شهادتي لله

عن تعدد الزوجات.. نحدثكم

{ دعا رئيس هيئة علماء السودان الشيخ البروفيسور “محمد عثمان صالح” في ما أبرزته (المجهر) أمس عنواناً رئيساً، إلى تعدد الزوجات للحد من انتشار العنوسة في بلادنا، وحفظاً للمطلقات من الفتنة، درءاً للمفاسد وتحصيناً للمجتمع من الانحرافات السلوكية التي تكاثرت في مجتمعنا خلال الآونة الأخيرة.
{ ولا شك أن ما ذهب إليه الشيخ رئيس هيئة العلماء، صحيح ومطلوب بنص الآية الكريمة التي استشهد بها: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا).. صدق الله العظيم.
{ وقد أباح الله تعالى التعدد في الزوجات بموجب هذه الآية، ابتداءً حفظاً لحق اليتامى (المادي)، وتأكيداً لشرط الإنفاق والقيام بتكاليف الزواج من صداق ومعيشة وسكن، ويروي “عروة بن الزبير” أنه سأل أم المؤمنين السيدة “عائشة” رضي الله عنها، عن معنى الآية الكريمة: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى…)، فقالت: هي اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في جمالها ومالها، ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة نسائها، فنهى الله عن زواجهن إلا أن يقسطوا لهن في إكمال الصداق أو الزواج من غيرهن من الغريبات.
{ وقبل نزول الآية، كان رجال “قريش” يتزوجون من أوليائهم، من اليتيمات، إذا أعجبهم جمالهن ومالهن، حتى لا يأتي غريب فيقاسمهم في مالهن، ولا يدفعون لصداقهن ما جرت عليه العادة، فنهى الله عن ذلك، وأباح لهم الزواج مثنى وثلاث ورباع من الغريبات، إذا لم يوفوا اليتيمات حقهن في الصداق.
{ ويتأكد مما ورد أن شرط المسؤولية والالتزام (المادي) مهم في أمر الزواج حتى للواحدة، فما بالك بالتعدد المشروط بـ(.. فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً..)، والعدالة تشمل الإنفاق والمبيت.
{ ومثلما أن تعدد الزوجات يحفظ القادر والمستطيع، ويقلل العنوسة ويحصن المطلقات، فإن التعدد المفتوح للجميع على إطلاقه، يجلب أيضاً المزيد من المفاسد، فكم من زوجات أو مطلقات من ضحايا (تعدد المتعة العبثي) يترددن كل يوم على المحاكم الشرعية في السودان طلباً للنفقة، وبحثاً عن (العدالة) التي جعلها الله الحكم العدل، شرطاً جامعاً.. قاطعاً.. ومانعاً للتعدد.
{ والرسول “صلى الله عليه وسلم” يقول في الحديث الصحيح: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج.. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء). وقد اتفق أكثر العلماء على أن الباءة وتعني (النكاح)، يقصد بها هنا (مؤونة النكاح) ومستلزماته، وليس (الوطء) فحسب، وإلا لما حدثنا رسولنا الكريم عن الصوم وهو يعلم أن العاجز عن (الوطء) لا يحتاج للصوم لمنع شهوة النساء.
{ إذن قبل إباحة التعدد (على الشيوع)، يجب أن نحدد المسؤوليات والالتزامات المادية على الزوج وإن كان محدود الدخل، ونشدد عليها، وألا نزوج بناتنا لمن لا يرجى منه أمل في كسب حلال ونخوة، خاصة إذا كانت الزوجة فقيرة أو بلا عمل.
{ نعم لتعدد الزوجات للقادرين عليه.. صحة ومالاً، العادلين.. الموفين بحقوق نسائهم وأبنائهم بما استطاعوا من رزق، وليس للمعدمين.. والمرضى.. أو الباحثين عن المتعة بإهمال.
{ والله أعلم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية