تقارير

الحركات والأحزاب الممانعة للحوار.. ضيق الخيارات والزمن

في ظل المتغيرات السياسية التي طرأت بالساحة
الخرطوم – محمد جمال قندول
يتساءل الكثيرون عن المشهد الضبابي الذي يحيط بالأحزاب المعارضة والحركات المسلحة الممانعة في الالتحاق بالحوار الوطني خاصة في ظل تشدد وتمسك الحزب الحاكم، المؤتمر الوطني، بأن لا حوار خارجي بعد خروج الوثيقة الوطنية منبثقة من الحوار الوطني، الذي صنفته النخب السياسية بالبلاد بأنه أكبر مشروع سياسي منذ الاستقلال.
وفي ظل المتغيرات التي تشهدها الساحة السياسية مؤخراً أطلت الكثير من الأسئلة الملحة التي تبحث عن إجابات، فيما يخص وضع الأحزاب والحركات الممانعة للالتحاق بمسيرة الحوار، الذي يمضي إلى نهاياته، بإجازة التعديلات الدستورية وانتظار إعلان حكومة الوفاق الوطني.
الوثيقة الوطنية
 وقد جدد حزب المؤتمر الوطني رفضه  القاطع لأي حوار يعقد مع القوى السياسية والحركات المسلحة الممانعة بالخارج. وفي هذا الصدد قال نائب رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني د. “عبد الملك البرير” في حديث لـــ(المجهر) أمس الأول (الجمعة) بأنه لن يكون هنالك حوار بعد الحوار الوطني، وإنما انضمام للوثيقة الوطنية، لمن أراد السلام، مشيراً إلى أن القوى السياسية والحركات المسلحة، حتى الممانعة مقتنعة بمخرجات الحوار بمن  فيهم رئيس حزب الأمة القومي “الصادق المهدي”، الذي أشاد بها، وكذلك الوسيط الأفريقي “ثابو أمبيكي”، وفضلاً عن دول الغرب ومنظمات المجتمع المدني الداخلية والخارجية.
حديث “البرير” ورد على لسان أعلى قيادات الدولة متمثلة، بالرئيس “البشير” ونوابه ومساعده “إبراهيم محمود” في أكثر من سانحة، بأنه لا بديل لغير الحوار إلا الحوار.
وحتى على صعيد الأحزاب الأخرى،  فإن الحوار الوطني بات هو الحل السياسي للبلاد، فهو وفق رئيس حزب الأمة الوطني والنائب البرلماني “عبد الله مسار” في حديثه لــ(المجهر) “الأمل الوحيد للسودانيين لإحداث توافق سياسي ومعالجة الأزمات الموجودة منذ الاستقلال، الذي لم يخدم السودانيين إلا في رفع العلم والسودنة”، بحد تعبيره.
“مسار” أكد أن قادة الحركات المسلحة والأحزاب السياسية الممانعة سينضمون للحوار، وأن الأمر يعتمد على عنصر الزمن فقط، لإيمانه وقناعته بأن الحرب ما عادت الوسيلة الناجعة، وأنه لا وجود لأحزاب قوية تستطيع إحداث تغيير على أرض الواقع أو إسقاط النظام، بعصيان أو انقلاب أو بالحرب، لذا فإن الخيارات باتت ضيقة بالنسبة للمانعين، ولا حل لهم سوى الانضمام للمتحاورين، بالداخل عبر الوثيقة الوطنية.
شعارات الشيوعيين
وفي الوقت ذاته لا زال الحزب الشيوعي على موقفه الرافض لفكرة الحوار ومتمسكاً بمبدأ إسقاط النظام والذي بحسب المعطيات الآنية باتت احتمالاته ضعيفة بحسب “عبد الله مسار”، والذي قال في معرض الطرح: إن الشيوعيين لو عندهم حل يقدموه، بينما رد د.”عبد الملك البرير” على الجزئية المتعلقة بالحزب الشيوعي، قائلاً: إن شعارات الشيوعيين الداعية لإسقاط النظام بالقوة تدعو للسخرية. وزاد: الحزب الشيوعي يعاني من خلافات داخلية والشيوعيون يعشقون المعارضة وجيناتهم لا تتفق مع أي حكومة، وجيناتهم هي الديمومة في المعارضة، وفات عليهم الزمن والناس تجاوزت أفكارهم وتساقطت قياداتهم.
ويرى أمين التنظيم بالحزب الاتحادي (الأصل) “أسامة حسون” في ثنايا حديث لـ(المجهر) بأن الأحزاب الممانعة ليس لديها خيار غير الحوار، مناشداً إياها بضرورة تحكيم صوت العقل للالتحاق به خاصة وأن السلاح لم يعد مجدياً.
نداء السودان
في الوقت ذاته، يشكل وضع حزب الأمة القومي علامات من الاستفهام بسبب مواقفه التي تتأرجح ما بين نداء السودان وبين العمل باستقلالية، أحياناً. فالبرغم من رفض الحزب مبدأ الحوار إلا عبر نافذة خارطة الطريق، فإن عودة الإمام “الصادق المهدي” المقررة بالسادس والعشرين من يناير الجاري، قد تثير وتقود إلى انشقاقات بين قوى نداء السودان. وبحسب مصادر تحدثت لــ(المجهر) فإن قادة الحركات المنضوية بنداء السودان رافضون تماماً لمبدأ عودة الإمام إلى الخرطوم، وباتوا يفقدون الثقة بـ”المهدي”، نظراً لمواقفه المسبقة والمتقلبة في كثير من الأحايين وخشية من انضمامه إلى الحوار الوطني في أي لحظة.
وفي الوقت ذاته يتفاءل العديد من الأحزاب والقوى المشاركة بانضمام “المهدي” في أي لحظة، وهو ما أكده الأمين العام لمجلس الأحزاب الوحدة الوطنية “عبود جابر”، في حديثه لــ(المجهر)، حيث أكد بأن الإمام قد ينضم في أي لحظة للحوار، والجميع يرحب به نظراً لمكانته السياسية الكبيرة بالبلاد،  ويشير “عبود” إلى أن الأحزاب والحركات الممانعة باتت خياراتها ضعيفة وضيقة ولا بديل لها غير الحوار. ولم يفقد “جابر” الأمل في  انضمام قيادات الحركات المسلحة الكبرى. وقال: كل شيء وراد، لأن الشعب السوداني جميعه بات في صف المتحاورين بقاعة الصداقة.
الخبير السياسي، البروفيسور “حسن الساعوري” يرى بأنه إذا تم طرد الحركات المسلحة من الجنوب، وتم تجريدها من السلاح الذي هو في الأصل الجيش الشعبي، فإن في تلك الحالة لن يكون لدى المسلحين خيارات غير التفاوض والحوار. ويضيف خلال حديثه لــ(المجهر) بأن الحرب الذي تدور بالأطراف لم تعد لديها أي معنى، وأن تفكيرهم في المركز هو خيار ضعيف خاصة في ظل قوة الحكومة، وأشار إلى  أن انضمامهم إلى الحوار مرتبط بعدة عوامل، وأبرزها أن تصدق جوبا بوعودها بطردهم، مشيراً إلى أن الدعم الخارجي الذي تتلقاه الحركات توقف، لذلك لن يكون لديهم غير الحوار . 
وبحسب مراقبين فإن الجنوب قد يتجه إلى خيار طرد الحركات المسلحة في أي لحظة، خاصة إذا تم التمعن في الظروف المحيطة بالدولة الوليدة التي تعاني من حروب أهلية طاحنة بين “سلفا كير” و”مشار” وقناعة جوبا بأنه لا خيار  أمامها، هي الأخرى، في الفترة المقبلة سوى العمل على انفتاح العلاقات مع الشمال، وهو ما برز فعلياً خلال زيارة ناجحة لوزير الخارجية الجنوبية “دينق ألور”، قبل أيام قليلة، وسط توقعات بأن يزور الرئيس الجنوبي “سلفا كير” الخرطوم في وقت قريب، بحسب ما أعلن عقب تحديد تاريخ قاطع لتلك الزيارة. ويشير المراقبون إلى أنه حال نجاح زيارة “سلفاكير” للخرطوم فإن الحركات، ستجد نفسها في مأزق كبير خاصة، في ظل التضجر الذي تواجه به من قبل الدوائر الغربية والمنظمات، مع انفتاح بائن للعلاقات الخارجية للخرطوم مع جوبا والعالم.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية