(125) أسيراً يعودون للخرطوم من سجون الحركة الشعبية
الجيش: ملتزمون بوقف إطلاق النار.. وسنفرض السلام بالقوة
الفريق أول “عماد عدوي”: نقول للذين ينهبون ويقتلون (كفى)
الخرطوم – وليد النور – مهند بكرى
شهدت صالة الوصول بمطار الخرطوم توافد قيادات القوات المسلحة برتبهم المختلفة وزيهم المميز في انتظار أسرى طال انتظارهم، وتضاربت البيانات في أعدادهم، لكن الجيش أكد عبر بيانه أنه تسلّم (125) فرداً. وفيما احتشدت في باحة نادي ضباط قوات الشعب المسلحة، وتحديداً المسرح العسكري، أسر العائدين وأهلهم وقد سالت دموعهم كالمطر الغزير بين مصدقين ومكذبين أنهم يرون أبناءهم الذين كانوا في عداد الشهداء ونُصبت لهم السرادق وقُرئت عليهم سورة (يس)، لكن جاء الفرح من مبادرة أطلقها منبر (السائحون)، وتعاونت معها أجهزة الدولة المختلفة والصليب الأحمر، ثم تدخلت دولة يوغندا التي تحسنت علاقاتها مع السودان أخيراً كوسيط بين الخرطوم والحركة الشعبية مؤكدة على بدئها جهوداً تدعم وقف الحرب وإحلال السلام.
ووصف الجيش لحظات وصول الأسرى إلى النادي والتقائهم بأسرهم بـ(التقاء جيل البطولات بجيل التضحيات).
وقال مدير جهاز المخابرات الخارجي اليوغندي “جون مكوت” في كلمته خلال المؤتمر الصحفي بمطار الخرطوم لدى وصول الأسرى إن بلاده تقود مساعي لتحقيق السلام، معبراً عن سعادتهم بنجاح المبادرة، وأرجع وصول الأسرى إلى عائلاتهم للجهود التي قام بهاء رؤساء السودان وجنوب السودان ويوغندا مع الأطراف التي وقفت مع الاتفاق بجانب الحركة الشعبية.
و وصل مطار الخرطوم، مساء أمس (الأحد)، (125) من الأسرى الذين كانت تحتجزهم الحركة الشعبية قطاع الشمال، بينهم ثلاثة ضباط و(104) رتب أخرى، إضافة إلى (18) من المواطنين، من العاصمة الأوغندية كمبالا. وكان في استقبالهم بمطار وزير الإعلام “أحمد بلال عثمان” ونائب رئيس هيئة الأركان المشتركة، وعدد كبير من قادة القوات النظامية. وانتقل موكب الأسرى من المطار إلى نادي ضباط قوات الشعب المسلحة الذي ذرفت فيه أسر العائدين دموع الفرح واستقبلت أبناءها بالتكبير والتهليل، وحملوهم على الأعناق.
وأكد رئيس هيئة الأركان المشتركة الفريق أول ركن “عماد الدين عدوي” التزام القوات المسلحة بوقف إطلاق النار، وحيا العائدين من الأسر، وقال: (لقد أديتم الرسالة)، وأضاف: (السودان لن ينكسر طالما فيه أمثال هؤلاء)، وشكر أسر العائدين وأبناء الشعب السوداني كافة الذين احتشدوا في باحة المسرح العسكري بنادي الضباط لاستقبال العائدين، مضيفاً إن هؤلاء أدوا الأمانة وبذلوا الجهد والعرق في سبيل حماية العرض والدين والأرض. وتابع “عدوي”: (اليوم التقى الشعب مع أبطال القوات المسلحة والمجاهدين في سبيل عزة الدين ونعدّ اليوم يوماً وطنياً التقت فيه الأجيال وأوضحوا للجميع أنهم كانوا ثابتين كالجبال، موشحين بعزة وكرامة الوطن نقول لكم ألف حمد لله على السلامة وأنتم تحلمون صفات الشعب السوداني، ونستقبلكم نيابة عن السيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني والأجهزة الرسمية والنظامية كافة)، وأضاف: (نقول لكم إن الشعب الذي أنتم تمثلون قواته المسلحة جاء اليوم ليعبر لكم عن امتنانه لدفاعكم عن عرضه، وجاء ليقول لكم أديتم الرسالة، وجدتمونا ثابتين رغم كيد الكائدين والمرجفين الذين راهنوا على أن السودان سينكسر، ولكن نقول لهم هيهات، لأن لدينا أبطالاً كهؤلاء العائدين مثل العقيد “رفعت” وإخوانه ضباط الصف والمعدنين)، وقال: (القوات المسلحة ظلت أبية وقوية وحصينة بدعم الشعب الكريم، لذلك لن تفرط في الأمانة والرسالة، وسنقول لكم نحن الذين سنفرض السلام بالقوة وسنجبر الجميع على الخضوع للسلام، وهذه المبادرة الطيبة قادها الرئيس اليوغندي ونتقدم له بالشكر الجزيل، وكذلك رجال سهروا لفك إخوانهم، وتمكنوا بجهودهم من الالتقاء بكم)، وزاد: (نحن متمسكون بفرض السلام وملتزمون بوقف إطلاق النار حتى نعطي إشارة للذين يحملون ويقتلون المواطنين وينهبون الممتلكات ونقول لهم كفى).
وزير الإعلام “أحمد بلال عثمان” قال في المؤتمر الصحفي الذي عقده بمطار الخرطوم إن هنالك عدة جهات ساهمت في عودة الأسرى متمثلة في وزارة الخارجية والقوات النظامية بمختلف مسمياتها، وشدد على ضرورة وقف نزيف الدم بين أبناء الوطن، ودعا حاملي السلاح إلى ضرورة العودة إلى الوطن والالتحاق بمخرجات الحوار الوطني، مشيراً إلى التطور الذي حدث في علاقات السودان الخارجية والإقليمية.
وأصدرت القوات المسلحة بياناً ممهوراً بتوقيع الناطق الرسمي عميد ركن دكتور “أحمد خليفة الشامي”، أكدت فيه تسلّم القوات المسلحة لـ(125) من الأسرى الذين كانت تحتجزهم الحركة الشعبية قطاع الشمال. وأضاف البيان إن إطلاق سراح الأسرى جاء ثمرة لجهود مشتركة ومتصلة ظلت تقوم بها الحكومة ممثلة في وزارة الدفاع وجهاز الأمن والمخابرات الوطني وبعض أبناء الوطن المخلصين.
وثمنت القوات المسلحة في بيانها استجابة الحركة الشعبية، وعدّتها خطوة إيجابية تخدم الجهود الرامية إلى تحقيق السلام في البلاد، وأزجت الشكر إلى الأطراف والجهات كافة التي أسهمت في إتمام العملية وتقديم الخدمات اللوجستية، وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
إلى ذلك، جددت وزارة الخارجية الدعوة للحركات المسلحة للانخراط بصورة بناءة وجادة في عملية سياسية تفضي عاجلاً إلى توقيع إعلان وقف العدائيات، وقالت الخارجية في بيان لها، أمس (الأحد)، إن وقف العدائيات يفضي بدوره إلى الوقف الدائم لإطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية وفقاً للمبادرة المقدمة من الولايات المتحدة الأمريكية. وأكد بيان الخارجية أن عملية الإفراج عن الأسرى تمت بإشراف مباشر من وزارة الخارجية وعبر اللجنة الخاصة المصغرة التي ضمت وزارة الدفاع ووزارة الخارجية وجهاز الأمن والمخابرات الوطني ومجموعة (السائحون الوطنيون). وقالت الخارجية إن الإفراج عن الأسرى الذين كانوا في سجون الحركة الشعبية قطاع الشمال، تم بدعمٍ كاملٍ ورعايةٍ من رئيس الجمهورية المشير “عمر حسن أحمد البشير”، والنائب الأول ورئيس مجلس الوزراء الفريق أول ركن “بكري حسن صالح”، وبجهود مخلصة وصادقة من حكومة يوغندا والرئيس “يوري موسفيني”، لتتكلل عملية (النوايا الحسنة) بالنجاح وإطلاق سراح الأسرى.
وقد تعثر وصول (42) أسيراً وعامل تعدين في (يونيو) من العام الماضي، طبقاً لرواية الصليب الأحمر، بأن إرجاء العملية كان بسبب عدم حصول طائراتها التي هبطت آنذاك في “أصوصا” الإثيوبية على الموافقة بالإقلاع في الموعد المحدد.