رأي

بعد ومسافة

 (العقوبات) هل صحيح ما رواه البعض عنها؟
مصطفى أبو العزائم
 
فجَّر السيد “محمد عبد الله الدومة” نائب رئيس حزب الأمة القومي مفاجأة داوية، ما قال بها أحد من قبله، ولا خطرت بقلب سياسي أو بشر، عندما اتهم وهو في الولايات المتحدة الأمريكية الرئيس المصري الأسبق “محمد حسني مبارك” بأنه كان وراء العقوبات الأمريكية التي فرضت على السودان، وذلك قبل عهد الإنقاذ بعام.. أو كما قال.
حديث السيد “الدومة” وفق ما نشرته صحف الأمس في الخرطوم، جاء في إطار ندوة إسفيرية عبر الهاتف، بعنوان (جدوى رفع الحصار الاقتصادي في ظل النظام الحالي) ويستتبع هذا العنوان – بالقطع – جملة ضرورية ومهمة وهي (تحديات العمل المعارض بالداخل، وكيفية العلاج).
أما الندوة انطلقت أواخر الأسبوع الثاني من مارس الحالي، تحديداً في الثاني عشر منه، شارك فيها وأدارها رئيس حزب الأمة القومي بأمريكا السيد “محمد الدودي” ومسؤول حركة العدل والمساواة هناك السيد “شاكر عبد الرسول” بالإضافة إلى السيد “محجوب حسين” أمين التخطيط الإستراتيجي بحركة العدل والمساواة ومعهم صاحب المفاجأة الكبيرة السيد “محمد عبد الله الدومة” الذي عزز اتهامه ذاك بـ(فرضية) أن الرئيس “محمد حسني مبارك” لم تعجبه الديمقراطية التي تمتع بها الشعب السوداني في أعقاب إسقاط نظام الرئيس الراحل “جعفر محمد النميري”.. رحمه الله – فأوعز إلى الأمريكيين بفرض تلك العقوبات، وقال: إن استمرار العقوبات الأمريكية كان بسبب سلوك حكومة الإنقاذ التي وصلت إلى الحكم عن طريق انقلاب عسكري في يونيو من العام 1989م.
ما ذهب إليه السيد “الدومة” لا نعرف إن كان تحليلاً أو اجتهاداً منه، أو هو نتيجة معلومات حقيقية مؤكدة.
طبعاً إن كان ذلك الأمر اجتهاداً من السيد “الدومة” أو تحليلاً، فذلك حقه القائم على فرضيات سياسية مبنية على واقع عام، ولكن إن كان ما قال به السيد “الدومة” هو حقائق مبنية على معلومات، يحق لنا أن نتساءل لماذا صمت عليها هو وحزبه حتى ساعة رفع العقوبات، ولم يفصح عنها من قبل؟، بما يجعله هو نفسه وكامل حزبه في غرفة القيادة المركزية يقعون في دائرة الشبهات، بسكوتهم عن الحق وتواطؤهم – بالصمت – في جريمة فرض العقوبات الأمريكية على السودان، ضمن الكيد السياسي للنظام الذي يناصبه حزبهم العداء.
السيد “الدومة” ذهب إلى أبعد من ذلك، وقال: إن استمرار العقوبات كان بسبب سلوك الحكومة الحالية الذي لم يكن إيجابياً بالنسبة لواشنطن، لكنه قال: إن العقوبات لم تكن ذكية بحيث تؤثر على الحكومة والنظام دون الشعب السوداني، وقد تأثر عموم المواطنين بتلك العقوبات.
طبعاً لا يهمنا كثيراً ما دار في تلك الندوة، لأنه يتكرر كثيراً في خطاب المعارضة والحركات المسلحة، ويتركز بصفة خاصة على ضرورة مراجعة العقوبات، وأن تستمر بصورة ذكية تؤثر على الحكومة لا المواطن. لكن هناك مفاجأة أخرى فجَّرها السيد “محمد عبد الله الدومة” الذي يزور الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام، بقوله: إن حزب الأمة القومي كان يعلم منذ فترة طويلة أن العقوبات سيتم رفعها، وهو ما يدفعنا للتساؤل المشروع حول جدوى إعلان كل هذه المعلومات القديمة (البايتة) في هذا الوقت، وبعد فوات الأوان؟.
إن كانت اتهامات السيد “الدومة” حقيقية، فلماذا سكت عنها هو وحزبه كل هذه الفترة التي قاربت الثلاثة عقود؟. وإن كانت معلوماته حقيقية بمعرفة رفع العقوبات، فلماذا لم يتصد هو وحزبه لها لإفشالها حتى يسقط النظام؟ طبعاً الإجابة ستكون صعبة، لأنها ستكشف أن الحزب الذي يملك المعلومات ولا يستثمرها هو حزب ضعيف، ويعاني من خلل في خلايا تفكيره السياسي، وإن كان يعلم برفع العقوبات ولم يستطع منع ذلك الرفع، فإن ذلك يعني أن خصوم النظام الحالي في الخارج لا يستمعون لأي صوت يدِّعي المعارضة، أو يحمل السلاح، وإنما يستمعون إلى صوت النظام نفسه.. وصوت المصالح.
نسأل الله الثبات على الحق، ونسأله التوفيق والنجاح والأمن والسلام والطمأنينة والنماء.. آمين.. و.. جمعة مباركة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية