أين ذهبوا؟
{ نال منقو أجاك مقعداً في الجمعية التأسيسية عام 1986م عن إقليم أعالي النيل نائباً عن الجبهة الإسلامية القومية مثل علي تميم فرتاك في أعالي النيل وبروفيسور إبراهيم أحمد عمر عن الإقليم الأوسط وإبراهيم أبو الغيث عن كردفان.. وقاد منقو أجاك بوشمه الشلكاوي على خدوده الوضيئة التظاهرات في رمضان والتي مهدت الطريق وأزاحت الأشواك لتعبر دبابات الحركة الإسلامية للسلطة في 30 يونيو 1989م وتزيح الصادق المهدي عن السلطة ومعه غربت شمس نظامه إلى الأبد.. كانت الحركة الإسلامية تجمع الشلكاوي والشايقي والفلاتي والبقاري والجعلي والزغاوي تذوب في أوعيتها الأجناس والألوان واللهجات ويهتف الجميع (القرآن دستور الأمة).
صعد منقو أجاك لمنصب الحاكم في أعالي النيل وترقى في أجهزة التنظيم الذي ما كان ينظر للونٍ لبطاقة انتماء عضويته حتى ضربته محنة الانقسام والتشظي وذهب (إسلاميون يقاتلون إسلاميين) وتُصوب الذخيرة لصدور من يرفع راية لا إله إلا الله ليغرق الصريع في دمه.. حتى تشظى الوطن نفسه لدولتين ولكن التنظيم والحزب سبقه للانقسام في رمضان قبل ثلاثة عشر عاماً من الزمان.
{ اختار منقو أجاك وعلي تميم فرتاك والمهندس الشيخ بيش كور صف الوطني، وذهب موسى المك كور وعبد الله دينق نيال لضفة الشعبي قبل أن تهب عاصفة انقسام الوطن وتجعلهم أجانب في الخرطوم يُنظر إليهم كرعايا لدولة (عدو) ولا يجرؤ أحدهم بلوغ جوبا ومريدي ويامبيو، وهناك تمثل بطاقة الانتماء للإسلام تهمة تجعل حاملها رفيقاً وزبوناً لمخافر المخابرات والشرطة والأمن، وصديقاً لزنازين السجون وقضبان المعتقلات، وينظر لكل مسلم وقيادي سابق في المؤتمر الوطني (عميلاً) وتبلغ الجريمة مرتبة تهديد الأمن والسلم والإقليمي إن كان المسلم الجنوبي معتنقاً الفكر الإسلامي الحركي!!
{ تم فصل ابنة الزعيم منقو أجاك من الخدمة المدنية في السودان ومن فضل الله على الراحل (منقو) لم يشهد بعينه ما يجري لأسرته الآن من تشرد و(تنكر) أخوان الأمس لفضائل (منقو).. أصبحت الوظيفة العامة (محرمة) على الجنوبي المسلم في دولة الشمال، وانهال سيف الفصل غير الرحيم على الجنوبيين المسلمين والقيادات الإسلامية أعزة قوم أذلتهم دولتهم الأمة.. أضحت أسرة (منقو) في العراء ينظرون لمشروع حمله والدهم ضعفاً على ضعف حتى استوى سوقه دولة ونظاماً وحكماً يقارع أمريكا ويواجه الغرب ويتوارى خجلاً وخوفاً وفزعاً من القيام (بواجبه) الأخلاقي والإنساني والقيمي نحو الذين ضحوا ولكنهم لم (يستفيدوا). . عاشوا من أجل فكرة وحينما تبددت الفكرة أخذهم رب العباد حتى لا تتقرح أكبادهم حسرة على مصير كان مكتوباً أن يعيشه أبناء (منقو أجاك) اليوم، وهم في العراء بلا ثوب يغطي الزغب الحواصل ولا كبيراً يسد (فرقة) ولا قلباً رحيماً تحدثه نوازع الخير في دواخله لينظر لمآل أخوان الأمس من قيادات الدولة ورموزها الذين يحفظون أسرارها في الصدور و(لا يبيعون) تاريخاً تبحث عنه مخابرات عالمية بعدد الحصى. عندما يضع عبد الرحمن الخضر أمامه أكواب العصير والحساء وقطع اللحم المشوي عليه أن يتذكر منقو أجاك، وحينما يمتطى (عثمان كبر) اللاندكروزر الفارهة ليته طاف بذهنه اسم عثمان تميم فرتاك، ولما يخاطب خليفة الشيخ مكاوي لقاءاً للشعبي في العمارات لا ينسى الذين جاء بهم للحركة الإسلامية واليوم ينفر منهم الحاكم والمعارض ويصبح (الإسلاميون) الجنوبيون ضحايا للانتقام وضحايا للانفصال وخطيئة وطن كان، ومشروع ما..