رأي

بكل الوضوح

وداعا .. صديقي الصحفي  الضخم “عادل البلالي”
عامر باشاب
 { على الرغم من أننا في هذا الزمان القاسي العصيب اعتدنا على الصدمات والنكبات والفواجع، لكن صباح الأمس وأنا أبدأ يومي كالعادة بمطالعة الصحف بمكتبة الأخ والصديق مختار (مكتبة عطبرة) بمنطقة الخرطوم غرب صعقت بالخبر المفاجئ والفاجع خبر رحيل فيلسوف الصحافة السودانية الزميل الأكبر “عادل البلالي” ومن لحظتها دخلت في نوبة حزن 
{الأستاذ الإعلامي “عادل البلالي” للذين لا يعرفونه فهو طراز نادر من الصحفيين النوابغ الذين استطاعوا في فترة وجيزة أن يفرضوا أسلوبهم الخاص في التناول الصحفي بكل أشكاله وألوانه، فإذا قرأت خبراً أو مقالاً أو تحقيقاً أو تقريراً أو حواراً لـ(ود البلالي) لا تملك أن تواصله حتى النهاية لأنه يجبرك بمفرداته الأنيقة وبسلاسته وعمقه في الكتابة واحتشاد معلوماته.
{ نعم “عادل البلالي” كان مثالاً للصحفي المثقف ومثالاً للاحترافية في مجال  الإعلام وطراز نادر من الصحفيين المهنيين الذين لا يبخلون بخبراتهم على الآخرين، جمعتنا به العزيزة (الدار) التي بدأنا بها أول خطوات التدريب الصحفي وكان “البلالي” من أوائل المدربين الذين مدوا إلينا أياديهم ليصعد بنا في أولى  عتبات بلاط صاحب الجلالة، وظل يعيننا بالتوجيهات والنصائح والأفكار، وكنا نحن مبهورين بأسلوبه في الكتابة الصحفية الساحرة الباهرة واكتسبنا منه (هيبة الصحافة) و(حب القلم) و(عشق الورق).  
{ و”عادل البلالي” بلا شك  يعتبر من  الصحفيين الذين يحترمون الصحافة ويقدسون الكتابة، كان دائم الأناقة والهندام في شكله العام، ظل يحمل فيه جيبه الأقلام بأربعة ألوان (الأزرق) (الأخضر) (الأحمر) (الأسود)، وكانت له طقوسه الخاصة في الكتابة على الورق (ورق طباعة الجرائد)، كان يخصص لون لكتابة  الخطوط ولون لكتابة المقدمة الصحفية ولون للنص ولون للعناوين
( التمنطاشرات (
{ الأستاذ “عادل البلالي” من أظرف وأطرف الشخصيات التي عرفتها في حياتي كان دائم الابتسام ويقابل الجميع بأريحية ويرحب بكل الزملاء بعبارة      (صديقي الضخم).
{ آخر مرة قابلته فيها كانت في شقته بحي المهندسين بأم درمان، كنت برفقة الزملاء “طارق شريف” “عبد الباقي خالد عبيد” و”صلاح شكري”، ورغم ما فعل المرض بصحته ما فعل لكنه كان كما عهدناه رابط الجأش وقوي العزيمة محتفظاً بصوته الجهور وبروحه الحلوة.
{ عندما نقل للاستشفاء بمستشفى الشعب هاتفني من على هاتف الزميل “صلاح شكري” وبادرني بالسؤال عن أحوالي  مع (زنقة العمل التلفزيوني)، وكان هذا عندما كنت مسؤولاً عن الإعداد والإنتاج البرامجي بفضائية (الخضراء)، وأذكر حينها قلت له: نحن (متلومين معاك يا نجم النجوم )، فرد لي قائلاً: أنا عارفك غرقان مابين صحيفة (المجهر) وقناة (الخضراء) وعارف كمان أنك ما بتتحمل تشوف أصحابك وهم على فراش المرض وعشان كده يا صديقي ح انتظر زيارتك في البيت.
وقبل يومين فقط سألت عنه “صلاح شكري”  وتواعدنا لنفاجئه بزيارة، ولكن سبقتنا إليه المنية وقدر الله أن يفارق هذه الفانية قبل أن يتحقق الوعد الذي بيننا… “إنا لله وإنا إليه راجعون”
{ وداعاً صديقي وأستاذي “عادل البلالي” فقدك عظيم وعزاؤنا أن مفاجأة الرحيل من علامات وبشريات حسن الختامة. 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية