أخبار

حريق معلن

هي واقعة موت معلن.. حيث أصبح الموت هناك شيئاً يألفه الإنسان ويتعايش معه مثل مرض الملاريا.. ونقص الماء.. وشح الدواء.. ورغم أن الموت حقيقة منذ الأزل، إلا أن الإنسان لم يألفه.. إلا في السودان بمناطق النزاعات والتمرد.. والفوضى وانحسار سلطة الدولة التي لا تشعر بها إلا في الخرطوم بالقرب من القصر الجمهوري.. ومجرد الابتعاد عن المركز فإن السلطة تصبح شبحاً.. وإذا كانت ولاية الخرطوم تشرع في جعل حمل السلاح الأبيض جريمة يعاقب عليها القانون، فإن ولايات سودانية أخرى لا يعتبر حمل البندقية الكلاشنكوف والجيم ثلاثة والقرنوف جريمة.. في مساء (الجمعة) الماضي شهدت قرية السنجكاية الواقعة على الشارع الرئيس الأبيض -كادقلي حادثة مفجعة، حيث قتل شاب وأصيب آخر جراء عملية (كمين) نصبه  لهما مجهولون أثناء عودتهما من مناسبة اجتماعية حوالي الساعة الثانية عشر ليلاً.. القتيل لم يسلك الشارع الأسفلتي تفادياً لنقطة الجيش بخور الأزيرق، حيث يتم حجز العابرين بالجسر بعد سريان وقف الحركة.. واتخذ المرحوم طريقاً يبعد عن نقطة الجيش بأمتار محدودة، لكن تفاجأ بوابل النيران التي انطلقت نحو دراجته البخارية فسقط مضرجاً في دمائه.. وجرح رفيق دربه، وعند تقصي أثر الجناة في صباح (السبت).. قاد الدرب حتى منزل أحد المواطنين بالقرية.. وتجمعت حول المنزل حشود من المسلحين بكل أنواع الأسلحة وتم حرق المنزل بكامله.. وكادت عمليات الحريق أن تقضي على روح مدير شرطة محلية القوز النقيب “محمد عبد الله” ومدير جهاز الأمن النقيب “أحمد صلاح” أثناء محاولاتهما تفريق المواطنين بالتحنيس وإنقاذ ممتلكات الرجل المتهم بدخول الجناة أو الجاني منزله.. ولكن عناية الله ويقظة بعض المواطنين أنقذتهما من الموت والمواطنون الثائرون يحضرون البنزين ويشعلون النيران في البيوت في رابعة النهار الأغر.. والشرطة تجمع النساء وبعض الأطفال وتضعهم تحت حراستها خوفاً عليهم من هجمات الغاضبين والثائرين.. وعمدة المنطقة “شرف الدين شنتو” والناظر “بقادي محمد حماد” يطيبان خاطر الأسرة المكلومة.. وذات القرية شهدت قبل شهرين من الآن مقتل رجل في منزله بعد أن هجم عليه ملثمون لسرقة دراجة بخارية.. وفشلت الحكومة في القبض على الجناة بعد تتبع الأثر حتى بالقرب من مناطق سيطرة الحركة الشعبية.. وقوات الشرطة وجهاز الأمن في تلك المنطقة تعوزهما القدرات البشرية والإمكانيات الحركية.. لمجابهة فوضى النهب والقتل والسرقات والتمرد ضد سلطة الدولة.. ورغم الجهود التي بذلها الضباط والجنود في كبح جماح الفتنة يوم (السبت) الماضي، إلا أن ضعف الإمكانيات وتقدم سلاح المواطنين على سلاح الدولة يجعل حاملي السلاح لا يهابون السلطة.. ولا يحترمونها.
ولكن تبقى الجريمة مسؤولية من اقترفها شخصياً ولا تزر وزارة وزر  أخرى.. ولذلك أي تفسير عنصري وقبلي للأحداث من شأنه خدمة أجندة التمرد، لذلك ينبغي التعامل مع الأحداث بوعٍي ومسؤولية سياسية واجتماعية حتى لا يتمدد حريق المنازل المحدودة من قبل فئة (متفلتة) في لحظة غضب لحريق للوطن والمنطقة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية