بعد ومسافة
اعتذار.. ورحيل.. وكتاب
مصطفى أبو العزائم
الاعتذار أولاً، فقد أوقعني صديقي السيد “غوغل” في خطأ يحسبه القارئ عليّ لا عليه، إذ نشرت بالأمس وتحت عنوان هذه الزاوية مباشرة مادة عن (التقويم الميلادي) وقد جاءت بذات العنوان، وفيها معلومات قيمة وثرة عن التقويم الميلادي الذي تستخدمه أكثر دول العالم، والذي يعرف أيضاً باسم التقويم الغريغوري نسبة إلى البابا “غريغوريوس” الثالث عشر بابا روما.. وقد كانت المعلومات قيمة كما أسفلنا وجيدة ومحكمة الترتيب والصياغة، أخذتها عن مقال للشيخ الجليل “محمد صالح المنجد” الداعية السعودي المعروف المولود عام 1961م، وهو من خريجي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وحاصل على شهادة البكالريوس قسم الإدارة الصناعية، لكنه تحول بعد ذلك إلى الدعوة لله سبحانه وتعالى بتوجيه من الشيخ “عبد العزيز بن باز” وهو دون الثلاثين.
قرأت المقال فأعجبني كثيراً ورأيت أن أشرك معي قراء هذه الزاوية فيه لسببين، الأول هو الاستمتاع به، والثاني للاستفادة من المعلومات الثرة التي جاءت فيه، وقد أرسلت المادة المشار إليها، على حساب الأخ الأستاذ “صلاح حبيب” في الواتساب مع إرسالها على البريدين الإلكترونيين الخاصين بالصحيفة وبرئيس التحرير، زيادة في الحيطة والحذر، وكل تلك المواد المرسلة تحمل اسم كاتب المادة أسفلها، لكن صديقنا “غوغل” أراد لنا غير ذلك، حيث لم تتضمن المادة المرسلة اسم كاتبها عندما تم إرسالها بالشبكة العنكبوتية، فجاءت كأنما هي من منتجات صاحبكم القلمية، وما هي كذلك، لذلك رأيت الاعتذار (المغلظ) للقارئ الكريم، ولكاتب المادة الحقيقي، حتى لا ينسب إليّ ما ليس لي، وحتى لا يؤخذ ذلك علينا في يوم من الأيام.
رحيل عام.. ورحيل رمز
بعث إليّ مساء أمس الأول صديقي الأستاذ “عبد الإله المنصوري” برسالة على الواتس آب، ينبئني فيها برحيل المطران “كبوجي معن بشور”، وهو مطران القدس المناضل العربي الكبير كما وصفه صديقنا “عبد الإله”، وهو للعلم صديق لم ألتقِ به وجهاً لوجه منذ أن تعرفت عليه قبل فترة، من خلال إشرافه على بعض الحلقات التلفزيونية التي قدمتها لقناة الجزيرة مؤخراً، لكننا نتواصل ونتراسل بصفة مستمرة، ومن بين الرسائل تلك، كانت رسالته التي نعى فيها المطران الفدائي الفلسطيني السوري اللبناني “إيلاري كبوجي” المولود في حلب، والذي سجن في فلسطين المحتلة، وتوفي في الفاتيكان التي نفيّ إليها لمدة أربعين عاماً، وظل مسكوناً بحلم العودة إلى فلسطين، وقد ركب البحر مرتين أولاهما في سفينة الأخوة اللبنانية من مرفأ طرابلس عام 2009م، والثانية في سفينة مرمرة تحت مظلة أسطول الحرية من استانبول في مايو عام 2010م.
رثى صديقي “عبد الإله” المنصوري المطران “كبوجي” قائلاً ستفتقد الأمة فارساً من فرسانها الكبار، وستفتقد الكنيسة المسيحية العربية أحد أعظم أحبارها الذي فهم المسيحية عطاءً وتفانياً في سبيل الحق.
كتاب
وأما الكتاب فهو (مهنة في محنة).. توثيق لتاريخ الصحافة السودانية، الذي صدر مؤخراً عن مركز “عبد الكريم ميرغني” الثقافي في أم درمان، لزميلنا الكبير الصحافي والأستاذ الجامعي ومدير التوجيه المعنوي الأسبق في القوات المسلحة ومدير التلفزيون الأسبق اللواء الدكتور “محمود قلندر” الذي يرأس الآن قسم الإعلام بجامعة قطر، وقد وثق فيه الدكتور “قلندر” لتاريخ الصحافة السودانية متناولاً حسب ما قال به هو نفسه – ونحن لم نطّلع عليه بعد – نقول إن المؤلف وثق متناولاً أحوال المهنة منذ عهد الاستعمار وحتى يومنا هذا.. وهذا قطعاً تاريخ يستحق أن نتوقف عنده وعليه تسجيلاً وتحليلاً ورصداً دقيقاً خاصة وأن الصحافة هي إحدى مؤسسات الأنظمة الديمقراطية التي ترعى مصالح الشعوب مثلما ترعى حقوق الإنسان، وتعتبر نافذة لكل الآراء تتجسد فيها حرية التعبير وتتجلى في أعظم صورها، ويرتبط ازدهار الصحافة وفاعليتها بصوره واكتمال ديمقراطية الحكم التي إن كانت منقوصة تراجع دور الصحافة.
نهنئ صديقنا العزيز وزميلنا الدكتور “قلندر” على هذا الجهد المقدر، ونتمنى أن يكون إضافة حقيقية للمكتبة السودانية، ونهنئ كل الزملاء في الوسط الصحفي متمنين أن يتم تناوله بالنقد والجرح والتعديل حتى نعرف أين المشكلة.. ونتعرف على أس البلاء الذي جعل صحافتنا السودانية تتخلف عمن جاءوا بعدها.