رأي

"جلال الدقير".. تفكيك معادلة رحلة "لندن"

بقلم – عادل عبده
رحلة الدكتور “جلال الدقير” إلى العاصمة البريطانية “لندن”، تعتبر معادلة كيمائية سياسية من الدرجة الأولى تحتضن قوالب متعددة، أبرزها الاستشفاء والنقاهة والتأمل الشفيف والمراجعة الذاتية، وهي بذلك تحتاج إلى التفكيك والتحليل على غرار نظرية الرياضيات والفيزياء.
الدكتور “جلال الدقير” الأمين العام للاتحادي الديمقراطي المستقيل غادر الخرطوم بتاريخ 27يونيو 2016م وما زال موجوداً في “لندن” حتى الآن في رحلة طويلة جعلت القلوب والنفوس تتحسس ما وراء الموقف العصيب والتأويلات  المتشابكة في غياب الرجل الذي فارقهم هذه المرة باندفاع مختلف .. كانت المشاعر جياشة وكانت الدموع صادقة على باحة قاعة الصداقة في احتفائية الذكرى العشرين لمبادرة الحوار الشعبي الشامل، والذكرى العاشرة لرحيل الشريف “زين العابدين”، فالاستقالة التي أطلقها “جلال” يومذاك وضعت الاتحادي الديمقراطي على مفترق طرق فيها شواهد تدعو للقلق وإشارات تحمل دلالات عميقة، ثم جاءت المغادرة التي تعني فصلاً جديداً لقياس قوة التحمل والاختبار للوجوه في الداخل.
فلسفة المعادلة الرياضية لا تعرف المجاملة بينما فلسفة المعادلة السياسية ترتكز على العبرة والتذكير فلا شك أن محاولة تفكيك معادلة رحلة الدكتور “الدقير” تحتوي على الكثير من تلك المشاهد والصور، فالواضح أن اللحظات الطويلة  في عالم الضباب احتوى على رسائل مختبرية للشركاء أو بعضهم حول قيمة المبادرة الثمينة التي فتحت الطريق للشفافية والانفتاح في صلب المشروع  التاريخي. وكم هو يستحق الوفاء والاعتبار وبذات القدر كم ترهق دروس “لندن” المدفعية اللفظية التي تضرب الحائط الصلب بينما الأحبة أيضاً لهم نصيب كبير في المعادلة يؤطر إلى بلوغ القناعات التي تطرد السحب الداكنة.
تفكيك معادلة رحلة “لندن” تستصحب معها أدبيات الاستقالة وأبعادها وكيف يكون طعمها عندما تقابل بالرفض، فضلاً عن ذلك تمنح المعادلة الفرصة المواتية لقيادات الداخل في العمل الدءوب والجهود الجبارة من أجل تخطي الصعاب والأهوال.
في قالب الاستشفاء..فإن المصادر المطلعة تقول بأن الدكتور “جلال” كان يعاني من إشكالية في التنفس الليلي بنسبة أكبر من المتوسط، حيث استدعى ذلك إجراء فحوصات دقيقة على الصدر والرئة والغدة الكظرية، وقد رأى كبار الاختصاصيين الانجليز أن يتم العلاج على مراحل زمنية طويلة لضمان النتائج الايجابية، على أن تتخلل كل مرحلة فترة محسوبة وقد جاءت جميع النتائج مطمئنة للغاية.
في قالب التأمل الشفيف ربما يرى الدكتور “جلال” من النافذة الواقع المحيط بحزبه .. كم يحتاج إلى روح جديدة ورافعات متينة لمقابلة تحديات المستقبل بغض النظر عن وضعيته  التنظيمية، فإن بطاقته الحزبية لن تتغير بالمواقع .. وفي تأمله ربما يكون هنالك صمت الشقيق الرفيع الذي ينظر إلى معالم الطريق وأجندة الانطلاق.
سار “جلال الدقير” بين ألغام الأصدقاء والأعداء حيناً من الدهر..في مسيرته الطويلة عناق وحروب واحتضان ومصالحات ودهاء، وقد كان شجرة تنحني غصونها دون أن تنكسر وكانت من خصائصه ردم الحاجة في أروقة الحزب وهو كبشر لا يخلو من السلبيات، غير أن له كثيراً من المزايا جعلته يكسب قاعدة عريضة.
معادلة رحلة “لندن” وصفة حديثة اقتضى قيامها تعقيدات المناخ الحزبي والانفعالات الخارجية وإفرازات الطبخة المعلبة، وهي تستهدف التمرد على تلك المعطيات البالية في سياق المعالجات الجديدة والخطوات النوعية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية