق معهم على مواصلة الحوار، وبذلك نجح في اختراق الملف نقل بموجبه التفاهم بين البلدين إلى صيغة حوار مباشر بعدما كانت العلاقة تدار عبر المبعوثين الدوليين.. وبعد تعيينه وزيراً للخارجية أكد “غندور” أنه تمت لقاءات على مستويات مختلفة اتفق فيها الطرفان على الحوار الجاد، بعدها تم رفع العقوبات عن آليات زراعية وبعض الأشياء الخاصة بالإلكترونيات، ومن ثم جاء الرفع الجزئي للعقوبات.
أحد الممسكين بملف العلاقات الخارجية قال لـ(المجهر): (في عهد “غندور” تم تطبيع العلاقة مع دول الخليج ودول أوروبا وبقاؤه فيه إشارات للداخل والخارج أن السودان ماضٍ في سياسة الانفتاح والتعاون مع  المجتمع الدولي من خلال تعميق شراكاته مع التكتلات الجديدة في الشرق الأوسط والمحيط الأفريقي).. لكن وفقاً لتأكيدات أحد المقربين من الحزب والجهاز التنفيذي فإن السبب الأساسي لبقاء “غندور” هو مواصلة ما بدأه من حوار مع أمريكا للوصول إلى الرفع النهائي للعقوبات ومراهنته على ذلك، وهذا يقتضي مراجعة المسارات الخمسة التي حددتها أمريكا وتتمثل في إحلال السلام في السودان، ومواصلة الجهود في مكافحة الإرهاب، وتقديم التسهيلات في وصول المساعدات الإنسانية لمناطق يسيطر عليها المتمردون في النيل الأزرق وجنوب كردفان، والإسهام في إحلال السلام في جنوب السودان، والتوقف عن دعم جيش الرب.. وكما قال دكتور “قطبي” في حوار مع (المجهر)، السودان التزم بهذه المسارات وطلبها أصبح تحصيل حاصل.
كذلك عهده شهد عودة السودان إلى المنظمات الإقليمية والدولية، فاختيار وزير خارجية تشاد السابق رئيساً لمفوضية الاتحاد الأفريقي يعدّ كسباً للسودان، كما أن اختيار الأستاذة “أميرة الفاضل” لمفوضية الشؤون الاجتماعية بالاتحاد الأفريقي يشير إلى تقدم علاقة السودان مع مؤسساته الإقليمية.
{ “معتز” وضرورات إنفاذ الاستراتيجيات المائية
ثالث الوزراء الاتحاديين الذي يتوقع المتابعون بقاءه في وزارته وزير الموارد المائية والري والكهرباء “معتز موسى”، الذي يعدّ كذلك من القيادات الشابة التي دفع بها المؤتمر الوطني لتجديد دماء الجهاز التنفيذي في ظل تساقط وجوه أخرى، خلفاً لـ”أسامة عبد الله”، ومن أقوى الأسباب التي تشير إلى بقائه ما حققه من نجاحات في الملفات التي أوكلت إليه وكلف بها، ووجوده تحتمه مقتضيات وضروريات أساسية مرتبطة بإنفاذ الإستراتيجية المائية للسودان الخاصة باستكمال منظومة الخزانات التي اكتمل بعضها، بجانب مشروعات حصاد المياه وزيادة توليد الطاقة الكهربائية ومد الشبكة القومية إلى بقية أنحاء السودان، وهو مهموم بمصادر الطاقة الكهربائية والانفتاح على الطاقة المتجددة.. “معتز” قاد التفاوض المتعلق بموضوع المياه بعد بناء “سد النهضة” في وقت مهم بالنسبة للسودان، والواقع يتطلب مواصلة هذا  الجهد، خاصة أنه عرف تفاصيل الملف وما ينبغي فعله مستقبلاً بالنسبة للسودان، ومواصلة هذا المشوار تحتاج إلى توسيع مواعين الطاقة الكهربائية لأن السودان سيشتري حصة معتبرة من كهرباء السد لدعم الشبكة القومية في السودان، واستقرار السياسات تجاه استدامة التوليد الكهربائي والسياسات المائية تعدّ أحد مرتكزات الأمن القومي.. وفي ذات الاتجاه الوزير أصبح له دور إقليمي بترؤسه مجلس وزراء مياه العرب في الوقت الراهن، وله خبرة واسعة في مجال عمل فيه ما يقارب العقدين من الزمان استطاع خلالهما بناء مؤسساته، لكن البعض رأى انه في اشارات الرئيس في أكثر من محفل للوزير السابق “أسامة عبد الله” والإشادة به ربما ترجح عودة الرجل مرة أخرى.
 تقول سيرة “معتز موسى” الذاتية إنه من بلدة صراصر، ودرس بجامعة الخرطوم كلية الاقتصاد، وبعد التخرج انخرط في العمل الطوعي الحزبي، حيث عمل مديراً للمركز القومي للإنتاج الإعلامي في بداية التسعينيات وانتقل بعد ذلك للعمل الدبلوماسي، ومن ثم إلى إدارة السدود وتدرج حتى أصبح وزيراً لوزارة الموارد المائية والري والكهرباء خلفاً للوزير السابق “أسامة عبد الله”.. و”معتز” يبدو من الزاهدين في العمل الوزاري، لكن الأسباب الإستراتيجية التي ذكرناها جعلته يتصدر قائمة وزراء المؤتمر الوطني الذين يتوقع احتفاظهم بمناصبهم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية