عابر سبيل
المرحومة لم تكن غلطانة!
ابراهيم دقش
كان يمكن أي من طالبات داخلية “علي عبد الفتاح” بأم درمان، اللائي أغلقن الشارع عند بوابة عبد القيوم يوم (الأربعاء) الماضي، احتجاجاً، كان يمكن أن تكون أي واحدة منهن هي الضحية، وبالتأكيد كان ذلك شعورهن جميعاً عندما اختطف أحد بصات الوالي روح زميلتهن في ربع دقيقة نتيجة السواقة بإهمال وباستهتار.. فقد دهس ذلك السائق تلك الفتاة المسكينة لأن سرعته – في مكان مزدحم – كانت فوق المعدل وفوق المألوف، وزاد الطين بلة أنه ترك البص وانطلق هارباً حتى حاصره سائقو “الركشات”.. ومن هنا كان إغلاق الشارع احتجاجاً وهي ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها مواطنون إلى إغلاق شارع احتجاجاً أو تذمراً، فقد تحولت هذه الحالة من “ظاهرة” إلى (موضة) لسبب بسيط هو تعطيلها لحركة المرور وبالتالي يتحرك المسؤولون للاستماع إلى المحتجين.. لكن السؤال هو أين شرطة المرور؟ فلو أن الشوارع ذات الكثافة الحركية يراقبها شرطي أو شرطيان ويعالجان المخالفات أو منع وقوعها مثل حالة ذلك البص الذي طاش سائقه وتسبب في خطف روح شابة صغيرة دون ذنب جنته سوى أنها أرادت أن تعبر الشارع أمام داخليتها، ومع صعود روحها تبخرت كل تخطيطاتها وتطلعاتها وحرقت آمالها المخضوضرة وتيبست أحلامها الغضة.
أتمنى على الأخ اللواء “خالد بن الوليد” مدير عام شرطة المرور، أن يعيد النظر في خارطته المرورية وأن يضع إستراتيجية (حماية) للمشاة، وأن يشدد رجاله قبضتهم على الشارع العام بعد أن أصبحت العاصمة المثلثة تئن بالناقلات والشاحنات والحافلات والملاكي وعربات الأجرة والأمجاد والركشات، وبعد أن تحولت شوارعها إلى سيركس CIRCUS.
مضى زمان كان رجل المرور يقصد فيه تحديد المسؤولية عن حادث سير بين سيارتين، فلا يتورع عند الاشتباه في المخطئ فوراً وقبل التحقيق، فالرواة يتداولون كيف أن سمعة عربات “الأمجاد” أيامها كانت سيئة ووقع حادث حركة بين أمجاد وعربة ملاكي، فما كان من شرطي المرور إلا ورفع سبابته موجهاً إياها نحو سائق الأمجاد: أنت غلطان! أما الآن فقد اختلط الحابل بالنابل وتنافست الركشات مع الأمجاد ومع الحافلات وأخيراً جاء دور بصات الوالي..
مسكين الوالي!!