عابر سبيل
الرئيس والعودة إلى الريف!
ابراهيم دقش
أراحني حديث الرئيس المشير “البشير” في (السروراب) بريفي الخرطوم عصر (السبت) الماضي حين نطق لسانه بقوة الدفع القادمة من (حوش بانقا) ومن (صراصر) نصاً: (الريف هو مخزن القيم والأخلاق الحميدة التي يعتز بها كل سوداني).. وبقوة واقع الحال حين قال نصاً أيضاً: (سياستنا في المرحلة المقبلة الاتجاه نحو الريف.. نريد إيقاف النزوح للمدن حيث الهواء الملوث وكثرة الحديد).. وفي الحالتين عبر الرئيس “البشير” عن عزم الدولة لإيلاء الريف حقه.. وذلك لا يجيء إلا بتوفير الخدمات وإقامة مشاريع تنموية، كما عبر عن اقتناع الحكومة بأن الريف هو الحديقة الخلفية للبلد التي يودع فيها قيمه وأخلاقه المتفردة التي تحافظ على القومية السودانية وعلى الإرث والتراث والتقاليد.. أما الاتجاه لوقف الزحف من الريف للمدن فقد جاء متأخراً لأنه ما من سبيل لإعادة ذلك الكم الهائل من البشر الذي استوطن الخرطوم، وهجر أولاده الزرع والضرع واتجهوا للخدمات الهامشية، ولكن ما يلزم اتخاذه هو (شوية) إجراءات بوقف توزيع المزيد من الأراضي السكنية وتحجيم الأعمال الهامشية في العاصمة تحديداً وفي بقية المدن الكبرى، مثل عرض مناديل الورق ولعب الأطفال وغسيل العربات في الشوارع الرئيسية بالعاصمة. وأخص بالذكر هنا أطفالاً صغاراً عند تقاطعات أنوار الحركة يدعون مسح زجاج السيارات إن لم يكن (توسيخها)، فهؤلاء من مسؤولية أمن المجتمع أن يوقفهم ويجمعهم وينظر مع وزارة الرعاية الاجتماعية الولائية والاتحادية – سيان – في مصيرهم بعد إجلائهم من تلك المواقع.
وأقول للأخ الرئيس – إن كان يذكر – بأن تجربة نظام مايو مع الريف السوداني تستحق البعث من جديد والإحياء، وهي تعتمد على التنمية الريفية المتوازنة وأتذكر تماماً أنها بدأت بكسر شأفة العطش في كردفان الكبرى ودارفور الكبرى.. وسادنها موجود – أطال الله في عمره – الدكتور “عثمان أبو القاسم”!