مسألة مستعجلة
هل تخشى الحكومة من عودة “المهدي”؟!
نجل الدين ادم
السؤال أعلاه فرض نفسه وأنا أتابع ملابسات الجدل حول نية حزب الأمة استخدام ميدان الخليفة بأم درمان للاحتفال بعودة الإمام “الصادق المهدي” (الخميس) المقبل، ونية حكومة ولاية الخرطوم الاحتفال بذكرى تحرير الخرطوم في ذات المكان والزمان، وسيل المغالطات عن أيهما سبق الآخر في الترتيب لاستخدام المكان، وأيهما أولى باستغلاله.
حزب الأمة بدا ساخطاً بحسب ما أوردته الأمين العام للحزب “سارة نقد الله”، حيث وجهت اتهاماً صريحاً للسلطات بعدم التعاون في مسألة حسم أمر التصديق لهم بإقامة الاحتفال وإجراء اللازم فيما يتعلق بالتدابير الروتينية المعروفة من تأمين وفتح الشوارع وغيرها، وأشارت إلى وضع نائب رئيس الحزب اللواء “فضل الله برمة ناصر” طلباً أمام معتمد أم درمان بالخصوص.
“سارة” ذكرت في حديثها أن معتمد أم درمان رد على جزئية محددة في الخطاب عبر مكتبه، حيث اكتفى بأن الولاية بصدد إقامة احتفال بذكرى تحرير الخرطوم في ميدان الخليفة في ذات اليوم الذي رتب فيه حزب الأمة استقبال الإمام “الصادق المهدي”.
أمر التصديق لا يقتصر على السيد معتمد أم درمان فحسب، فهو مرتبط بترتيب هرمي في السلطات بدءاً من المحلية فيما يليها، مروراً بالولاية ثم الجهات ذات الصلة، بجانب المؤتمر الوطني كحزب حاكم بما يملك من إرادة سياسية يمكن أن يوجه بها بما يتوافق مع المرحلة.
لكن من الواضح أن هناك عدم رؤية مكتملة وإلا لما تعثر حزب الأمة في الحصول على التصديق حتى الآن وهذه تحسب على الحكومة!
ليس من مصلحة الحكومة أو حزب المؤتمر الوطني بأي حال من الأحوال أن يُعلق مثل هذه الأمور دون أن يبت فيها، لأن عدم الرد يعني بالنسبة لحزب الأمة إعاقة خطوة إقامة احتفالهم باستقبال السيد “الصادق المهدي”، والحكومة في غنى عن إرسال مثل هذه الرسائل وفي هذا التوقيت بالذات.
معتمد أم درمان بما يملك من سلطات مخولة له لا يستطيع حسم الأمر، ولذلك لم يكن الرد كافياً على طلب الحزب، لذلك ليس من الحكمة أن يُحمله حزب الأمة المسؤولية كاملة.
لا أعتقد أن هناك إشكالية بالمرة في أن يقيم حزب الأمة وولاية الخرطوم احتفالهما في ذات المكان عبر التنسيق، فإذا قرر حزب الأمة مثلاً احتفاله في الرابعة مساءً وحتى المغرب بإمكان ولاية الخرطوم الاحتفال مساءً، أي ما بعد السابعة، أو الاتفاق معهم على بديل آخر بالتراضي وتوفير ما يلزم، ولكن الإشكالية تبدو في حالة الجفوة السياسية القائمة بين الاثنين، عودة الإمام للمعارضة من الداخل خير للحكومة من إدارة المعارضة من خارج الحدود، الجو السياسي والتحول الماثل الآن يحتم على الحزب الحاكم أن يعبر بالمرحلة الحالية بسلام وأن يكون هو السبّاق في ذلك.
مطلوب من حزب المؤتمر الوطني التقدم خطوة إلى الأمام بتوجيه يعيد الأمور إلى نصابها ومعالجة الأمر بما يرضي الطرفين، فالسلطات ذات الصلة هي رهن إشارة الحزب، لذلك من الأوفق للمؤتمر الوطني أن يفوِّت الفرصة على الذين يتهمونه دوماً بالتعويق.. والله المستعان.