والي جنوب دارفور.. الأمن مقدم على التنمية والحركات المسلحة تحولت إلى زرع الفتن
بين المستعمر والحكم اللا مركزي هل ينجح مجلس الولايات في تغيير الحال؟
نيالا- وليد النور
انتقل مجلس الولايات في جلسته رقم (17) إلى مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور يوم (الثلاثاء) الماضي، في بادرة هي الثانية عقب الجلسة الأولى التي عقدها في مدينة كادقلي حاضرة ولاية جنوب دارفور، ولأن وجه الشبه بين الولايتين هو الحرب التي كانت تدور في كليهما، ونيالا اشتهرت بالتفلتات الأمنية في الفترة السابقة واعتداء الملثمين على المواطنين، ولكن عقب معركة قوز دنقو الشهيرة التي هزمت فيها حركة العدل والمساواة، عاد الهدوء إلى مدينة نيالا، وهناك البعض يتحدث عن جرائم وقعت طالبوا بضرورة حسم مرتكبيها والاتجاه إلى التنمية، وتداول النواب خلال الجلسة عن نقص بعض الخدمات وضرورة توفير التنمية المتوازنة في المحليات، واستغرب بعضهم لوجود عدد (3194) فصلاً مشيداً من المواد المحلية، وطالبوا الوالي بضرورة الالتفات إلى التعليم لأنه عماد الحياة، وتوفير المياه والكهرباء، في وقت أكد والي الولاية في بيانه الذي تلاه أمام النواب بقاعة فندق الضمان، أن الأمن في جنوب دارفور مقدم على كل شيء، والتنمية والخدمات تأتيان بعد استتباب الأمن وحسم المتفلتين وجمع السلاح، وأيد نواب المجلس التشريعي ضرورة حسم التفلتات القبلية وعدم تشجيع الحكومة على دفع الديات، فيما أكد رئيس مجلس الولايات عمر سليمان آدم على ضرورة التمسك بالحكم الفدرالي الذي استطاع تقديم الخدمات للمواطنين.
وقال “عمر سليمان” إن نقل جلسات مجلس الولايات إلى خارج ولاية الخرطوم ومقره بأم درمان الهدف منه معالجة التظلمات السياسية التي استغلها بعض أبناء الولايات بدعاوى التهميش وكونوا حركات متمردة أدت إلى زعزعة الأمن وقتلت العديد من أبناء البلاد، وأردف أن أبناء دارفور (نجيضين)، في إشارة منه إلى أنهم أذكياء حتى داخل الحركات المسلحة أصحبوا قسمين، جزء يوقع اتفاق سلام مع الحكومة والجزء الثاني مكث في الخارج بالسلاح، مشيراً إلى أن زيارة النواب إلى الولايات تمنحهم فرصة الوقوف على تقارير الولاة من داخل ولاياتهم وتقييم التقارير مع ما يشاهدونه على أرض الواقع، وحذر “سليمان” من النكوص عن تجربة الحكم اللا مركزي أو الحكم عليها بالفشل، لأن ذلك سيؤدي إلى انهيار الدولة وخلق الفوضى في البلاد، فتجربة اختيار وزراء من خارج الولايات أثبتت نجاحها وقللت من تفشي الصراع والاستقطاب الحاد بين القبائل في الولاية الواحدة، واتهم “سليمان” الاستعمار البريطاني بعدم اهتمامه بوضع لبنات لقيام دولة مدنية قوية بتأسيس نظام مركزي قابض، الغرض منه تقديم خدمة للحاكم العام، ولم يتم سن قوانين إلا في العام 1928م قانون الإدارة الأهلية الذي كان الهدف منه حفظ الأمن فقط وتحصيل الإيرادات وتقديم جزء يسير منها للمواطنين حتى لا يشعروا بالغبن، ثم أصدروا قانون المدن والأرياف وقانون المناطق المقفولة الذي ساهم فيما بعد بفصل دولة الجنوب، وقال إن السودان قبل العام 1989م كان عدد الوزارات الاتحادية لا يتعدى العشر وزارات فقط، ومتمركز في الخرطوم ولم تمنح الولايات سلطات لتقديم الخدمات ويتكبد المواطن مشقة كبيرة في الوصول إلى الخرطوم من أجل الحصول على تصديق (طاحونة)، وزاد حتى الحكومات الوطنية التي أعقبت حكم المستعمر لم تهتم ببناء دولة وطنية حديثة، وجاءت فترة حكم الرئيس الأسبق المشير “جعفر نميري” فتم تفويض بعض السلطات للإدارة الأهلية ثم نزعت منها.
وشن والي جنوب دارفور “آدم الفكي” هجوماً عنيفاً على الحركات المسلحة التي قال إن بعضها حسمت عسكرياً، لأنها بدأت في زرع الفتن بين المواطنين وتمزيق النسيج الاجتماعي ودافع الوالي في تعقيبه على استفسارات النواب بأن توفير الأمن مقدم على بقية الأولويات، وأن حكومته بذلت جهوداً كبيرة لاستتباب الأمن وحسم المتفلتين ونجحت في طي ملف التصالحات القبلية، وقال إن ولايته بذلت جهداً مقدراً في معالجة قضية النزوح والنازحين في إطار برنامج متكامل وتمت المصالحات بين عدد من القبائل في الولاية وتسليم عدد (405) مزارع و(100) منزل لأصحابها النازحين، وفي التنمية تم تنفيذ عدد (15) كلم داخل المدينة خلال العام 2016م، وكشف عن تحديات تواجه التعليم قبل المدرسي، حيث بلغت نسبته (27%) والتعليم الثانوي (22%)، وتوفير عدد (60) ألف وحدة إجلاس.
وأجمع نواب مجلس الولايات على منع الدولة من دفع الديات حتى لا تتكرر حوادث الصراع القبلي، وأشادوا باستتباب الأمن وحسم التفلتات التي كانت موجودة في نيالا سابقاً، فيما شددوا على ضرورة حل مشكلة أراضي المعسكرات سواء بتخطيها وتعويض أصحابها، أو ترحيل المواطنين منها، بجانب حل قضية معلمي مرحلة الأساس من حملة الشهادة السودانية ومنحهم فرصاً للتأهيل في الجامعات، وتأهيل عدد (3194) فصلاً مبنياً من المواد المحلية بمواد ثابتة. وانتقدت النائبة عن ولاية جنوب دارفور “حاجة علي أحمد” تعيين معلمين بالشهادة السودانية ثم إيقاف مرتباتهم بحجة أن القرار كان خاطئاً، بجانب وجود (3194) فصلاً مشيداً بالمواد المحلية، ونسبة إجلاس الطلاب بنسبة (58%)، وطالبت بضرورة حل مشكلة مياه الشرب واستقرار التيار الكهربائي، وكشف الوالي عن تخطيط لزراعة (6) ملايين فدان.