(المجهر) تروي أدق تفاصيل إحباط أخطر عملية تصنيع متفجرات داخل شقة بالخرطوم
الشبكة صنعت متفجرات رقمية خطيرة.. وانفجار عبوة على أحد أفرادها يفضح أمرها
الشرطة تتعهد بفك طلاسم الحادثة وإلقاء القبض على المتهمين
الخرطوم – محمد أزهري
دوى انفجار عالٍ عند الساعة الثانية من صباح أمس (الأحد) خرج صوته من شرفة غرفة في الطابق الخامس لعمارة يقطنها أجانب بحي أركويت مربع (44) شرق الخرطوم، قاد السلطات الأمنية إلى كشف أخطر شبكة من جنسيات عربية تصنع أخطر أنواع المتفجرات الرقمية والأحزمة الناسفة وغيرها من المتفجرات الخطيرة، وأسفر الانفجار عن إصابة أحد أفراد الشبكة بجروح في يده، ولم تمض دقائق بعد الانفجار حتى طوقت الشرطة والوحدات الأمنية الأخرى العمارة، ومن ثم داهمتها وضبطت متفجرات جاهزة ومواد خام معدة للتصنيع، بجانب آثار دماء المصاب، وأجهزة التصنيع، في وقت تجمع فيه السكان القريبون حول العمارة وهم في حالة رعب، فيما أوقفت الشرطة أكثر من عشرة أجانب اشتبهت في صلتهم بالحادثة، وضربت طوقاً أمنياً على مداخل ومخارج أحياء شرق الخرطوم حتى لا يفلت أحد من قبضتها.
{ بيان للشرطة
وفي أول رد فعل رسمي بعد أن اتسع نطاق الخبر عبر الوسائط، قالت الشرطة في بيان عبر مكتبها الصحفي إن في حوالي الساعة الثالثة والنصف من صباح (الأحد)، أبلغ شرطي كان قريباً من موقع الحادث غرفة النجدة عن سماعه صوت انفجار بسيط بضاحية أركويت بالخرطوم، تأكد لاحقاً أنه صادر من شقة في إحدى البنايات بالمنطقة.
وأضاف البيان: (تحركت قوة من الشرطة مدعومة بخبراء الأدلة الجنائية المختصين في مسرح الحادث والمتفجرات وفريق متخصص من جهاز الأمن والمخابرات الوطني، وتم اقتحام الشقة التي وجدت بداخلها مواد بدائية محلية تستخدم في تصنيع المتفجرات البدائية وجوازات سفر أجنبية).
{ نتائج التحريات
وذكر البيان أنه من خلال التحريات اتضح أن متهماً بعينه بدأ في صناعة عبوة متفجرة إلا أنها انفجرت أثناء عملية الصنع وألحقت به إصابة طفيفة اضطرته لطلب العلاج في أحد المستشفيات القريبة التي رفضت علاجه دون إبلاغ الشرطة، الأمر الذي جعله يغادر دون علاج.
وأفاد البيان بأن الشرطة في طريقها لفك طلاسم البلاغ والقبض على المتهمين خلال ساعات، علماً بأن المواد التي تم ضبطها لا تعد مواد شديدة الانفجار، وقد اتضح هذا من خلال ما خلفته من آثار طفيفة في مسرح الحادث والإصابة البسيطة التي لحقت بالمتهم.
{ من موقع الحادثة
في موقع الحادث، كشف مصدر عليم لـ(المجهر) عن أن جندياً يتبع للشرطة كان قد سمع دوي الانفجار أثناء وجوده قرب العمارة، وحاول الاقتراب أكثر لمعرفة مصدر ومكان الصوت حتى وصله، بيد أنه وجد تجمعاً لأجانب يقطنون العمارة ذاتها وبعضهم قد غادرها هرباً وبينهم الشخص المصاب وطلب الإسعاف في مستشفى تخصصي قريب للعمارة، لكن الأطباء رفضوا علاجه دون أورنيك (8) جنائي، مشيراً إلى أن الجندي أخطر الشرطة، فحضرت قوة بجانب وحدات أمنية أخرى تأكدت من المعلومات وداهمت الشقة المعنية وعثرت على أجهزة ومتفجرات بجانب الدماء داخل غرفة بالطابق الخامس، فأخلت سكانها وهم من جنسيات عربية وأوقفتهم رهن التحقيق، وشددت على الذين يقطنون الشقة أسفل الغرفة المعنية.
{ متفجرات رقمية خطيرة
وقال مصدر مختص لـ(المجهر) إن السلطات الأمنية وضعت يدها على أخطر أنواع المتفجرات على الإطلاق داخل الشقة، وكشف عن أنها متفجرات رقمية تعمل بواسطة الريموت كنترول، وعثرت على ثلاث قطع، إحداها جاهزة للتفجير واثنتان في مراحل التصنيع النهائية، موضحاً أنها بغطاء حديدي وطولية الشكل تأخذ لوناً أحمر في مقدمتها، مبيناً أنها عثرت على مواد خام وهياكل تكفي لتصنيع عدد من القطع، مشيراً إلى أن المواد والمضبوطات تستخدم أيضاً في تصنيع الأحزمة الناسفة، موضحاً أن السلطات عثرت على ديباجات توضح مكان صنعها بإحدى الدول الأوروبية، لافتاً إلى أنه وجدت أوراق ثبوتية لأحد عناصر الشبكة تثبت أنه ينتمي إلى إحدى الدول العربية.
