أخبار

مسيح دارفور !!

{ حتى لا يقشعر شعر البعض.. فالعنوان لا يعبر عن نوايا سيئة نحو بلد المحمل والقرآن التي عجزت المسيحية عن دخولها مع جحافل المستعمرين ولا تفريط الوطنيين في صون سيادة البلاد حينما وقعت الحكومة على اتفاق إذعان بدخول قوة قوامها (30) ألف من القوات الأممية لإقليم دارفور الذي وصف في يوم ما بإقليم العذاب.. والعنوان مستوحى من رواية لا يطيق الكثيرون ذكرها لكاتب وروائي سوداني مهاجر إلى النمسا البلد الأوربي الغني الذي منه جاء “سلاطين رودلف” الشهير بسلاطين باشا مؤلف كتاب السيف والنار للتبشيع بالمهدية والخليفة التعايشي.. ومسيح دارفور لعبد العزيز بركة ساكن رواية أقرب للكتاب السياسي الذي يجسد مواقف الرجل العقائدية والسياسية والاجتماعية، وهي رواية عند البعض شيطانية وعند فريق آخر ملائكية.. وبعيداً عن أولئك وهؤلاء فقد غرقت الفاشر عاصمة إقليم دارفور الكبير.. وحاضرة الولاية الشمالية في دموع من دم وهي تقاوم تمرد مسيح آخر لدارفور يدعى “عيسى” احترف القتل والنهب والسلب.. و(التفلت) من عقال الدولة وسلطة الحكم.. وسيادة القانون.. وعيسى بن مريم السوداني الجديد.. لا يعرف التسامح ولا الصفح عن من يصفعه في الخد الأيمن ليدير الأيسر.. ولا يعف عن حقوق الآخرين.. شخصية أنجبتها (محنة البلد) ونمت وترعرعت في قلب الأحداث وجدت حاضناً اجتماعياً يأويها، وقد بحت حنجرة ابن دارفور المخلص “حسبو محمد عبد الرحمن” حتى تقطعت حبال صوته وهو يقول (الحرامي ما عندو قبيلة).. ووجد “عيسى” الحاضن العسكري.. والحاضن السياسي.. لذلك كان نشاطه المعادي للدولة قد انطلق هذه المرة من داخل مدينة الفاشر.. ولم يتورع في توجيه ماسورة بندقيته ورصاصتها إلى قلب القوات المسلحة ليسقط شهيد الواجب الملازم “عبد الله الطيب الجعلي” ومعه أربعة شهداء آخرون في قلب عاصمة السلطان علي دينار وفي رابعة النهار. ومسيح دارفور المدعو “عيسى” الذي ينتمي إلى المجموعات القبلية العربية وهؤلاء بعضهم يمارس النهب والسلب والقتل.. ويتدثرون بثياب الدولة ويدعون حمايتها من التمرد وهم التمرد نفسه.. ومنهم مخلصون حاربوا بصدق مع الدولة.. ولكن التمرد لا قبيلة له ولا لون له.. وإسباغ التمرد بالقبائل الأفريقية هو تحريف للواقع.. وانحراف بالقضية.. ومحاولة إعادة الفوضى لقلب مدينة الفاشر بعد عامين من الهدوء والسكينة واجهتها القوات المسلحة بغلظة وحنكة.. وتبدت مظاهر قوة الدولة وشكيمتها في حملة المطاردة التي لا تزال حتى نهار أمس ولم تصل لرأس الحية، وتأتي بالمدعو “عيسى” المسيح مكبلاً بالأغلال ليقول القضاء كلمته في الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً.
وحادثة الفاشر تمثل اختياراً جديداً لقدرة الوالي “عبد الواحد يوسف” على فرض هيبة الدولة وقد اتفق أهل شمال دارفور على أن فترة “عبد الواحد” هي الأفضل طوال الـ(18) عاماً الماضية، من حيث بسط الأمن وحماية المواطنين.. ولكن فجأة تبدل الفاشر هدوئها إلى صخب.. وسكونها إلى حركة.. ومظهرها المدني إلى قناع عسكري صارم، لأن متمرداً ضد الدولة يدعى “عيسى” المسيح اختار مواجهة الدولة علناً.. وصوب رصاصة الغدر إلى صدر القوات المسلحة التي هي الآن تواجه مسيح دارفور للقضاء على خلايا التمرد داخل المدن.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية