الحاسة السادسة
شمال دارفور..عودة الروح!!
رشان أوشي
عندما تم التوقيع على اتفاق سلام دارفور في العام 2011م، وخرجت الاتفاقية في أهم بنودها “إعادة الإعمار”، وخصصت الوساطة القطرية والمانحون مليارات الدولارات لإعادة إعمار الإقليم الذي دمرته الحرب على مدى عقد ونيف من الزمان، قلنا إنها محض أحلام، وأن يد الفساد والاعتداء على المال العام لابد أن تمتد عميقاً، ولكن عندما شهدنا تدشين الخطة (أ) على أرض الواقع، شعرنا أن الحلم لابد أن يصبح حقيقة.
إذاً نحن لسنا بحاجة لعصا موسى، ولا ليلة القدر، ولا مال قارون، نحن بحاجة لأفكار ناجعة ورجال أوفياء، يعلمون أن المواقع الدستورية ليست للراحة إنما رهق ومسئولية، وليست لامتطاء الفارهات، وإنما الفارهات وسيلة لخدمة المواطن وأداء الرسالة، وهو بالضبط ما شهدت عاصمة ولاية شمال دارفور خلال عامين، وهي الولاية التي أنفق عليها المركز في عهود سابقة إنفاق من لا يخشى الفقر، بدعاوى الأمن والاستقرار، ولكنها اليوم تغرق في الاستقرار عبر مجهود بسيط بذلته حكومة الولاية في توفير قدر من التنمية، ليس منة منها ولكنه الواجب الذي بات لا يقوم به إلا القلة من المسئولين.
فمشروع الإنارة بالطاقة الشمسية الذي ابتدرته ولاية شمال دارفور، عبر إنارة شوارعها الرئيسية في عاصمتها الفاشر، حقاً مبهر، وينم عن بصيرة لصاحبه، ونظرة استراتيجية، رغم تكلفته الباهظة، إلا أنه إنفاق لمرة واحدة، يوفر ثمن تناكر الوقود التي تستهلكها الولايات البعيدة عن خطوط الكهرباء القومية، إضافة إلى أنه يخفف الضغط على الكهرباء العامة كثيراً، خاصة إذا استخدم فقط في إنارة شوارع الخرطوم، سيوفر نسبة كبيرة من الاستهلاك ونودع قطوعات الكهرباء في مواسم الضغط العالي.
إضافة إلى ذلك تأهيل وتشييد عدد من المستشفيات الجديدة والمتخصصة، واستقدام عدد كبير من الأخصائيين والأطباء العموميين، توفر العلاج لمواطني الولاية والجوار، وبالتالي يخف الضغط على مستشفيات العاصمة، وتوفر على المواطن رهق السفر مسافات بعيدة، وإنفاق المزيد من المال. ولكن على حكومة ولاية شمال دارفور الانتباه إلى نقطة هامة، وهي ضرورة توفير ذات الخدمات ولو بالقدر البسيط في المحليات وما حولها، حتى لا تتحول الفاشر إلى مركز جديد، يفرز هامشاً جديداً، وينفتق الجرح مرة أخرى.