رأي

مجرد سؤال

 (لا هذي ولا تلك.. ولا الدنيا بما فيها)
رقية أبو شوك

كثيراً ما تجدونني أتحدث عن الإمكانيات والمقومات السياحية الكبيرة التي يتمتع بها السودان، إلا أنها وللأسف الشديد غير مستغلة الاستغلال الأمثل، فعندنا مثلا نهر النيل الجميل ممكن جداً يكون من أحد الروافد السياحية الرئيسية على أن تنشأ على ضفتيه أماكن سياحية جاذبة وزوارق تجوب النهر ذهاباً وإياباً مع شرح للمعالم التاريخية البارزة بالسودان للسياح الذين لا يعرفون الكثير عن السودان وللأجيال الحالية.. فمقرن النيلين وحده يشهد بأنه لم يستغل بالرغم من جماله وروعة التقائه التي جعلته ملهماً للشعراء ليكتبوا عنه:
فهذا الأزرق العاتي
تدفق خالداً حراً
وهذا الأبيض الهادئ
يضم الأزرق الصدرا
لا انفصلا ولا انحسرا
ولا اختلفا ولا اشتجرا
ولا هذي ولا تلك
ولا الدنيا بما فيها
تساوي ملتقى النيلين
في الخرطوم يا سمراء
أيضاً لدينا الآثار والأهرامات والمتحف السوداني ومتحف الخليفة بأم درمان.. ومتحف الخليفة عبد الله يحكي مسيرة المهدية، وكذلك يمكن أن تكون الفاشر معلماً للسياحة والتعريف بالسلطان “علي دينار” ونار القرآن وكسوة الكعبة.. فالولايات زاخرة بعدد كبير بالمعالم التاريخية البارزة، ففي الولاية الشمالية مثلاً جبل البركل وتهراقا والقصة الشهيرة التي تحكي بأن تهراقا لم يدخل شمال السودان إلا بعد أن تأكد من الكرم السوداني بعد أن أرسل وفداً كمقدمة طلب منه أن يذهب لمعرفة المائدة السودانية، وقد كان، وجاء إلى السودان وبقي إلى أن دفن بأحد الأهرامات الشهيرة بمنطقة نوري ومروي قرب سد مروي. فالمائدة السودانية وما تحتويه بالإمكان أن تكون من المعالم السياحية.. (القراصة، الكسرة، التقلية وأم رقيقة) أيضاً من أنواع السياحة الغذائية.
أقول هذا، وقد لفتت نظري ونحن بدولة رواندا في إطار الدورة التدريبية التي نظمتها دول مبادرة حوض النيل للإعلاميين، (البليلة).. أيوة (البليلة) الواحدة دي، تم تقديمها مع عدد من الأصناف، وحينها تذكرت الولاية الشمالية التي اشتهرت بزراعة هذا النوع من البقوليات وتقدم ضمن أصناف إفطار رمضان.
فالأصناف الغذائية يجب أن توظف ويتم عرضها للسياح وللذين يأتون من دول العالم للمشاركة في المؤتمرات، لماذا لا نقدم لهم تراثنا الغذائي وعندما يتساءلون عن ماهيتها نشرح لهم مكنونها وربما يبدأون بعد ذلك إجراءات الاستيراد بعد اقتناعهم بها.. فالسياحة ليست معالم سياحية بارزة، فقد تكون داخل منازلنا ونحن لا ندري.
والمنهج الدراسي كذلك يجب أن يحوي ذلك ونعلم الأجيال ونعرفهم بها.. فشلال السبلوقة يدرس في مادة الجغرافيا ضمن (6) شلالات بالسودان، لكننا لم نعلمهم أن السبلوقة من معالمنا السياحية، والذي يزوره سيندهش من الآيات الكونية التي تمثلت فيه.
أيضاً نحن لم نستفد من المساحات الشاسعة التي نتمتع بها ونزرعها خضرة وجمالاً.. فالذي يعبرها بعد ذلك سواء أكان من السودان أو خارجه سيصاب بالدهشة ويتلفت يمنة ويسرة.. لكنها الآن للأسف صحراء قاحلة حيث لا حياة فيها.
نريد سياحة بمعنى كلمة سياحة، خاصة ونحن بحاجة إلى إيرادات نملأ بها خزينتنا، فلنبدأ من الآن إعادة النظر في السياحة.. ووزارة السياحة الآن مشكورة لديها اجتهادات كبيرة جداً ومقدرة، نتمنى أن تضاعف جهودها لأن السودان جميل وسيظل جميلاً.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية