شهادتي لله

تعديلات الدستور ورئاسة الوزراء تفسحوا للناس في المجالس..

{ كيف سيشارك المؤتمر الوطني أحزاب الحوار الوطني ويشجع غيرها على الالتحاق بركب المتحاورين، إذا كان قادته ما يزالون يصرون على احتكار السلطة و(حيازة) منصب رئيس الوزراء، فيسربون للصحف أن (فلاناً) و(علاناً) من الذين تقلبوا في كراسي الحكم سنين عدداً، مرشحون لمنصب رئيس الوزراء، بل تعمد لجنة (حياكة) التعديلات الدستورية إلى (تفطيس) المنصب المستحدث وتقليم أظافره قبل ولادته، وتصغير المسمى والمحتوى من (رئيس مجلس الوزراء) إلى (رئيس الوزراء)، أي أنه كبير الوزراء أو وزير رئاسة مجلس الوزراء بتعديل طفيف في المسمى، لا الصلاحيات!!
{ إلى متى تريدون أن تخلدوا في هذه المناصب؟! إلى متى تريدون أن تبقوا بكامل السلطات والصلاحيات والامتيازات دون أن تنقص خردلة؟!
{ إلى متى تستكثرون على عباد الله السودانيين من الملل والنحل السياسية والفكرية والاجتماعية الأخرى منصب رئيس مجلس الوزراء، وقد قبلتم من قبل تحت وصاية الشيطان أمريكا وحلفائها من دول (الترويكا) الأوروبية، على منح سلطات وصلاحيات وقسمة كبرى للحركة الشعبية بقيادة “جون قرنق ديمبيور” لم تكن تستحقها ولا تحلم بها، ذلك في العام 2005م على أجنحة برتوكولات “نيفاشا”، ثم وافقتم على تمرير استفتاء (مزور) سيق إليه أشقاؤنا (الجنوبيون) إرغاماً تحت بنادق (الجيش الشعبي).. وإرهاباً بأمر (الحركة).. وكنتم تتفرجون وتمررون المهزلة، وتتواطأون على أكبر جريمة في حق الشعب السوداني على مدى تاريخه الطويل قبل الاستقلال، وتبررون لأنفسكم الخذلان بأن (الجنوبيين أصلاً انفصاليين.. وما بشبهونا)، ولو أنهم كانوا كذلك لما عادوا مرة أخرى لكوستي والمجلد ونيالا والخرطوم بعد أن اعترك بالسلاح “سلفاكير” و”مشار”، وهرب “باقان”، فأرجل الجنوبيين حددت مبكراً ومنذ الخمسينيات اتجاه الوحدة، الملايين منهم لم يحاربوا مع الحركة الشعبية طوال عشرين عاماً طويلة، ولو فعلوا لما استمرت آخر فصول الحرب عقدين من الزمان، فلا يستطيع جيشنا مهما ملك من القوة والعتاد أن يحارب شعباً كاملاً، يمكنه أن يطارد مليشيات أو يقاتل جيشاً متمرداً، لكن القوات المسلحة السودانية لم تكن تحارب في الجنوب منذ العام 1955م قبائل الدينكا، النوير، الشلك والاستوائيين، بل على العكس كان الضباط وضباط الصف والجنود من أبناء جنوب السودان يمثلون عظم وسداة الجيش السوداني!!
{ لقد مررت (الإنقاذ) صفقة (انفصال الجنوب)، فافتقر (الشمال).. واندلعت حرب جديدة أشد فتكاً بشعبنا في (الجنوب)، وكل ذلك الخسران طمعاً في رضا أمريكا، وأملاً كبيراً في التطبيع معها، ثم رفع العقوبات، وإلغاء الديون الخارجية التي بلغت (46) ملياراً من الدولارات!!
{ ولم يتحقق أي شيء من كل تلك الوعود السراب، بينما فقدنا (ربع) شعبنا و(ربع) أرضنا، وبعض ثقافتنا وتاريخنا وهويتنا وخريطتنا التي تمزقت، وفقدنا أكثر من (350) ألف برميل بترول يومياً..!!
{ ثم قبضنا السراب الذي ما يزال يحمله إلينا المبعوثون الأمريكان من زمن “علي عثمان” مروراً بعهد “نافع” و”غندور” وانتهاء بزمن “إبراهيم محمود” الذي ما يزال يستقبل مناديب العناية الأمريكية والوساطة الأفريقية، والناتج السياسي (صفر) كبير، والعقوبات تجدد تلقائياً مطلع كل (نوفمبر) جديد!!
{ وحتى بنوك دول (الخليج العربي) التي قطعنا علاقاتنا مع “إيران” من أجلها، دون كيد رأيناه منها، سوى محاولات ضعيفة وباهتة للتشيع في السودان (المحصن)، لم تحدث أثراً كذاك الموجود في مناطق واسعة من (شرق الخليج)، حتى بنوك الخليج ما زالت تحظر معاملاتها معنا في أضيق نطاق، رغم (رعد الشمال) و(عاصفة الحزم) وقواتنا المقاتلة والمرابطة في “اليمن”!!
{ ارتفع تصنيف السودان في بنوك الخليج خلال الأشهر القليلة الماضية حسب إشارات مصرفية داخلية إلى (High Risk Country)، ويمنع للسودانيين غير المقيمين فتح حسابات جارية أو حسابات توفير، بينما يسمح وتيسر الأمور والإجراءات لجنسيات عربية وغربية أخرى!!
{ أنا أتعجب.. أين هو أثر كل تلك الزيارات الرسمية من قبل مسؤولي دولتنا إلى “المملكة العربية السعودية” و”الإمارات”؟!
{ حتى على مستوى المراسم وبرتوكولات الاستقبال هناك خلل واضح، ينبغي التنبه له وتداركه، حفاظاً على مقام السودان الرفيع الذي كان أول دولة في العالم على الإطلاق، بعد الدولة المستعمرة “بريطانيا”، تعترف باستقلال دولة الإمارات العربية المتحدة عام 1971م في عهد الرئيس “جعفر نميري” والشيخ المؤسس “زايد بن سلطان”.
{ إن كل هذه الأوضاع السياسية المعقدة على الصعيد الداخلي والمتأزمة على مستوى علاقاتنا الخارجية، تحتم على قيادة الدولة أن تفسح للآخرين في المجالس، وتتنازل لهم عن العديد من السلطات والصلاحيات، ليشاركوا في إحداث التغيير النوعي والشكلي المطلوب، لتحقيق الكثير من المكاسب لدولتنا التي بلغت درجة عالية من الضيق والعسر الاقتصادي والحصار الخارجي، وإن كنتم لا تشعرون.
{ سبت أخضر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية