مسالة مستعجلة
من هنا يبدأ الشهداء
نجل الدين ادم
(السادة الضباط أفصل السونكي)، ومنها يتقدم الضباط وهم يطلقون حناجرهم ويهتفون (لن ننسى أياماً مضت لن ننسى ذكراها لن ننسى أياماً مضت مرحاً قضيناها) وفي هذا اليوم الأغر انطلقت صيحة من يخاف الله في عبيده وبفرايحية واثق الخطوة يمشي ملكاً، انطلق الشهيد الذي في معاني مقولته السامية من هنا تبدأ الشرطة، كما لو أنه أراد أن يقول من هنا يبدأ الشهداء، وقال وفعل فكانت ليلة 12/2 هي ليلة عرس الشهيد.. إنه هو الشهيد الحي الذي غرس بذرة حب الناس ووفائه لهم في أكبر ملحمة تاريخية لم يعرف تاريخ السودان له مثيلاً. وكانت سيرته وسريرته ونقائه وعفويته الدرر في كثير من المواقف هو عنوان لهذا الجمع الغفير الذي احتشد من كل صوب ومن كل ناحية يشيعونه إلى مثواه الأخير فكانت عظمة الدعاء من جموع الداعين الذين تشرفوا في الحضور إلى مقابر الصحافة وكأن بالشهيد الحي الشهيد “الزبير” يدعوهم ليدعوا لأولئك الأموات وكأن به ينادي ويقول، فلا تحسبوا الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون.
عن الحب الكامن في نفس كل سوداني عبر عنه بالمشاركة وترك ما خلفه وما أمامه في تشييع جثمان الشهيد الحي فها هم الأطفال تدافعوا.. وها هم الشباب والرجال وها هن البنات والنساء.. تراصوا على جنبات الشوارع في ملحمة عبرت فيه جميع الأطياف السياسية والنقابية، بل وحتى المستقلين بأن الجميع قد التف حول رجل واحد لم يختلف عليه اثنان، ومن خلال إشرافه على الدفعة (60) وصاح بملء فيه: (من هنا تبدأ الشرطة)، فلم تكن المعاني هنا بأن من سبق الدفعة (60) لم يكن شرطياً أو أراد أن يهز مشاعر الآخرين فكيف يكون ذلك، وقد التف الجميع حوله وهو في وداع هذه الدنيا الفانية هذه الدفعة، فكان هذا هو نتاج غرس هذه البذرة فإنها بذرة جاءت ناضجة وهي تحمل تجارب على مستوى يتجاوز الوطن، فلقد جاء منهم من تلقى دراسته بالصين وبالهند والمغرب والعراق وسوريا ومصر والسعودية ولدن.. الخ، وكيف لا فقد شمل أبناء الدفعة كل التخصصات العلمية والإنسانية والاجتماعية، ومنهم من كان يعمل في دواوين الدولة ومنهم من عمل بالحقل الطبي والإعلامي والقانوني وجاءت كل هذه التخصصات وانصهرت في بوتقة واحدة ألا وهي خطوات تنظيم، وساعات طابور ذنب عبء الملازم “سلمى” وإدارات النقيب “الرشيد” والنقيب “حيدر” الداخلية، وكيف لا وهم بهذه الطوابير قد نسوا كل تخصصاتهم ومواقعهم.
ضباط م الدفعة (60)
عبد اللطيف محمد نور