تقارير

حرب المستندات تشتعل في الصحة و(المجهر) تكشف المستور!!

فجر تقرير لجنة التحقيق في استثمارات مستشفى الخرطوم الذي أعلنه وزير الصحة بروفسور مأمون حميدة الصراعات والحروب في القطاع الصحي بعد أن وجه التقرير اتهامات مباشرة تتمثل في مخالفات مالية وإدارية وقانونية لشركتي باجعفر المؤجرة للمستشفى الجنوبي، وشركة الفاراكيم المؤجرة للمركز التشخيصي المتطور، والمعمل الأردني، وشركة مستوصف كردفان ووصلت جملة المبالغ المطلوبة (6,787,962) جنيه منها (5,425,059) جنيه على شركة الفاراكيم، والتي تمثل نسبة الأرباح السنوية للشركة من حصة مستشفى الخرطوم.
وفي خطوة مفاجئة سارعت شركتي باجعفر، والفاراكيم بإبراز مستندات ووثائق وعقودات فندت اتهامات الوزارة وأدى هذا التضارب في التصريحات وتبادل إصدار التقارير والبيانات ما بين الوزارة والشركات إلى ربكة وحيرة في الأوساط الطبية.
ولمعرفة الحقائق كاملة بعيداً عن تقرير لجنة التحقيق التي شكلتها الوزارة أجرت (المجهر) تحقيقاً واسعاً لملمت فيه كافة الأطراف ذات الصلة بالقضية منذ عهود سابقة إمعاناً منها في كشف المستور وخبايا الصراعات التي أنهكت جسد وزارة الصحة (الهزيل) دون التحيز أو التحامل على جهة معينة.
أسئلة مشروعة:
ثمة أسئلة مشروعة لابد من طرحها وهي لماذا لم يحرك ساكناً أي من الخمسة من مديري مستشفى الخرطوم الذين تعاقبوا على إدارة المستشفى منذ العام 2004م، تجاه المطالبات بالاستحقاقات ولماذا أثيرت هذه القضية الآن؟ وهل هنالك ثمة مصالح تقف وراء ذلك ولمصلحة من؟ وما هي الجهة التي يمكن أن تحاسب في حالة حدوث فساد مالي أو لعدم تنفيذ العقود أو تغيير في عقودها؟
تحقيق وزارة الصحة:
أكد د. مأمون حميدة وزير الصحة بولاية الخرطوم أن الهدف الأساسي من تشكيل لجنة للتحقيق في استثمارات مستشفى الخرطوم أعادت ما أفتقدته المستشفى من مبالغ طائلة في استثمارات المستشفى الجنوبي والمركز المتطور التشخيصي جراء تجاوزات ومخالفات مالية وإدارية وقانونية تسببت في ضياع المبالغ ونفى أن يكون بهدف تجريم أو توجيه الاتهامات لأحد، ووجه الوزير بإخضاع جميع الموظفين المقصرين للمحاسبة وفقاً للقانون واتخاذ إجراءات قانونية ضد شركة باجعفر المؤجرة للمستشفى الجنوبي، وإلزامها بدفع مليون جنيه و(227) ألف وإجراءات قانونية ضد شركة الفاراكيم (تم حلها وتصفيتها واستبدالها بشركة أخرى، لسداد مبلغ أكثر من (5) ملايين جنيه للأرباح السنوية للمركز المتطور التشخيصي وإجراءات قانونية ضد الشركة مستوصف كردفان (المؤجر الحالي للمركز المتطور)، وأكد الوزير رصد مبالغ استهلاك الكهرباء والنفايات لمدة (5) سنوات بقيمة (6) مليارات و(878) ألفاً و(972) جنيهاً، وقال إن كل الأدلة تؤكد عدم استلامها لأسباب غير معروفة لافتاً لتوقيع عقد مع المعمل الأردني بمبلغ (4) آلاف دولار، وأشار إلى أن إدارة المستشفى حولت المبلغ إلى (4) آلاف جنيه سوداني واعتبر ذلك تغييراً في العقودات، مشيراً إلى أن المستشفيات كانت تتبع للصحة الاتحادية مما منحها استقلالية وانتقد ضعف الإشراف على مستوى الوكيل وإدارة الطب العلاجي مما أدى إلى انفراط الاستثمارات.
ولإكمال حلقة التحقيق تقصت المجهر مع المديرين السابقين الذين تعاقبوا على المستشفى والبالغ عددهم أربعة، وهم د. مبيوع مصطفي مبيوع، ثم د. صلاح عبد الرازق، ثم د. كمال عبد القادر، وأخيراً د. عبد الله عبد الكريم، وأجرت (الصحيفة) اتصالاً مع د. مبيوع مصطفى مبيوع أول مدير وقع عقد المركز التشخيصي المتطور في العام 2005م، وقال د. مبيوع إن العقد وقع مشاركة متناقصة في الأرباح على أن تتلزم الشركة بالبناء والتأسيس وتقوم المستشفى بتجهيز قطعة الأرض والمعدات على أن تأخذ الشركة نسبة 70% من الأرباح، والمستشفى 30% في العام الأول، وتتناقص الأرباح إلى 30% للشركة، و90% للمستشفى، وقال د. مبيوع إنه لم يكمل السنة الأولى بالمستشفى، وأن الدفع يكون عادة نهاية العام من الأرباح، مشيراً إلى أن أول دفعية كانت في عهد المدير الذي خلفه، وهو د. صلاح عبد الرازق وعندما سألناه عن بداية الإجراءات هل تمت سليمة أكد مبيوع أنها سارت وفق ما هو مُتفق عليه واعتبر ما يحدث الآن مغالطات تحسمها المستندات.
وقمنا بالاتصال بالدكتور صلاح عبد الرازق لمعرفة الحقيقة ولكنه أخبرنا بأن ملف القضية الآن في يد المستشار القانوني وطلب إلينا أن نترك القضاء يأخذ مجراه.
وأجرينا اتصالاً بالدكتور كمال عبد القادر الذي وجهنا بدوره للاتصال بدكتور عبد الله عبد الكريم الذي كان يشغل منصب نائب المدير ورئيس اللجنة المالية آنذاك في إدارة المركز التشخيصي والمفوض في الإجراءات المالية من قبل إدارة المستشفى.
وعندما اتصلنا بدكتور عبد الله عبد الكريم أبدى استغرابه من حجم المبلغ المطلوب من بنك وزارة الصحة وقال: (لا أعرف كيف حسبوها) مؤكداً عمل مخالصة نهائية مع شركة الفاراكيم في السنة الأخيرة 2009م وتشكيل لجنة تضم المدير المالي للمستشفى وأحد المراجعين، ثم كتابة تقرير الحساب النهائي واعتماده وعمل توصية نهائية، وقال إن المستندات التي تثبت ذلك موجودة، وانتقد د.عبد الله عدم الاتصال بأي من المديرين السابقين أو المدير المالي حول لجنة التحقيق أو التحري معهم، مؤكداً التزام الفاراكيم في الدفع بصورة منتظمة، وقال إن المركز خلق منافسة في السوق بعد أن خفض  الأسعار من 20 إلى 50% فيما اعتبرت مصادر ما يحدث الآن في القطاع الطبي صراع مصالح ليس إلا، مشيرة إلى أن الهدف من إغلاق وتعطيل المركز لمنافسة القطاع الخاص، مشيرة إلى أن التكلفة بالمركز تبلغ 200 جنيه مقارنة مع 500 بالمراكز الأخرى، وشككت المصادر في لجنة التقصي التي كونها الوزير باعتبارها تضم أشخاصاً لهم استثمارات ومصالح تضررت من قيام المركز التشخيصي، وقالت إن تعطيل المركز سيتضرر منه المواطن الذي لا يقدر على التكاليف العالية بالمستشفيات الخاصة.
من جانبه قال د. بابكر محمد علي، رئيس لجنة التحقيق في الاستثمارات، إن الهدف من الاستثمار بالمستشفيات الحكومية هو إيجاد دعم للمستشفى الأم، وأكد أن المراجعة التي تمت الغرض الأساسي منها هو الوقوف على الإيجابيات ودعمها ومراجعة السلبيات، واستبعد وجود مصلحة للوزارة في ذلك.
واستعرض د. بابكر خطوات عمل اللجنة مشيراً لبدء تشكيل اللجنة في 23/4/2012 م وأنها عقدت (20) اجتماعاً خلصت بتقرير نهائي تم رفعه لوزير الصحة في شهر يونيو، وقال د. بابكر إن اللجنة اعتمدت في منهجيتها علي تصنيف المخالفات من إدارية ومالية وقانونية وفقاً للقوانين واللوائح بمشاركة مختصين وعدد من المهنيين والمراجعين والمحاسبين، وأشار إلى أن المراجعة شملت جوانب العطاءات، والاستحقاقات المالية والتسويات، والأداء المالي فيما تشمل الجوانب القانونية مراجعة العقود، وقال إن اللجنة اعتمدت في مرجعيتها على تقرير لجنة تقصي الحقائق وتقرير المراجع القومي لسنة 2009م ولائحة الإجراءات المالية والمحاسبية، مؤكداً مراجعة (101) مستند تم استلامه من إدارة المستشفيات، ولفت د. بابكر إلى الاستعانة بمحاسبين ومراجعين والاستعانة بالأمين العام لمستشفى الخرطوم ومندوب المراجع العام بالمستشفى.
المستشفى الجنوبي
قال د. بابكر إن المستشفى الجنوبي تم طرحه للعطاء في الصحف وتقدمت عدة شركات ( لم يذكر أسماء الشركات المتقدمة) وتم إرساء العطاء لشركة باجعفر ووقع العقد معها في أغسطس من العام 2008م وأصبح العقد نافذاً، وأكد أن الشركة الموقعة لم تكمل إجراءات التوقيع المبدئي بأن تكمل من 2% إلى 10% وتوريد 792 ألف جنيه للشخص (مبلغ الضمان) بجانب تخفيض الإيجار الشهري من 222 ألف إلى (178) ألف جنيه، وأشار رئيس اللجنة إلى طرح تعديل آخر تم بموجبه تخفيض المبلغ مرة أخرى إلى (160) جنيهاً، وقال إن التخفيض فيه إشارة بتوجيه من وزير الصحة ولكن لم نجد أي مستند مكتوب بالتخفيض . وأكد د. بابكر وجود فرق في المبالغ بـ18(ألف جنيه شهرياً بلغت 1.227.130 من الأموال التي لم تدفع بموجب التخفيض بعد المراجعة فيما يتعلق برسوم الكهرباء قال إن العقد نص عليها بجانب النفايات والعمالة على أن يدفعها الطرف الثاني، مؤكداً عدم تنفيذ ذلك وقال إن اللجنة أوصت بأن يتم حساب متأخرات رسوم الكهرباء عبر وزارة الكهرباء، وأشار إلى أن المبالغ المسددة بلغت 1.755.870 وأنها غير صحيحة وأنها ذهبت لشركات دائنة لمستشفى الخرطوم.
المركز التشخيصي المتطور
أكد وزير الصحة د. مامون حميدة وجود أكثر من شركة متعاقدة مع مستشفى الخرطوم في المركز التخصصي، مشيراً لحدوث بعض المخالفات حسب تقرير اللجنة لعدم إيفائها بتوفير المعدات ووجود مشكلة في المعمل الذي أكد أنه خارج المركز التشخيصي وأصبحت إدارته وإيراداته مختلفة.
وأجمل د. بابكر مخالفات المركز التشخيصي في الآتي: عدم طرح المركز في عطاء كما هو متبع وقال إن ذلك يخالف اللوائح بجانب عدم إجراء تسليم وتسلم لمعدات المركز، كما لا يوجد في العقد بند يوضح المراجع المالي، وأكد عدم وجود وحدة للمراجعة تمت الاستعانة بمراجع خارجي دون إذن المراجع القومي مما يعد مخالفة للمراجع القومي كما لم يتم دفع الأرباح التصاعدية، وأن جملة الأرباح التي لم تدفع للمستشفى (5) ملايين و455 ألفاً و55 جنيهاً منذ العام 2005م وحتى 2008م، وأشار تقرير اللجنة إلى أن شركة الفاركيم عمات اتفاق دون الرجوع لمستشفى الخرطوم وعدم طرح المركز في عطاء بإعلان رسمي وعدم تسديد نسبة الأرباح وعقد اتفاق لتشغيل المعمل استباقاً لأيلولة المركز للمستشفى وعدم التزام شركة كردفان بخطة التطوير والتردد في الإخلاء وعدم الصيانة.
المختبر الأردني
أكد تقرير اللجنة عدم طرح المختبر في عطاء مما يعد مخالفة للائحة الإجراءات المالية والمحاسبية مشيراً لوجود اتفاق بالإيجار بالدولار بمبلغ (4) آلاف دولار شهرياً و(148) ألف دولار سنوياً حيث تم تثبيت سعر الدولار بواسطة إدارة المستشفى بقيمة 2 جنيه للدولار، وأكد د. بابكر أن اللجنة رجعت لبنك السودان لمعرفة أسعار الدولار منذ العام 2007م وحتى 2012م، وقال إن البنك اصدر خطاباً بأسعار الدولار في الفترة المحددة، منوهاً أن سعر الدولار لا يجوز لأي شخص تثبيته إلا بنك السودان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية