* (المجهر) ترافق مساعد الرئيس في زيارة استثنائية للولاية الشمالية
دشن عدداً من المشاريع
* إبراهيم محمود يتعهد بتكملة كهرباء المشاريع الزراعية والمياه بالولاية الشمالية
*مساعد الرئيس: لا فرصة للبحث عن مصالح سياسية بدماء المواطنين وتشريدهم بعد الحوار
دنقلا – محمد جمال قندول
(6) ساعات، استغرق تحركنا صوب دنقلا العجوز، عصر (السبت) الماضي، والتي وصلناها في العاشرة من مساء ذات اليوم، ضمن وفد إعلامي كبير لتغطية زيارة مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس المؤتمر الوطني، “إبراهيم محمود”، الاستثنائية للولاية الشمالية، لافتتاح عدد من المشروعات بجانب لقاءات جماهيرية عديدة خاطبها “محمود” .
وتأتي الزيارة وسط متغيِّرات طرأت على البلاد مؤخراً من رفع العقوبات الأمريكية عن البلاد كواحدة من البشريات التي كانت محوراً أساسياً في كل خطابات مساعد الرئيس، بجانب الحوار الوطني، والاقتراب من إعلان حكومة الوفاق، كواحدة من مخرجات ذلك الحوار، الأمر الذي أكسب الزيارة أهمية كبيرة.
(المجهر) رصدت تفاصيل رحلة مساعد الرئيس التي استغرقت (48) ساعة، حيث بدأت منذ صباح (الأحد) وانتهت في وقت مساء (الاثنين)، وحوت العديد من البشريات لأهالي الولاية الشمالية .
تفاصيل اليوم الأول
وفد المقدمة الذي ضم وسائل الإعلام وعدد من المسؤولين وصل مساء (السبت) وتم استقباله واستضافته بفندق قصر الضيافة، بينما حطت طائرة مساعد الرئيس في التاسعة من صباح (الأحد) بمطار دنقلا، وسط استقبال من حكومة الولاية بقيادة الوالي المهندس “علي عوض”، بجانب رموز الولاية السياسية والاجتماعية، حيث اتسمت زيارته بخصوصية لكونها الأولى، بعد تعيينه نائباً لرئيس المؤتمر الوطني ومساعداً لرئيس الجمهورية.
ووصل “محمود” دنقلا بمعية وفد كبير، ضم كلا من وزير الكهرباء “معتز موسى”، ووزير الاستثمار “مدثر عبد الغني” ووزير الدولة بالرعاية والضمان الاجتماعي “إبراهيم آدم”، ووزير الدولة بالصحة سمية أكد، وأمين أمانة الشمالية البروفيسور “خميس كنجو”، وأمين أمانة الطلاب بالمؤتمر الوطني، بجانب العديد من القيادات .
ودشن المساعد خلال اليوم الأول للزيارة والذي بدأ في العاشرة صباحاً، وانتهي في التاسعة مساءً، وسط برنامج كثيف، للعديد من المشاريع، منها المحطة التحويلية الجديدة للكهرباء بطاقة (200) ميقاوط، بمدينة دنقلا حاضرة الولاية الشمالية، بجانب وقوفه على سير العمل بمطاحن الفردوس المتوقع انطلاقته في أبريل المقبل، كما افتتح مشروعات ديوان الزكاة بالولاية في نفرتها الرابعة، واستراحة مركز الأطراف الصناعية، ومشغل الرحمة للملبوسات، ومشروع إسكان أسر الشهداء، بجانب مخاطبته للقيادات السياسية بالولاية بكلية الطب.
ودعا “محمود” خلال مخاطبته حشداً جماهيرياً بمناسبة تدشين مشروعات ديوان الزكاة، في نفرتها الرابعة، إلي إخراج الزكاة، مؤكداً أن أكثر (70%) من دافعي الزكاة بالولاية، هم من المزارعين يليهم المعدِّنون. وقال: رسالتي لكم بأن تشاركوا الآخرين . فكل العالم يعمل بنظام الزراعة التعاقدية، وأضاف: إذا كان لديكم المياه والأراضي، فاطلبوا الذي لديه المال والتكنولوجيا والسوق. ووجه مساعد الرئيس قطاع المزارعين إلى الانخراط في تنظيمات المنتجين، التي أكد أن الدولة تسعى لتكوينها، وزاد قائلاً: تنظيمات ليس فيها سياسة، وإنما هي لتوحيد جهود المزارعين، وتقدم الذي يستطيع أن يخدم الناس في الإنتاج.
وأكد “إبراهيم محمود” أن تركيب محطة الكهرباء يأتي دعماً للإنتاج وإعمار الأرض، مشيراً إلى أنها تكفي حاجة الولاية لعشرات السنين. وقال إنها البداية لإثبات أن الدولة ومواطني الولاية قد انطلقوا نحو الإنتاج.
ومضى “محمود” إلى أن الدولة تريد الولاية الشمالية سباقة في تحقيق الشعار الذي رفعته الدولة، ” نحو أمة منتجة”، مشيراً إلى عدم استقلال المساحات الصالحة للزراعة، مؤكداً توفر التمويل بالبنوك ومؤسسات التمويل. وأعلن مساعد الرئيس مساندة الدولة للولاية في كافة مشاريع كفالة الضعفاء وذوي الإعاقة، مضيها في ذات الوقت في تنفيذ مشروعات البنية التحتية.
من جهته قال والي الولاية الشمالية المهندس “علي العوض”: إن المشروعات التي نفذِّت، أحدثت أثراً كبيراً بالشرائح الضعيفة، واعتبر الوالي زيارة نائب رئيس المؤتمر الوطني ومساعد رئيس الجمهورية المهندس “إبراهيم محمود” دعماً للمشروعات وللإنتاج والإنتاجية.
كما خاطب الفعالية أمين عام ديوان الزكاة “محمد عبد الرزاق”، الذي أشار إلى أن ديوانه حصل في العام الماضي على مبلغ (2 ) مليار، و(570) مليون جنيه، داعياً مواطني الولاية إلى تزكية الأموال، ومشيراً إلى أن الولاية الشمالية تعد الولاية الخامسة من حيث الأداء في الزكاة، والأولى في تنفيذ مشروعاتها .
وأكد “عبد الرزاق” سعيهم إلى إحياء المشروعات الجماعية، التي قال: إن من شأنها التأثير على الدخل القومي، داعياً إلى ضرورة توزيع المال بعدالة، وعبر أسس علمية وإحصاءات، معلناً عن مساهمة الديوان في عيد الشهيد المزمع إقامته بولاية سنار بإنشاء (40) منزلاً.
إلى ذلك كشف وزير الدولة بوزارة الرعاية الاجتماعية “إبراهيم آدم”، تصميم برنامج للضمان الاجتماعي تم تطبيقه في جميع ولايات السودان، مشيراً إلى أن العام الحالي شهد دعم مشروعات التأمين الصحي لـ (750) ألف أسرة، تكفلت بها وزارة المالية الاتحادية و(200) ألف أسرة، من ديوان الزكاة، متعهداً بأن تصل تغطية التأمين الصحي إلى (80%) من الأسر، وكشف الوزير عن سعيهم لتأسيس مراكز للكشف المبكر في كل مستشفيات التوليد للتقليل من نسبة الإعاقة بالبلاد.
وعقب افتتاح نفرة مشروعات الزكاة بجانب العديد من المشاريع توجه “محمود” إلى مقر إقامته باستراحة القضاة وتناول وجبة الغداء، ليغادر بعدها الاستراحة إلى كلية الطب بجامعة الشمالية، حيث افتتح فيها مهرجان “أفنان” للإبداع الطلابي، ثم خاطب القيادات السياسية للولاية، ومن ثم انتقل إلى منطقة “الحفير” التي تبعد حوالي (20) دقيقة، من دنقلا المدينة، وحظي باستقبال حاشد، ومن ثم خاطب اللقاء الجماهيري بالمنطقة التي ينحدر منها النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن “بكري حسن صالح”، والذي يحظى بشعبية جارفة بها، حيث تعالت أصوات المواطنين كل ما تردد اسمه.
وتعهد “إبراهيم محمود” بتنفيذ كافة المشاريع التنموية والخدمية والزراعية بمنطقة الحفير، بالولاية الشمالية، مشيراً إلى أن إنفاذ المشاريع تزامن مع انفتاح السودان مع العديد من الدول الخارجية، ومع رفع العقوبات الأمريكية. وزاد مخاطباً الجماهير، قائلاً: إن مشروعاتكم جاءت في الوقت الذي انتصر فيه السودان، بينما تهاوت وتساقطت العديد من الدول. وقال مساعد الرئيس لدى مخاطبته حشداً جماهيرياً على شرف افتتاح مياه المشروع التعاوني الزراعي، بمنطقة “الحفير”: إن رئيس الجمهورية رفض أن يذل للمحكمة الجنائية، وأصبح رمزاً للعزة والكرامة، مبشراً بقرب إنفاذ مشروع البستنة والثروة الحيوانية، بالشراكة ما بين الحكومة والمواطنين. وقال: إن الحكومة ستمنح المواطنين الشتول بتمويل بنصف القيمة، على أن يسدد على سنوات بعد الإنتاج.
وأكد مساعد الرئيس أن فرض العقوبات كان بقصد تركيع السودان وإذلاله، ولكنه عاد وقال إنه بفضل صبر الشعب رفعت العقوبات، رغم أنف كل الحاقدين، وأضاف: جاؤوكم بالمحكمة الجنائية، ولكنها ذهبت إلى مزبلة التاريخ (ماشة المقابر)، بعد أن خرجت من الجنائية الدول الأفريقية،
مؤكداً أن العمل في مشاريع التنمية، لم يتوقف رغم الحصار والمقاطعة الاقتصادية.
وامتدح “محمود” موقف النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن “بكري حسن صالح”، الذي أشار إلى أنه أثَّر آخرون على نفسه وعلى أهله، وجعل مشاكل أهله بمنطقة “الحفير” في آخر ترتيب المشاريع بالولاية الشمالية. وقال : حينما كنت وزيراً للزراعة لم أتخيَّل أن تكون منطقة النائب الأول في آخر جدول تعمير المشاريع، معلناً تبنيه كافة قضايا ومشاكل أهل الحفير. وأضاف : طالما أن “بكري” قدَّم الناس على أهله نحن سنقدمكم علينا.
من جهته قال وزير الكهرباء والسدود “معتز موسى” بأنهم ملتزمون بإصلاح المشاريع الزراعية، بجانب تنفيذ عدد من المشاريع بجميع محليات الولاية، كاشفاً عن قرب افتتاح محطة مياه كبيرة بتكلفة قدرها (20) مليون دولار.
برنامج كثيف
الناظر لبرنامج مساعد الرئيس باليوم الثاني يلحظ مدى حرص وجدية الرجل على إيصال أفكار وأهداف الدولة والحزب إلى الولاية التي تزخر بالثروات والتاريخ. فبرنامج اليوم الثاني للزيارة لم يختلف عن الأول . بل كان عدد ارتباطات “إبراهيم محمود” كثيرة جداً، وفي مناطق متباعدة، بدايتها كانت بافتتاح مشروع “مسنع” الزراعي، الذي يعد واحداً من إشراقات الاستثمارات السعودية بالبلاد، ثم توجه إلى منطقة السليم لتدشين كهرباء المشاريع والحصاد، بجانب افتتاح كهرباء البشارية بمنطقة برقيق، وافتتاح طريق كرمة أبو فاطمة، ومسلخ كرمة، وتدشين طريق أرقو- دار العوضة .ثم خاطب لقاءً جماهيرياً حاشداً بمنطقة أرقو، وبعدها تناول وجبة الغداء ثم شرَّف اللقاء النوعي لشباب المؤتمر الوطني، وخاطبه قبل أن يتحرك لمنطقة إيماني ليشرِّف برنامج (تواصل الأجيال)، ثم اختتم برنامج اليوم الثاني بحضور الجلسة الافتتاحية لورشة المياه بقاعة المجلس التشريعي .
وأكد مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس المؤتمر الوطني المهندس “إبراهيم محمود”، لدى مخاطبته افتتاح مشروع شركة “المسنع” السعودية بمنطقة العقال، بالولاية الشمالية صباح (الاثنين) بأن موارد السودان لا يمكن استغلالها، إلا بالتعاون مع المستثمرين من داخل وخارج السودان، بتوفير التقانة ورأس المال. وقال: نحن نملك المياه والأرض، ولكننا بحاجة إلى رأس المال والتقانة والإدارة .
وأشاد “محمود” برئيس الجمهورية، وقال بأنه بفضل خبرته وحنكته، استطاع المحافظة على أمن واستقرار البلاد، وسط محيط مضطرب حولنا يهدد أمن واستقرار الدول، ممتدحاً دور المملكة العربية السعودية في توجيه استثماراتها نحو السودان.
وأكد مساعد الرئيس دعمهم وحرصهم على تذليل كافة العقبات أمام الاستثمار، مشيراً إلى أنهم كانوا في المرحلة الماضية في حصار وشدة، لكن بحمد الله تم تجاوزها، وبدأت البشريات برفع العقوبات .
بدوره أكد وزير الاستثمار “مدثر عبد الغني”، أن استثمارات العام الماضي، حققت (3،2) مليار دولار، مشيراً إلى أن ما شهده اليوم (أمس) يعد أنموذجاً للاستثمار، وفق خارطة وزارة الزراعة، مؤكداً بأن الاستثمارات السعودية تبادر بالمسؤولية الاجتماعية ومشاركة المجتمع، مشيراً إلى وجود (595) مشروعاً سعودياً، ما نفذ منها يقارب الـ(2 .11) مليار دولار.
وكشف الوزير أن مساهمة الاستثمار في الناتج المحلي بلغ (20%) العام الماضي، وأن العمالة بالمشروعات الاستثمارية بلغت (923) ألف من أبناء السودان، مشيراً إلى أنهم يدرسون وضع مزيد من الحوافز والتسهيلات للمستثمرين بالمناطق الطرفية، وتسهيلات إضافية للمشروعات التي تستقطب العمالة الوطنية، ومضى الوزير إلى أنهم في العام الحالي ركزوا على القطاع الصناعي، مؤكداً حاجتهم لتفعيل الصناعات التحويلية .
إلى ذلك أشاد المستثمر السعودي “عبد الله ابن محمد الهدري أبو رائد” بـالتسهيلات، التي تمنحها الحكومة السودانية للمستثمرين بقيادة رئيس الجمهورية المشير “عمر حسن أحمد البشير”، مشيراً إلى أن السعودية تعد من أكبر الدول المستثمرة بالسودان، بنحو (95) مشروعاً، بتكلفة (11) مليار دولار، وقال هذا لم يكن ليكون لولا أن وجدنا بلداً طيباً مستقراً آمناً متعاوناً طموحاً .
وخاطب “محمود” اللقاء الجماهيري الحاشد بمنطقة أرقو، مستنكراً ما قامت به الحركة الشعبية بقتل الأطفال ونهب الأبقار، مشيراً إلى أنهم قتلوا الرعاة بالرغم من إعلان رئيس الجمهورية لوقف إطلاق النار، وزاد : هؤلاء سياسيون نهبوا الأبقار وقتلوا الأطفال، لافتاً إلى أنهم يقاتلون من أجل مصالحهم الخاصة .
واستشهد “محمود” بحديث المبعوث الأمريكي “دونالد بوث” الذي قال فيه: إن التمرد يعمل من أجل مصالحه الخاصة، وأن المتمردين لا يهتمون بمصالح شعبهم، وقطع “محمود” بأنه بعد الحوار الوطني، لا فرصة للبحث عن مصالح سياسية بدماء المواطنين وتشريدهم.
وقال “محمود”: إن البلاد تشرف على عهد جديد نريد فيه اتفاق أهل السودان، مؤكداً على انتهاء الحرب بدارفور بشكل تام. وقال: إن التمرد في دارفور انتهي للأبد، وفي المنطقتين يمضي إلى نهايته، وأضاف قائلاً: اليأس الآن أصاب متمردي الحركة الشعبية .
وتعهد مساعد الرئيس بتكملة كهرباء المشاريع الزراعية والمياه بالولاية الشمالية، مشيراً إلى أن تكلفة كهرباء المشاريع الزراعية الجارية الآن بلغت (225) مليون جنيه، منوِّهاً إلى أن (75%) منها دعم حكومي، و (25 %) يسددها المواطنون، و زاد قائلاً: من يبدأ مبكراً يستلم مبكراً ومزرعته ستصلها الكهرباء، وأعلن “محمود” بداية التشغيل التجريبي للطاقة الشمسية للمشاريع الصغيرة، بتمويل من الأمم المتحدة وبتكلفة بلغت (25) مليون دولار.
واختتم “محمود” زيارته لـ دنقلا في التاسعة من مساء (الاثنين)، عائداً إلى الخرطوم، وهو يحمل أمنيات مواطن الولاية الشمالية باستمرار عجلة التنمية، وانعكاس بشريات رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية على البلاد، لأرض الواقع من خلال اتساع رقعة الاستثمار بالمنطقة، ومن خلال مزيد من الاهتمام بهذه الولاية الغنية بتاريخ وثروات زراعية وحيوانية. “محمود” غادر عبر طائرته في العاشرة مساءً على أمل أن يلتقي بهم مجدداً، وهو الذي أشار في كل خطابه إلى أن سعادته لا توصف بزيارة الشمالية.
النائب البرلماني “عصام ميرغني” عبَّر في تصريح لــ(المجهر) عن سعادته البالغة بزيارة مساعد الرئيس للولاية، واعتبرها ناجحة بكل المقاييس، لكونها جاءت في توقيت، مهم والبلاد مقبلة على مرحلة تاريخية من حقبة الإنقاذ بعد رفع العقوبات بجانب العديد من التطورات أهمها تشكيل حكومة الوفاق الوطني والتبشير بمخرجات الحوار، الذي يعد أكبر وأضخم مشروع سياسي، على حد تعبيره، وفرصة ليلتقي المسؤولون في أعلى هرم قيادة الدولة بإنسان الولاية الشمالية.
مساعد الرئيس بدأ أكثر مرونة، وهو يلبي كماً هائلاً من البرامج والدعوات بالولاية على امتداد يومي (الأحد) و(الاثنين)، وأشاد العديد من المراقبين بهمة مساعد الرئيس والتشابه الكبير بينه وبين نائب الرئيس “حسبو محمد عبد الرحمن”، الذي تتسم زيارته للولايات، ببرامج مكثفة .