"محمد الإدريسي" .. لماذا هاجم "الحسن الميرغني"؟
عادل عبده
الهجوم اللاذع الذي أطلقه السيد “محمد الإدريسي” المشرف على الاتحادي (الأصل) بالشمالية صوب “الحسن الميرغني” نائب رئيس الحزب خلال الأيام الفائتة لم يكن سيناريو مكيافيلي ولا معركة في التوقيت الخطأ، وبذات القدر لا تصنف إشارات “الإدريسي” القوية على “الحسن الميرغني” في قوالب الهتر الشخصي والشطط الفارغ، بل هي خطوة ضرورية ومطلوبة تدخل في ثوابت التقويم والمعالجات الفاعلة لسياسة “الحسن” التي جعلت الاتحادي (الأصل) يتحسس طريقه إلى المتاحف والضمور .
الشاهد أن “محمد الإدريسي” بوصفه مسؤولاً في الحزب فضلاً عن انتمائه الأصيل للطريقة الإدريسية كان يتحدث عن تجربته السياسية مع “الحسن الميرغني” بكل ما تحمل من مرارات حيث دلق الرجل الهواء الساخن من دواخله بعض طول صبر، عندما أدرك بأن السكوت على منهجه يعني صب مزيد من الزيت على اللهيب المشتعل، وأن التاريخ لن يرحمه إذا تمادى في إغماض عينيه عن تلك المشاهد البالية.
لاحت في الساحة الحزبية شذرات من التدليس والمداهنة فقد ذكر أحدهم قائلاً كيف يمكن أن يقول “الإدريسي” تلك التعابير عن “الحسن”، بينما أطلق أحد قيادات الحزب بالشمالية تصريحاً خجولاً في إحدى الصحف، جاء فيه أن عتاب “الإدريسي” للحسن اجتماعي وليس سياسياً .. بالطبع إن هؤلاء يحاولون الاختباء وراء حقائق الأشياء، فالشاهد أن إشارات “الإدريسي” صوب “الحسن” ليست جديدة كما قال الدكتور “يحيى صالح مكوار” القيادي بالحزب، فضلاً عن ذلك جاء حديث “الإدريسي” بحضور أربعة من قيادات الطاقم الأعلى بالاتحادي (الأصل). وإذا كان البعض يعتقد بأن ما ذكره “الإدريسي” عن “الحسن” خروج عن اللياقة الصوفية الإدريسية فهذا غير صحيح، فالسياسة لها إيقاع مختلف وهي رسالة أخلاقية متعددة الفواتير مبنية على الشجاعة والشفافية وإبراء الذمة .
لا شك أن الطريقة الإدريسية تحتل مساحة واسعة على فضاءات الوطن، فهي موجودة في الخرطوم والشمالية والشرق والغرب ونهر النيل والأدارسة هم أصاحب الريادة في نشر الدعوى الإسلامية، عن طريق العمل الصادق والقدوة الحسنة والانكباب التلقائي على الخلاوي وإمكان العبادة، وهم ينتسبون إلى الدوحة المحمدية وذؤوبة بني هاشم في تسلسل منتظم كحبات المسبحة ويبتعدون عن بهرجة الحياة الزائفة. ومن هذا المنطلق ينادي الكثيرون بضرورة وضع بصماتهم الكبيرة على باحة الحزب بصورة واسعة تناسب وزنهم الروحي والعضوي، فالخيال انطلق من البعض بأن عليهم أن يشكلوا قوة إضافية لمولانا “محمد عثمان الميرغني” أو يتحالفوا مع مراغنة شمبات التي يقودها الجراح الشريف “أحمد الميرغني”، كما قال الدكتور “علي السيد”.
من الواضح أن هذا الخيال الجامح يتقاصر أمام قناعات السيد “محمد الإدريسي” المبنية على عشقه الصادق لمولانا “محمد عثمان الميرغني”، علاوة على تقديره العميق للعلاقة الروحية والوجدانية بين والده والسيد “علي الميرغني” عليه السلام. إذن لماذا صوب “الإدريسي” هجومه على “الحسن الميرغني”، فالإجابة تكمن ربما تكون محاولة صادقة في سبيل استعادة المجد التليد لحزب الوطن والوسط الكبير وتاريخه الزاهر، حين كان الاتحاديون يمثلون عظم الظهر للوطن ويوم كانت القرارات الإستراتيجية في المشهد السياسي تخرج من المطبخ الاتحادي .. بآي حال من الأحوال لم تكن الإشارات الساخنة من “الإدريسي” تمثل استهدافاً شخصياً وخدشاً للمشاعر.