{ إبطال مفعول متفجر
وذكر مصدر ثالث للصحيفة إن الشرطة طوقت المنطقة عقب الانفجار تحسباً لوجود جسم متفجر، مضيفاً إن فرق الأدلة الجنائية قد أمنت المكان جيداً، ومن ثم اقتحمت الشقة برفقة الكلاب البوليسية المتخصصة في المتفجرات وعثرت على متفجر جاهز من نوع (رقمي) فأخذته بعناية إلى خارج المكان وأبطلت مفعولة بواسطة خبراء متفجرات، ونقلته إلى المعامل الجنائية، بجانب اثنين آخرين في مراحل التصنيع النهائية، واسترسل المصدر بأن فرق الأدلة قد رفعت بصمات الجناة وتأكدت من عدم وجود أي جسم بإمكانه أن يشكل خطراً على المواطنين بالبناية والحي.
{ ثلاثة جوازات لمتهم واحد
وكشف مصدر رابع للصحيفة عن أن المباحث عثرت على ثلاثة جوازات تحمل اسم أحد أفراد الشبكة، اثنان منها يحملان بياناته الرسمية لدولة واحدة والثالث لدولته الحقيقية، مشيراً إلى أنها عثرت على شرائح سودانية وأخرى لدولة عربية وجهاز لابتوب يستخدم في عمليات البرمجة، بجانب كمية من بحوث الدكتوراه وبعض المستندات، جميعها داخل الشقة التي شهدت الانفجار.
{ في موقع الحدث
كان يوم أمس، يوماً غير عادي بمنطقة أركويت مربع (44)، في المنطقة التي تقع بين مسجد عمر بن الخطاب ومركز صحي الأسرة ومحطة المياه، وهي منطقة مأهولة بالسكان وتحظى بحركة دؤوبة، (المجهر) رصدت من موقع الحادثة تجمع أهالي المنطقة ودخول السيارات الأمنية وخروجها، بجانب سيارات الشرطة حتى السادسة مساءً، فيما وقفت على عمل الأدلة الجنائية وهي تخرج آخر كمية من المتفجرات من داخل العمارة بحذر شديد، فيما ينشط أحد أفراد الشرطة في حماية المدنيين ويأمرونهم بالابتعاد من المنطقة خوفاً من حدوث طارئ.. في خضم ذلك انفردت (المجهر) بأحد أهم شهود العيان بعد أن لاحظت اهتمامه البالغ بالحادثة وارتياحه الشديد لكشف خبايا الشبكة، الأمر الذي جعله يقدم وجبة غداء لرجال الشرطة المناوبين على حراسة المبنى.
{ ماذا قال شاهد العيان؟؟
قال شاهد العيان، الذي فضل حجب اسمه، معرفاً بنفسه إنه صاحب مكتب عقارات ومنزله يجاور العمارة المعنية، وقال إن حوالي الساعة الثانية من صباح أمس سمعت دوي انفجار يشبه صوت الذخيرة فخرجت مسرعاً لمعرفة ما يجري حتى اهتديت للعمارة بعد أن رأيت قوات الشرطة تحيط بها، وعدد كبير من سكان المنطقة قد خرجوا وتجمهروا على خلفية الانفجار.
{ أشكال مريبة
وتابع شاهد العيان حديثه قائلاً إن العمارة يقطنها أجانب جميعهم من جنسيات عربية لثلاث دول، أغلبهم ملتحون وأشكالهم مريبة، موضحاً أنه دائماً ما يراهم عند الساعة الواحدة صباحاً يجلسون أمام العمارة يستأنسون رجالاً ونساءً، مبيناً أنهم استأجروا العمارة منذ حوالي أربعة أشهر، واستطرد بأن أكثر ما يريبه تحركاتهم الكثيرة ليلاً وقلتها نهاراً، بجانب أنهم يدخلون كميات كبيرة من الطعام في أكياس ليلاً إلى العمارة، وقال: (بعد اكتشاف الحادثة اتضح لي أن كميات الطعام هذه ليست إلا تمويه لعمليات تصنيع المتفجرات).
{ ما هي قصة الدراجة النارية والخضار؟؟
لاحظت (المجهر) وجود دراجة نارية متهالكة بعض الشيء عليها وعاء بلاستيكي مليء بالخضار، فاستوثقت منها وعلمت إأن صاحبها يعمل على جلب الخضار بصورة يومية لبعض قاطني الشقة فأوقفته الشرطة رهن التحقيق، وكشفت تحريات مسرح الحادث عن أن إطاري الدراجة يظهر عليهما (تراب) بلون أحمر، لذلك رجحت أن صاحبها يطوف بها مناطق نائية بولاية الخرطوم.
{ الشرطة تكثف تحرياتها
كثفت مباحث شرطة ولاية الخرطوم تحرياتها مع عدد يفوق الاثني عشر أجنبياً يقيمون في العمارة، أوقفتهم لحظة الحادثة، فيما ظلت تلاحق بعض المتهمين الرئيسيين المتورطين في الحادثة، وضيقت عليهم الخناق بعد أن توصلت إلى خيوط تشير إلى مكان وجودهم حتى كتابة التقرير.
{ أهداف الشبكة
لم يتسن لمصادر (المجهر) معرفة أهداف الشبكة التي تسعى لها عقب فراغها من مرحلة التصنيع، وقالت إن التحريات لا تزال في مهدها مع المشتبه بهم، لذلك لم تصل السلطات لأهداف الشبكة من تصنيع مثل هذه المتفجرات، وأوضحت أن الخرطوم تعد من أكثر العواصم أمناً واستقراراً، وقطع بأن الشرطة والوحدات الأمنية الأخرى لن تسمح لأي نشاط إجرامي بتهديد أمنها.