تقارير

رئيس البرلمان البروفيسور "إبراهيم أحمد عمر".. الظهور بشكل مختلف!

على خلفية انسحاب وزير الإعلام من الجلسة وإعلان وزير المالية اعتزامه الاستقالة
الخرطوم – محمد جمال قندول
بصورة مفاجئة شغل وزير المالية “بدر الدين محمود”، وهذه المرة ليس بسبب شيء ما يتعلق بالاقتصاد، وإنما بإعلانه عزمه على التقدم باستقالته من داخل قبة البرلمان، في سياق ملاسنات مع النواب، وسبق ذلك بساعات كانت الأوساط الإعلامية، خصوصاً وسائط التواصل الاجتماعي، قد شغلت بحادثة انسحاب وزير الإعلام د.”أحمد بلال” من البرلمان على خلفية غضبه من حديث رئيس البرلمان. 
وتصدرت أخبار جلسات الهيئة التشريعية الصحف والوكالات ومواقع التواصل الاجتماعي بصورة غير معهودة طيلة الأيام الماضية، فهذه المرة اختلف التناول الصحفي للجلسات وما يدور فيها من نقاشات، حيث تركزت على الشخصية الصارمة التي ظهرت في رئيس البرلمان البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر”، والذي كان بطلاً لحادثتين متتالتين على مدار يومين. 
}استقالة وزير المالية
وبحسب ما ورد بصحف الأمس التي تصدرت مانشيتاتها إعلان استقالة وزير المالية بصورة مفاجئة، فإن جلسة البرلمان التي خصصت في ختام التداول حول ورقة معاش الناس، شهدت نقاشاً ساخناً بين رئيس الهيئة التشريعية البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” ووزير المالية، حول الورقة التي قدمها رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية “أحمد مجذوب” حول معاش الناس، حيث قلل “بدر الدين محمود” من شأنها، وطالب البرلمان بعدم رفع سقف التوقعات لمعاش الناس، وقال: إن الأولوية للأمن والدفاع، متعهداً في ذات الوقت بزيادة أجور العاملين بالدولة حال توفر إيرادات حقيقية، بينما انبرى “إبراهيم أحمد عمر” للتأكيد على ضرورة وضع زيادة أجور العاملين بالميزانية الجديدة، بدلاً من (المخارجة) حسب وصفه، من قبل وزارة المالية، في إشارة منه إلى الحوافز في مناسبات الأعياد التي أعلنتها المالية وفق اتفاقها مع اتحاد العمال مؤخراً، الأمر الذي فجّر نقاشات مع النواب، أعلن على إثرها عن استقالته من الوزارة  نهاية (ديسمبر) الجاري، قبل أن يقاطعه رئيس البرلمان بصورة عنيفة، قائلاً له: (هذا ليس مكاناً لتقديم الاستقالات، والاستقالة محلها المؤسسات التي عينتك وزيراً للمالية،  وهي التي تبت في أمر مغادرتك أو بقائك)، كان ذلك موجز  الخبر الذي حملته عناوين الصحف البارزة، والذي أثار جدلاً كثيفاً بين مؤيد ومعارض لسلوك النواب ورئيسهم ووزير المالية.
}انسحاب بهدوء
وكان وزير الإعلام من جهته، بطلاً لحادثة مشابهة في التفاصيل ومختلفة في الخواتيم قبل يومين، فإذا كان وزير المالية قد أعلن استقالته، فإن د.”أحمد بلال” وزير الإعلام قد سبقه بالانسحاب  من الجلسة بهدوء تام، وكان وزير الدولة بالإعلام “ياسر يوسف” قد شن هجوماً عنيفاً أثناء مخاطبته للنواب في المجلس الوطني، على محطة فضائية لم يسمها، قال إنها حصلت على الترخيص كقناة اقتصادية، وانحرفت عن مسارها، قبل أن يقاطعه رئيس الهيئة التشريعية، بروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” قائلاً: “التراخيص دي البديها منو؟.. مش انت والقاعد شمالك دا؟”، في إشارة منه إلى وزير الإعلام د.”أحمد بلال عثمان”،  الذي كان يجلس يسار “ياسر يوسف”. وعقب انتهاء الأخير من كلمته انسحب “أحمد بلال” بهدوء من الجلسة.
“أحمد بلال” في ثنايا تصريحات سابقة لـ(المجهر) قال إنه انسحب لأمر طارئ، ونفى أن تكون موجة غضب انتابته، ودفعته لمغادرة الجلسة، محملاً بعض وسائل الإعلام مسؤولية  تهويل الأمر، على حد قوله.
}شخصية غير معهودة
وأبرزت الحادثتان بصورة مفاجئة  معالم شخصية غير معهودة للبروفيسور “إبراهيم أحمد عمر”، اتسمت بالحسم والحزم الشديد في الرد على كل وزير يأتي لقبة البرلمان ليطرح تقريره عن أداء وأعمال وزارته، وهي سمة كانت غائبة طيلة الفترة الماضية التي تولى فيها “عمر” المسؤولية الأولى تحت قبة الهيئة التشريعية، حيث كان يتسم بالهدوء وعدم استفزاز الآخرين، بجانب رؤيته العميقة للأمور.
وبحسب مراقبين فإن شخصية رئيس البرلمان الحالية هي المطلوبة لضبط العمل التشريعي بصورة موضوعية خاصة وأن هنالك تفلتات أحياناً تحدث من قبل النواب أو الوزير المعني بإلقاء خطاب أو تقرير أداء، في وقت يرى فيه الخبراء أن حديثي وزيري الإعلام والمالية،  ظهرا بصورة كبيرة في وسائل الإعلام، لسبب أن رئيس البرلمان لم يكن معهوداً فيه الحديث بهذه النبرة الحادة أو الحاسمة.
ويشير الخبراء إلى أن البرلمان يتطلب أن تترأسه شخصية قوية وحاسمة، وهو ما بدأ يظهر في الرئيس الحالي بروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” مؤخراً.
الفريق “أحمد إمام التهامي” رئيس لجنة الأمن والدفاع، في تعليقه على الأمر، قال لـ(المجهر) إن سلوك البرلمانيين مقبول جداً، وأشار إلى أن وزير الإعلام نفى أنه انسحب لمشكلة، وأن البروف من ناحية إدارته للبرلمان يوزع  الفرص بعدل وبهدوء، وقال إنه يخاف الله ولم نلمس منه أي تعسف أو استفزاز لشخص طيلة الفترة التي ترأس خلالها الهيئة التشريعية.
في وقت قال فيه برلماني رفض إبراز اسمه لـ(المجهر) إن رئيس البرلمان لم يعمد على استفزاز الوزير، وإن الأخير هو الذي استفز نواب البرلمان بالتقليل من شأن ورقة رئيس اللجنة الاقتصادية، وأردف بالقول متسائلاً: ” وبعدين.. يقدم استقالتو لشنو من جوه البرلمان؟ عشان هو خلاص ماشي بعد دا ؟”.
ويبدو أن الفترة المقبلة ستشهد حسماً كبيراً من الهيئة التشريعية للوزراء والوزيرات خاصة، وأن تقارير الأداء النهائية سترفع للبرلمان من جميع مؤسسات الدولة  للبت في أمرها، بجانب أن الأنظار ستكون مسلطة عليها أكثر من أي وقت مضى، بسبب إيداع منضدته  الأسبوع المقبل، مشروع التعديلات الدستورية، إنفاذاً لمخرجات الحوار الوطني، ويتوقع أن يفرغ البرلمان من النظر فيها خلال فترة الشهرين المقبلين، الأمر الذي يتطلب حسماً كبيراً من رئيس البرلمان، خلال  النقاشات المستفيضة المتوقعة التي ستفجرها التعديلات المقترحة على الدستور.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية