رأي

بعد.. ومسافة

هل بدأ الصراع الفعلي على الرئاسة؟
مصطفى أبو العزائم
 
ما أن أطلق السيّد رئيس الجمهورية تصريحاته الخاصة بتنحيه عن مقعد الرئاسة مع نهاية فترته الرئاسية في العام 2020م، حتى انطلقت تصريحات خجولة من البعض حول ما قال به الرئيس في حواره الطويل المحتشد بالمعلومات والآراء، والذي نشرته ست صحف سودانية، وعلقت عليه بقية الصحف التي لم تنشر الحوار، لكنها وجدت فيه مادة دسمة تقتات عليها أعمدة الرأي والمقالات زماناً طويلاً.
البعض الذي لا يريد لهذا الواقع السياسي أن يتغيّر يرى أن مثل هذا الحديث سابق لأوانه، والأكثر منهم تمسكاً بهذا الواقع يرون أن قرار الترشح لفترة رئاسية جديدة ليس بيد الرئيس، بل إن مؤسسات الحزب هي التي تقرره، أما الأكثر تمسكاً من الاثنين فيرون أن البرلمان الذي يضع التعديلات الدستورية ويجيزها يمكن أن يدفع بتعديل يضمن فترة رئاسية جديدة للرئيس “البشير” تمتد لخمس سنوات جديدة أو يزيد.
المعارضون أصابتهم – جميعاً وبلا استثناء – الدهشة لأنهم لم يتوقعوا حديثاً مثل هذا الحديث يصدر من رئيس الدولة الذي ينازعونه على كرسي القيادة فيها، تارة باللسان وتارة بالسنان، وتارات بالمؤامرات والدسائس مع الاستعانة بقوى خارجية مناوئة للنظام، إن وجدوا إلى ذلك سبيلاً.. وكثيراً ما كانوا يجدون!
المعارضة الداخلية في حالة صدمة الآن لأنها استمرأت أن تكون في الوضع المعارض والمخالف للنظام، وانشغلت بهذا مهملة إعداد كوادرها وقواعدها لمثل هذا اليوم، وترى أنه بعزوف السيد رئيس الجمهورية عن المنصب، ورغبته في التنحي لأنه (فتر)، ترى أن تنحي “البشير” سيفضحها مع الداخل والخارج، وسيكشف حجمها الحقيقي وأثرها داخل المجتمع السوداني وتأثيرها في ساحات الفعل السياسي.
نعود لجماعة السلطة، وهم يبدون كقيادات على قلب رجل واحد، لكن أطماع البشر وإغراءات السلطة، وإزاحة الرموز الكبيرة عن مراكز اتخاذ القرار، فتح طاقات الأمل في قلوب ونفوس بعض القيادات، وانشغلت الضمائر والدواخل بالتخطيط الذكي لتسلم السلطة على مراحل، وهناك جماعات ترى أنها أفضل من غيرها، وبعض القيادات المحسوبة على الحركة الإسلامية ترى أنها أولى من غيرها، وكذلك البعض داخل المؤتمر الوطني الذي لم يعد واجهة سياسية للحركة الإسلامية، بل (استقل) تماماً وأصبح حزباً له عقله وضميره ومخالبه وأسنانه، لذلك يرى من هم على رأسه أنه هو الأولى والأحق بأن يكون على رأس الهرم في النظام الرئاسي.
حركة الطامعين في المقعد الأول لا تبدو واضحة ويمكن أن نصفها بأنها حركة بطيئة واستكشافية يحاول قادتها أن يكونوا أكثر قرباً من الرئيس حتى تكون كلمتهم هي العليا بعد أن ينعموا بالرضا الرئاسي، وبعضهم يحاول استخدام كل ما يتاح من وسائل للترويج لنفسه وجماعته سواء كان ذلك من خلال الليالي السياسية، أو المؤتمرات التنشيطية للحزب الحاكم، أو من خلال الصحافة والإعلام حيث أضحى الإعلام لاعباً أساسياً في ميادين السياسة، ويدخل المرشحون من أبواب التكهنات أو من أبواب التحليل السياسي، وتنشغل صالونات المدينة ومجالسها بأن (فلاناً) يكيد لفلان حتى يبعده عن المنصب، وإن (فلاناً) لا يستلطف فلاناً الآخر لذلك لن يدعه يمر من تحت تعريشة الرضا الرئاسي.. وهكذا.
نسيّ المتنافسون الذين لم يتصارعوا بعد، الدور الأساسي للقوات المسلحة السودانية وهو دور لا يغفله عاقل أو سياسي لأن استقرار البلاد رغم الهزات الداخلية والتحديات الخارجية ما كان ليصمد لو لا المزاوجة ما بين (التنظيم) و(الجيش).. ترى هل هناك من يمسك بتفاصيل هذه الملفات الحساسة غير الرئيس “البشير” سوى نائبه الأول “بكري”؟
قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية