مسالة مستعجلة
تناقضات “ترامب”!!
نجل الدين ادم
لم تتوقف المسيرات الاحتجاجية في الولايات المتحدة الأمريكية حتى يوم أمس، على قرارات الرئيس “دونالد ترامب” القاضية بإلغاء تأشيرات الدخول لمواطني الدول السبع التي حددتها ومن بينها السودان، سيما وأن حالة هرج مرج عمت المطارات هناك عندما شرعت السلطات في تنفيذ الأمر وإعادة أولئك الذين يقعون في دائرة الحظر من المواطنين، من المعابر والمطارات دونما أي استثناء.
ذكرت في هذه المساحة أمس الأول، أن التحدي الحقيقي والاختبار الأول الذي سيواجهه الرئيس “ترامب”، كيفية التعاطي مع أي قرار قضائي ناقض للأمر الذي أصدره خصوصاً إذا جاء من المحكمة الدستورية، وبالفعل دفع بعض المتضررين من القرار بطعن للمحكمة والتي كان قرارها إيقاف تنفيذ الأمر الرئاسي!
“ترامب” ربما امتثل للقرار القضائي ولكنه متمسك بتنفيذه، وهذا ما يزيد من موجة الاعتراض وعدم الرضا عنه، ويكون أول صدام له مع المواطنين بعد تسلمه مقاليد الرئاسة.
رغم قسوة القرار الصادر من “ترامب” في حق رعايا هذه الدول، إلا أنني أجد نفسي غير منزعج من الآثار التي ستترتب على الأقل على المدى المتوسط، وذلك من واقع أن القرار هو تنزيل لبعض الوعود الانتخابية التي أعلنها “ترامب” في حملاته فيما يتعلق بالمهاجرين ووضعهم مستقبلاً، لذلك لم يجد من بد إلا أن يوفي بالوعد وقد كان، لا أظن أنه أي “ترامب”، لم يتوقع ردة الفعل هذه وهو مقدم على تنفيذ القرار، ولا الآثار السالبة التي يمكن أن يحدثها، ولكنه يريد أن يقول لناخبيه هأنذا قد وعدت وأوفيت، مع وضعه في الاعتبار خيار التراجع من القرار، سيما إذا كان هناك نقض دستوري أوقف القرار.
“ترامب” الذي يكيل العداء للمهاجرين هو نفسه مهاجر جاء من أوربا، وما أمريكا كلها إلا تشكيل جديد من المهاجرين، حيث إنه لو لا هم لما كانت الولايات المتحدة الأمريكية موجودة في حيز العالم، لذلك يبدو القرار مناقضاً لنفسه.
المدى الزمني الذي وضعه “ترامب” في قراره وحدده بأربعة أشهر بغية المراجعة، يمثل نواة لإمكانية التراجع عن القرار في أي وقت، ولكن وحتى يحفظ “ترامب” ماء وجهه فإنه حتماً سيتمسك بما قال حتى لو أنه يعلم أنه مخطئ بنسبة (100%)، ليبدأ من بعد ذلك في العد التنازلي ويعلن إلغاء القرارات الصادرة منه امتثالاً للدستور.
على الحكومة السودانية أن تتعامل مع الأمر بمزيد من الحكمة وعدم الشطط في إثارته وتحويله إلى مواجهة.
أتوقع ما أن تمر بضعة أيام إلا ويتراجع الرئيس الأمريكي عن ما أقدم عليه من خطوة، وحتى ذلك الوقت فإنه ليس أمامنا إلا انتظار الفرج.. والله المستعان.