بعد ومسافة
(بلادي) حدث ثقافي مهم
مصطفى أبو العزائم
وهي إذاعة جديدة وليدة، بدأت بثها الرسمي قبل أسابيع قليلة بعد فترة بث تجريبي استمر لأسابيع أطول، وبعد دراسة استغرقت زماناً طويلاً، بعد أن تغير خلالها الاسم من إذاعة (وطني) أو الإذاعة الوطنية، إلى (بلادي) وهو اسم عميق ذو دلالات عظيمة، ذكرني أول ما سمعت به، نشيد مدرسي في المرحلة الأولية ضمن كتاب الأناشيد المدرسية، ما زلت أحفظه حتى هذا اليوم، وأظنه للشاعر المصري “محمود صادق”، وكان نشيداً وطنياً ذات يوم لمصر الشقيقة يقول مطلعه:
بلادي بلادي فداك دمي
وهبت حياتي فدًى فأسلمي
غرامك أول ما في الفؤاد
وذكراك آخر ما في فمي
سأهتف باسمك ما قد حييت
تعيش بلادي ويحيا الوطن..
الإذاعة الجديدة الوليدة يقف على رأسها مديراً عاماً المهندس “عبد الرحمن إبراهيم عبد الله”، وهو شاب صاحب أفق ورؤية، تعرَّفت عليه منذ عدة سنوات، عندما جاء مديراً للمركز السوداني للخدمات الصحفية، المعروف اختصاراً بـ(اس أم سي)، وكانت له لمساته وبصماته الواضحة في أداء وعمل المركز، ثم انتقل للعمل بسفارة السودان في القاهرة، فكان نعم الرجل كفاءة وعملاً، ليعود إلى السودان ويبدأ هذا المشروع الكبير.
يعاون مدير إذاعة “بلادي” في عمله طاقم إداري وفني كفء، ويكفي أن يكون من بين أعضاء ذلك الطاقم صديقنا الفنان والمخرج المبدع الأستاذ “شكر الله خلف الله”، مستشاراً فنياً وبرامجياً، جعل للإذاعة الوليدة ساقين تسابق في مضمار (الإف أم) الذي لا يقبل الوهن.. ولا يقبل الضعف.
(إذاعة بلادي) على الموجة (96.6) إف أم، تشرَّفت بأن طلب القائمون بأمرها أن أعد وأقدم برنامجاً توثيقياً عن الشخصيات السودانية من خلال الاستضافة والحديث عن النشأة والتاريخ، وكان أول ضيوفنا الشيخ الجليل والأستاذ الكبير “أحمد عبد الرحمن محمد”، الذي أحدث اللقاء معه ضجة كبيرة منذ أن بدأ بث الحلقة الأولى، وفيه اعترافات توقفنا عند بعضها، وتجاوزنا بعضها الآخر، لكنها تتصل جميعها بالحياة في فترة الثلاثينيات وما تلاها من فترات، وتتصل بتاريخ الحركة الوطنية ونشأة الحركة الإسلامية، وعلاقة الأستاذ “أحمد عبد الرحمن” بكل ذلك ودخوله إلى دهاليز السلطة.
إذاعة (بلادي) تنتشر في مستوى سماع عريض يمتد إلى (18) مدينة، ولها مراسلون في كل تلك المدن، وتتميز عن غيرها من الإذاعات بأن كل السودانيين يجدون أنفسهم في موجتها العريضة، وحتى إن فواصلها الغنائية تجدها متنوعة وتختلف، إذ تبث من كل منطقة لحناً أو أغنية، وبرامجها خبرية مباشرة أو تتوسع قليلاً من ناحية الخبر نحو التحليل، وكذلك بقية البرامج الثقافية والدينية والفنية والسياسية.
سألني المهندس “عبد الرحمن إبراهيم عبد الله”، مثلما سألني الأستاذ “شكر الله خلف الله”، عما أرى أنه ينقص هذه الإذاعة الوليدة، فأجبت على كليهما بأن الذي ينقصها هو الترويج، وهي تحتاج إلى لافتات طريق تركز على رسالتها وبعض برامجها ونجومها، أو ما يسمى بالـ(PUT DPPR) وهو مهم في مثل حالة هذه الإذاعة الوليدة الجديدة، لأنه يرسِّخ موجتها في أذهان الكثيرين.. وإعلان الطريق حتى وإن كان أعلى تكلفة من قيمة بعض الإعلانات الأخرى، لكنه سريع الرسوخ في الأذهان، خاصة إذا انتشرت اللافتات على مستوى الشوارع الرئيسة ومداخل الكباري، وبقية مدن السودان، وبعد أن يتابع المستمع تلك الموجة، يصعب عليه الفكاك من متابعتها.. ليتهم جربوا هذه الوسيلة.