بعد.. ومسافة
حول معاني الحروف المقطعة في القرآن
مصطفى أبو العزائم
تلقيت على حسابي الخاص في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي رسالة استوقفتني كثيراً، ولأنني ليس ممن يأخذون المعلومة كما هي دون تحققٍ أو تثبّت، أخذت أبحث عن حقيقة ما وصلني بحذر شديد فلجأت إلى شبكة الإنترنت وإلى محركات البحث العالمية المعروفة إضافة إلى اليوتيوب، فتأكدت من صحة ما ورد في الرسالة التي أرسلت إليّ، وقد شكّل ذلك مفاجأة لي مثلما سيشكِّل مفاجأة لكم ولكثير من الناس، لذلك نريد رأي العلماء وأهل اللغة والمفسرين وأهل الاختصاص بعد الإطلاع على النص أدناه:
● بالأمس شاهدت فيديو لشاب اسمه “لؤي الشريف”، هذا الشاب مهتم بدراسة اللغات السامية ومن خلال دراسته قدم طرحاً لمعاني الحروف المقطعة في القرآن. بصراحة طرحه مدهش بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولن أبالغ إذا قلت إنه الطرح الوحيد الذي أقنعني بالفعل، فقد بحثت كثيراً عن معانيها ولم أقتنع في حياتي إلا بهذا الطرح.
الطرح ببساطة..
الحروف لابد أن لها معنى وإلا لما أنزلها الله إلينا، ووظيفتنا نحن التدبر والبحث لفهم هذه المعاني. الأستاذ “لؤي” من خلال دراسته للغات السامية اكتشف أن أصل الأبجدية العربية مأخوذ من الأبجدية السريانية، وأنا بحثت في المعلومة وتأكدت من صحتها من عدة مصادر، الحروف في اللغة العربية ليست لها معاني في ذاتها لكن في اللغة السريانية التي هي أصل الأبجدية العربية كل حرف له معنى في ذاته، وبناءً على ذلك بحث الأستاذ “لؤي” معاني تلك الحروف في السريانية. والحقيقة أن النتائج كانت مدهشة وتكاد لا تصدق.
والنتائج كانت من خلال موقع ترجمة (morfix) أمام الجميع، وليست ترجمة الأستاذ “لؤي” نفسه:
{ الم: تعني اصمت
وكان يستخدمها سيدنا “داوود” في خطبه عندما يريد قول شيء مهم. وهذا مذكور في “الزبور” و”التوراة” ليومنا هذا بنفس الحروف (الم) لكن بالشكل العبري والسرياني.
وعندما نطبق هذا المعنى على القرآن في سورة “البقرة” مثلاً، ستصبح: اصمت ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين.. انظر للسياق وكيف استقام المعنى.
{ الر: تعني تبصر أو تأمل بقوة
وعندما تنظر لكل الآيات التي وردت بعد (الر) في القرآن تجد أنها احتوت على شيء يتبصر أو يتأمل فيه.
السور التي تبدأ بـ( الر):
} سورة “يونس”: (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1))
} سورة “هود”: (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)).
} سورة “يوسف”: (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1))
} سورة “إبراهيم”: (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1))
} سورة الحجر: (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ (1) ).
انظر إلى السياق وكيف استقام المعنى؟
{ طه: وتعني يا رجل
الهاء حرف نداء والطاء تعني رجل في السريانية
لاحظ: يا رجل ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى.. لاحظ السياق وكيف استقام المعنى؟
} ملحوظة: هناك معتقد خاطئ عند البعض أن (طه) اسم من أسماء النبي “صلى الله عليه وسلم”، وهذا اعتقاد خاطئ لم يقل به أي عالم أو أي صحابي، بل هي حروف مقطعة مثل (الم) و(الر) وغيرها.
{ كهيعص: وتعني هكذا يعظ
هكذا يعظ..
(ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا * يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا).
انظر إلى السياق وكيف استقام المعنى؟
المفاجأة التي أدهشتني فعلاً ما قاله ابن عباس في (طه).
عن عكرمة عن “ابن عباس” أنه قال طَه: يَا رَجُل بالسُّرْيَانيَّة
هل لاحظتم ماذا قال “بن عباس”؟ قال: يا رجل بالسريانية هل تعلمون من هو “بن عباس”؟
هو من دعا له الرسول: اللهم فقه في الدين وعلمه تأويل الكتاب.. هو حبر الأمة.
في النهاية أنا لا أقول إن تلك معاني الحروف بالتأكيد، ولكن أقول إنه طرح عقلاني قائم على معلومات حقيقية وليس مجرد آراء وأقاويل مرسلة، ولذلك فهو مجهود رائع واجتهاد موفق
● هذا هو نص الرسالة ونأمل أن يفتح لنا باباً للنقاش المفيد خاصة من قِبل أهل العِلم واللغة وعلماء التفسير.. نأمل ذلك حتى تعم الفائدة.