تقارير

وقائع اليوم الثاني من دعوة العصيان.. استمرار التراشقات عبر الوسائط الإلكترونية

المشهد الإسفيري يجافي الواقع
جولة (المجهر) تكشف عن انسياب في الحركة وعودة الحياة إلى طبيعتها
الخرطوم – محمد جمال قندول
شهدت العاصمة الخرطوم يوم أمس حركة عادية، بعودة الحياة إلى طبيعتها، واستأنف المواطنون حياتهم العادية، على عكس اليوم الأول الذي شهد إغلاق بعض المحال التجارية والمدارس والجامعات خشية وقوع أي انفلات أمني. وبدأت الحركة عادية بمواقف الخرطوم وجاكسون وبري والمحطة الوسطى، وفي  أم درمان وبحري، بحسب مواطنين استطلعتهم (المجهر)، وبالرغم من الحيز الإعلامي والإلكتروني الذي حظي به هذا العصيان، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه على ما يبدو قد فشل فعلياً في تحقيق نوع من الاستجابة و التفاعل، على أرض الواقع، ولعل الحركة الكبيرة التي شهدتها منطقة السوق العربي، أحد أكبر المواقع المركزية التي تحدد سير حياة المواطنين، كانت خير دليل على ذلك. حيث رصدت كاميرا الزميل “يحيى شالكا” المحال التجارية مشرعة أبوابها بجميع أرجاء السوق الكبير والعتيق، بجانب انسياب الخدمة بكل مؤسسات الدولة بصورة كبيرة جداً، خاصة في الوزارات والمرافق الحكومية.
نبض الشارع
وسجلت (المجهر) زيارة إلى وزارة الإعلام والتقت بمدير الشؤون الإدارية والمالية “رحمة الله بابكر”، والذي أشار إلى أن الحضور بنسبة (99.1)، وأن العاملين بالوزارة يشكلون حضوراً كالمعتاد، وأن العمل يجري بصورة سلسة، مشيراً إلى أن الغائبين تغيبوا لأسباب معلومة، أما بسبب إجازات أو أذونات أو أرانيك، نافياً أن يكون هنالك أي عصيان وسط العاملين بالوزارة.
وفي ذات السياق زارت الصحيفة وزارة الصناعة ووجدت أن الحضور عادي، وقد  تحدث عدد من العاملين بالوزارة وأشاروا إلى أن العمل يسير كأي يوم، وأنه ليس هنالك أي تأثير لما سمي بـ(العصيان المدني)، على أداء العاملين.
في سوق نيفاشا بدأت المحلات تعمل بصورة طبيعية على عكس اليوم الأول من العصيان، أمس الأول (الأحد)، الذي أغلقت فيه بعض المحال التجارية أبوابها، كان هناك تجمهراً كبيراً في أمكنة  الهواتف النقالة بالسوق، فيما بدت حركة التجارة متوسطة بمحال الملبوسات، وفي الجانب الآخر من السوق كان جمع من العمال يؤدون صلاة الظهر في جماعة.
أحد العاملين بمحل للملبوسات يدعي “محمد ربيع” قال لـ(المجهر): إن الوضع عادي، ولكنه عاد وقال : إن الوضع اختلف عن يوم أمس، حيث شهد إغلاقاً جزئياً لبعض المحال، وذلك خوفاً من قيام تظاهرات أو انفلات أمني، واعتبر محمد أن العصيان غير مجدٍ بالنسبة للتجار وللعاملين بالسوق، لأنهم يعتمدون على الحركة الشرائية التي قد تتوقف بمثل هذه الدعاوى وتؤثر بالسلب عليهم وتكبدهم خسائر فادحة.
انسياب حركة المواصلات
 من جانب آخر، كانت حركة المواصلات، في الخرطوم تنساب  بصورة طبيعية بشوارع القصر، الجامعة،  البرلمان، السيد عبد الرحمن، نمرة 2، شارع كاترينا، شارع القيادة، شارع علي دينار، شارع الجمهورية، إستاد الخرطوم، جاكسون، شارع المستشفى، استوب الأسنان، المك نمر، مع وفرة ملاحظة بوسائل النقل، الحركة مختلفة من جميع الفئات طلاب وموظفين وكبار وصغار.
بحري وأم درمان
فيما كان المشهد شبيهاً بالخرطوم بحري، حيث تستمر الحياة بصورة عادية رغم الهدوء الذي يسيطر على بعض الشوارع المؤدية لأسواق سعد قشرة والمحطة الوسطى، بعض المواطنين الذين تحدثوا لـ(المجهر)، أشاروا إلى أن الدعوة إلى العصيان ربما جعلت بعض الناس يبقون  بالمنازل خشية وقوع أي طارئ، ولكنها لم تؤثر على ملامح الحياة بصورة كبيرة على الأقل، بالمرافق والأماكن العامة بمدينة بحري.
فيما شهدت مدينة أم درمان حركة سير عادية بحسب مواطنين يقطنونها، أشاروا إلى أن العصيان لم ينجح، وأضافوا أن اليوم الأول شهد إغلاق بعض المرافق والمدارس والمحلات، ولكن اليوم (الاثنين) -أمس- الحركة عادية، وليس هنالك أي تأثير لأي عصيان يذكر خاصة في المواقف الرئيسة الشهداء والبنك العقاري وسوق أم درمان ومحطة سراج وسوق ليبيا.
الواقع الإسفيري
 لكن المشهد على مواقع التواصل الاجتماعي مغاير تماماً لما يجري بالواقع،  فالمشهد الإسفيري يجعلك تشعر أن ثمة إضراب وعصيان حقيقي بالبلاد، بسبب ما يشغله من تراشق وتهاتر لمؤيدي ورافضي العصيان، وصل حد فبركة الصور من الجانبين في بعض الأحيان، لدعم كل طرف لوجهة نظره.
موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) شهد حركة كثيفة خاصة من مقيمين سودانيين خارج البلاد يدعمون ويحرضون المواطنين على الاعتصام والعصيان، وصولاً إلى ثورة شعبية بالبلاد، ولم يتخلف (الواتساب) أيضاً. فقد بدأ أكثر سخونة من (الفيس بوك) خاصة في ظل توظيف القروبات بما يخدم مصالح الأطراف المتنازعة. حيث نشأت العديد من القروبات لغرض العصيان، فيما وظفت قروبات كثيرة محسوبة على المعارضة فعاليتها لصالح العصيان، وأبرز تلك القروبات قروب (عاجل) للزميل المهاجر “صلاح مضوي”، حيث يشهد هذا القروب تهاتراً وتراشقاً كبيراً بين موالين للحكومة ومعارضين للنظام. وما يدور بهذه المواقع يعكس بشدة أن جميع الأطراف تعتمد على تكنولوجيا الاتصالات ومواقع التواصل لإحداث تغيير فعلي على أرض الواقع، أسوة بما حدث بمصر وتونس وليبيا، في وقت بدأت فعالية (الواتساب والفيس والانستغرام) تظهر بقوة بالحياة السودانية العامة. 
عدد من المواطنين في موقف بحري تحدثوا لــ(المجهر) وقالوا: إن العصيان لم ينجح، وذلك لعدم تبنيه من قبل أي جهة. واعتبر المواطنون أن الهدوء الذي ساد  بعض أرجاء العاصمة يوم أمس كان نتاج توجس المواطنين وخوفهم من انفلات أمني قد يحدث في أي لحظة. 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية