"عبد الملك البرير".. هل يريد "البشير" رئيساً مدى الحياة؟
بقلم – عادل عبده
نموذج الرئيس مدى الحياة يطبق من غالبية رؤساء دول العالم الثالث في إطار التماهي مع شهوة الحكم والتمتع بالفخامة والصولجان، وقد ظل هؤلاء الرؤساء يحكمون بلادهم من خلال نظام الحزب الواحد ولا يتركون دفة القيادة إلا بالموت أو الانقلاب على سلطانهم، وصار بقاؤهم في الرئاسة معلوماً ضمنياً دون الإفصاح عن ذلك باستثناء الرئيس التونسي الراحل “الحبيب بورقيبة” الذي كان يطلق عليه لقب الرئيس مدى الحياة بناء على مرسوم من القصر.. الرئيس “البشير” كسر هذه القاعدة ومعه عدد قليل من حكام العالم الثالث، فقد أعلن تكراراً عن رغبته في التنحي عن حكم البلاد حيث ظهرت قناعاته المبكرة في انتخابات الرئاسة عام 2015م.. وها هو الآن يجدد ذات الدعوة بإصرار شديد، فقد ذكر بالصوت العالي للوسائط الإعلامية في الخارج والداخل بأنه لن يرشح نفسه لانتخابات الرئاسة المقبلة عام 2020م، وزاد بقوله المشهور (أنا فترت) وعلى المؤتمر الوطني أن يبحث عن رئيس آخر.
منطق الرئيس “البشير” يقول إنه لا بد من تجديد الدماء تمشياً مع سنة الحياة والمنطق ولوازم الديمقراطية وعدم احتكارية الرئاسة لرجل واحد، فالواضح أن “البشير” بحلول عام 2020م، يكون قد حكم السودان حوالي (31) عاماً وهذه فترة كافية لا تسمح بالتجديد بحسب رغبته.. في ثنايا هذه الرغبة الشخصية من “البشير” ينطلق صوت مغاير من المؤتمر الوطني بلهجة حاسمة هو صوت “عبد الملك البرير” مدير الإدارة السياسية والإعلام بالقصر قائلاً إن حق الترشيح للرئاسة من عدمه بيد المؤتمر الوطني وليس من حق المرشح الفائز في الانتخابات الرئاسية السابقة “عمر البشير”، ويمضي “البرير” قائلاً إن حزبه من خلال مؤسساته لم يتطرق إلى حذف هذه الخطوة المهمة حتى الآن.. الكثيرون ذهلوا من إشارات “عبد الملك” النابعة من أعماقه في وجه رغبة صاحب الشأن، فقد كانت بمثابة ماء بارد صب على أمنيات بعض عضوية المؤتمر الوطني التي لا تريد ترشيح “البشير” في انتخابات الرئاسة القادمة، بل ازدادت الوتيرة التي يقودها “البرير” عندما ذكر بأن الدستور الذي يحكم ببقاء الرئيس لدورتين ليس (قرآن كريم)، ويمكن تعديله مثلما فعلت العديد من الدول التي رأت أن مصالحها القومية تقتضي ذلك مع اختلاف المآلات.
السؤال المركزي.. هل يريد “عبد الملك” بأن يكون “البشير” رئيساً مدى الحياة؟.. منطق الرجل يقول بأن طبيعة السودانيين لا تسمح بذلك وكذلك رغبة “البشير” لكنه يجزم بأن العضوية الغالبة في المؤتمر الوطني مع بقاء “البشير” بعد 2020م، وقال بأن الرئيس صار قومياً أكثر منه حزبياً، بل تفاقمت التحديات والاختبارات في ظل الحاجة إليه خلال المستقبل البعيد، وقال “البرير” إن رؤيته مبنية على الاعتبارات الوطنية دون تدليس وامتدح قدرات “البشير” التي وصفها بالاستثنائية، بجانب تمثيله بالمؤسسة العسكرية وقبوله المضطرد من العالم الخارجي..
وفي السياق هنالك من يعتقد بأن المؤتمر الوطني يعيش فراغاً كبيراً على مستوى القيادات المؤهلة للرئاسة، فضلاً عن انعدام أصحاب المبادرات بداخله، بينما يناقض “عبد الملك البرير” في رؤيته الدكتور “أمين حسن عمر” وبعض الذين يرفعون راية الإصلاح والتحديث في الحزب الحاكم، وهؤلاء يقولون بأن ترشيح “البشير” غير دستوري، بل يذهب “أمين” قائلاً بأن “البشير” لم يبايع كخليفة للمؤمنين وإنما رئيس للسودانيين، مسلمهم وغير المسلم.
مهما يكن فإن قيمة الحاكم ليس في طول المدة التي حكم فيها البلد المعين، بل العبرة والفائدة تكمن في مستوى الإنجازات الساطعة على أرض الواقع، علاوة على القبول الطبيعي والقناعات الداخلية في نفوس شعبه.. ومن هنا لا يعرف أحد مصير دعوة “عبد الملك البرير” في وجه فيتو “البشير” العاتي الذي أطلقه على نفسه بعدم الترشح للرئاسة القادمة!!