رأي

المشهد السياسى

وماذا أمام السودان الآن..؟
موسى يعقوب
في العشرين عاماً الماضية ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تضع العراقيل أمام السودان وتعمل من أجل ألا تحقق دولة الإنقاذ الوطني مطامحها وما هدفت إليه.. وكانت أقسى تلك العراقيل العقوبات الاقتصادية والجنائية الدولية والوصول بالخصام بين الشمال والجنوب عبر الحركة الشعبية لتحرير السودان SPLM إلى الانفصال.
العقوبات والجنائية الدولية لم يؤديا غرضهما بالكامل وقد كانت للدولة مجاهداتها للتغلب عليها أو إضعاف تأثيرها الكبير، فقد اتجهت الدولة شرقاً إلى الصين والهند وماليزيا حيث عوضت بذلك الدور الأمريكي في الصناعة النفطية الناشئة، وقد كانت شركة شيفرون الأمريكية تسيطر على منابع النفط في الجنوب ثم تركتها وغادرت إلى غير رجعة بغرض حرمان الدولة من مخرجات تلكم الآبار والمنابع.. ولكن كان ما كان من إنجاز في ذلك المجال وغيره من مجالات أخرى كان من أشهرها (التعدين).
وأفريقياً كان للدولة حراكها وتمددها دبلوماسياً حتى صارت أفريقيا السند الأكبر للبلاد، والداعم لها في الوقوف ضد الجنائية الدولية ودعاواها السياسية.
أما الانفصال الذي عمل له القطب الأمريكي وحلفاؤه من الدول الغربية فقد بات الآن نقمة لمن عملوا له وليس نعمة..! فهم الآن يرجون من السودان العمل من أجل استقرار دولة الجنوب والخروج بها من الحروب الداخلية والمجاعات.
إن هذا وغيره كثير يعد صموداً أمام العقوبات الأمريكية وأثرها الجائر على الشعب السوداني.. وربما أكثر منه في ذات الاتجاه الوقوف بقوة وحكمة أمام قوات التمرد في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، وصولاً إلى السلام والاستقرار هناك إلى حد كبير حتى تشتتت الجماعات المتمردة وتفرقت وضعفت بشهادة الكثيرين وانتشرت مشاريع التنمية وآلياتها في كل تلكم الأصقاع والولايات وبدأ الاستقرار جلياً وواضحاً في كل مكان.. وجاءت الشهادات على ذلك من أماكن ومؤسسات كثيرة بما فيها الأمم المتحدة التي خفضت من قواتها والدبلوماسيين والتشريعيين الزائرين الأجانب.
مشهد آخر له صلته بالديمقراطية وحقوق الإنسان هو الحوار الوطني والمجتمعي الواسع والشامل والذي كانت به مخرجات ونتائجه التي تحولت في جملتها إلى تشريع وإدارة وتعديل في جوهر النظام الذي كان غالباً على غيره، ونتجت عنه آخر النهار حكومة قومية وبرلمان وطني وولائي أكثر عضوية وما يزال الباب مفتوحاً وغير مغلق حتى وصول الفترة الانتقالية إلى نهايتها.
ورغم ذلك فهناك إعلان وقف إطلاق النار المستمر والمتجدد من السيد رئيس الجمهورية والقائد الأعلى.. وفي ذلك دعوة إلى الدخول في الحوار ووضع (البندقية) جانباً.
نطرح هذا وقد كثرت الشكوك حول القرار الأمريكي المرتقب بعد أسبوع لإنهاء العقوبات التي استمرت طويلاً وعملت الدولة والمجتمع لإنهائها بما يلزم، فلم يبق والحال كذلك غير أن يظل السودان – شعباً وحكومة – على برنامجه الذي يقف به في وجه المستجدات والمتغيرات وقد درج عليه.. وإن كان توقع ما هو أحسن ومرغوب لا يخرج عن دائرة الفأل الحسن والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية