التغيير.. بعيداً عن (ثورة الهاشتاغ)
}عندما كنت أكتب مطالباً بالتغيير السياسي ابتداءً من قيادة (المؤتمر الوطني) قبل أكثر من (5) سنوات، كان (مناضلو الكي بورد) الذين يدعون اليوم للعصيان المدني، تحت (لحفاتهم) يسهرون، ينشرون النكات، ويغازلون البنات، ثم يغطون في نوم عميق، لم يكونوا يعرفون يومها الفرق بين (مؤتمر وطني) و(مؤتمر شعبي) و(مؤتمر سوداني)، مثلما لا يزال معظمهم لا يعرف الفرق بين “توفيق الحكيم” و”توفيق الدقن”، فهم (قطعان) من الرافضة الإلكترونية.. لكل شيء، دون أن يعرفوا كثير شيء حتى عن بلدهم الذي يعيشون فيه، ولو طرحت سؤالاً على صفحة (العصيان) وقروبات (القطعان): من هو وزير خارجية السودان؟! ورغم أن (90%) منهم لا يعرفون اسم وزير العمل، و لا ألومهم في عدم معرفتهم به، لأن الدولة لم توفر لأكثريتهم عملاً، فإنني موقن أن كثيراً منهم سيجيب على سؤال وزير الخارجية: (مش إسمو مندور؟!).. ثم سينبري لي بعض السفلة قائلين: (نعرف ليهو شنو .. غندور واللا مندور.. عمل للبلد شنو .. يا كيزان يا حرامية.. يا .. و يا… عاملين جضومكم الكبيرة دي ) !!
}وبالتأكيد لا يتأتى لأحدهم ولا أحدنا أن يحفظ أسماء (77) وزيراً هم جملة وزراء ووزراء الدولة بحكومة جمهورية السودان، هذا غير الولاة والوزراء الولائيين في (18) ولاية، لكن (أمة البوستات والهاشتاغ) بعيدة كل البعد عن واقعنا.. وعن آلام شعبنا ومعاناته.. وعن أحلامه وآماله وتطلعاته.
}في العام 2009م دعوت للتغيير في قيادة المؤتمر الوطني، باسمي ورسمي وتحت لافتة (شهادتي لله)، وفي العام 2013 م خاطبت الرئيس المشير “عمر البشير” – وحيداً- ومباشرة من هذا المنبر وناشدته بعدم الترشح في انتخابات الرئاسة للعام 2015م، فغضبت قيادات وجهات عديدة في الحكومة والمؤتمر الوطني وكان لذلك ثمنه واحتسبته في سبيل الإصلاح ومصلحة الشعب السوداني، غير أن مؤسسات الحزب وهيئة شوراه رأت غير رأيي وهي صاحبة الحق والسلطة، وانتخبت “البشير” رئيساً للحزب لدورة أخرى واختارته مرشحاً للرئاسة بعد فوزه على “نافع”، “علي عثمان”، “بكري” و”غندور” في عملية (اقتراع سري) وممارسة ديمقراطية محترمة شهدتها قاعة الشهيد “الزبير”، ولم يشهدها “البشير” نفسه!!
}أين كان أبطال الهاشتاغ المتهشتغين يومها ؟! وهل كان أو ما زال أحدهم يجرؤ على أن يكتب للناس تحت اسمه وصفته وعنوانه، زبالاتهم التي يملأون بها مكبات الأسافير؟
}وهأنذا أرددها مرة أخرى: لا بد أن يغير (المؤتمر الوطني) منهجه.. وملبسه ومظهره ورجاله، ليس لأن (شباباً) دعوا لاحتجاج صامت ثانٍ أسموه (عصياناً)، ولكن لأن الشعب قد بلغ من الضيق مبلغاً بعد الإجراءات الاقتصادية ما يجعله يتحرى (الفرج) ولو في هاشتاغات المتهشتغين والمتهشتغات.. وهذه كارثة!!
}الشعب الذي نعرفه، ويقالدنا في بيوت الأتراح وفي المقابر، ويضاحكنا في بيوت الأفراح وعقود القران.. في الصالات وفي المساجد، لا يعرف هؤلاء العبثيين الصغار، لكنه في ذات الوقت يئس من وزراء (المؤتمر الوطني) الذين (كمل فهمهم) و(جابوا آخرهم)، وما عندهم حاجة يقدموها بعد كل هذا الفشل.
}التغيير مطلوب.. وعاجلاً.. لكننا لا نريده على أجنحة الهاشتاغ، فالسودان أعظم من أن يقوده (جيل منقطع) عنه، التغيير لا بد أن يكون ناعماً.. وسلساً كما أراد له الراحل الكبير الشيخ “حسن الترابي”.
}ومثلما أرادوها هم (ثورة من تحت البطاطين)، حتى لا تراق الدماء العزيزة، وهذا حسن، فإننا نريده تغييراً ينبع من الداخل، يحمل آخرين مختلفين إلى رئاسة الوزراء ومقاعد حكومة الوفاق الوطني.
}كيف يكون رئيس الوزراء من ( المؤتمر الوطني) .. فائدة الحوار شنو طيب ؟!
المفروض ألا يرشحه (المؤتمر الوطني) .. مجرد ترشيح.. لقد منحتم الحركة الشعبية الجنوبية في حكومة “نيفاشا” في العام 2005م (ثلث) مقاعد الحكومة بما في ذلك وزارات رئاسة مجلس الوزراء، الخارجية، الاستثمار، التعليم العالي، الصحة وغيرها، فضلاً عن وزراء دولة برئاسة الجمهورية، ووزارة المالية، النفط، الداخلية ومناصب عليا أخرى مثل نائب رئيس البرلمان ونائب مدير جهاز الأمن والمخابرات برتبة “فريق” وغيرها من المناصب العليا في الدولة.. فلماذا بعد كل هذه السنوات.. وكل هذا العناء والأخطاء.. والتركة السياسية المثقلة تريدون الاحتفاظ بمنصب رئيس الوزراء.. بل تحدون من سلطاته.. لماذا.. إلى متى تريدون احتكار السلطة و (الكنكشة) في الكراسي؟!!
}لقد كانت للنائب الأول لرئيس الجمهورية “سلفاكير” صلاحيات بموجب الدستور تقاسم سلطات الرئيس بما في ذلك سلطة إعلان الحرب، ونالت الحركة الشعبية (100) مقعداً في المجلس الوطني مع رئاسات عدد من اللجان بدرجة وزير.
}ورغم أن (نيفاشا) انتهت إلى فصل جنوب السودان (ربع مساحة بلادنا وربع شعبنا)، إلا أنها بالمقابل مددت عمر النظام الحاكم (11) عاماً إضافية، وهذا ما يجب أن يفهمه جيداً (الصقور) من قادة المؤتمر الوطني.
}انتهى مفعول (نيفاشا) منذ العام 2011م، وكاد مفعول الحوار الوطني أن ينتهي أيضاً…
}لا بد من (جرعة) عاجلة.. لا بد من رئيس وزراء من خارج دوائر الإسلاميين وبعيداً عن أصدقائهم من (التكنوقراط) .. لا بد من قسمة لقوى ذات وزن وقيمة، على طريقة قسمة وتنازلات ” نيفاشا ” دون حاجة هذه المرة إلى منتجعات “كينية” ومفاوضات بالسنين.. ومبعوث “أمريكي”.. ومبعوثة حسناء “نرويجية”.