أصحاب المحال يجأرون بالشكوى ويخشون من تصرف الولاية في السوق
السوق المركزي تدهور مستمر ومعاناة لا تنتهي
الخرطوم – سعدية الياس
من الوهلة الأولى ينتابك إحساس بالتراجع، وأنت تتقدم داخل السوق المركزي بالخرطوم، حيث المقر الحقيقي، للأوساخ.. وضع مزرٍ، يعيش فيه تجار السوق، وبيئة غير صالحة.. تختلط رائحة الخضار، بنتانة الحمامات. غير أن تلك المعاناة ليست وليدة اللحظة، وإنما يمتد عمرها لسنوات، تعاقب خلالها على المحلية عدد من المعتمدين وبقي الوضع على ما هو عليه.
فقد بات السوق موضوعا للتجريب، وللتكسير والهدم، باسم إصلاح الأوضاع المتردية للسوق حتى وجد العاملون أنفسهم، في نهاية سلسلة من محاولات الإصلاح، خارج أسوار السوق كلياً. كانت بداية تلك المحاولات هي تكسير طال المساطب التي أسسها المعتمد الأسبق “أبو كساوي”، بحجة أنها عالية، ثم تعرضت في المرة الثانية، في عهد المعتمد “عبد الملك البرير” للتكسير أيضاً، لتقوم محلها جملونات جميلة، وبعد ذلك جاء المعتمد “عمر نمر” لإصلاحها بشكل أفضل. لكن المحصلة الإجمالية الآن، في عهد المعتمد الحالي “أبو شنب”، هي أن مصير السوق كله بات مجهولاً بعد أن تم إغلاقه في بداية الأمر للنظافة، أثر تفاقم الوضع البيئي، على أن يعود العمل فيه خلال ساعات، غير أن الأمر طال، وتم إغلاق السوق، بحجج مختلفة. وأصبح تجار السوق، بحكم الأمر الواقع، خارجه، ينتظرون مصيرهم المجهول، فيما لا يتوفر بديل مناسب لبيع خضرواتهم، في وقت أتضح أن السوق معرض للتكسير كلياً من قبل سلطات المحلية.
(المجهر) قامت بجولة واسعة في السوق وقفت خلالها على الأوضاع القائمة فيه واستنطقت عدداً من التجار والمسؤولين عن الغرفة التجارية.
وقد بدأ التاجر “دفع الله إبراهيم” تاجر وعضو غرفة تجارية مستاء من ما آل إليه الحال وهو يتحدث لـ(المجهر)، وكشف أنهم ذهبوا إلى مدير وحدة السوق المركزي والمحلي بشكوى رسمية مما هو حادث، إلا أنه فاجأهم بالقول إنه لا علاقة له بما يحدث ولا علم له. وقال: ” طالبناه بمكتوب بهذا المعنى، ولكنه رفض بحجة أن هذا العمل مسؤول منه المعتمد. واستطرد قائلاً: في اجتماع آخر طالبنا بضمان لحقوقنا، ولكن كان رده بأنه (ليس له ضمان). وختم التاجر “دفع الله إبراهيم” حديثه لـ(المجهر) بالقول:”نحن الآن غير موافقين على التكسير “.
مخاوف من تصرف المحلية في السوق
وفي إفادته لـ(لمجهر) قال التاجر “عبد الله فضل الله”، بطريقة يائسة: (السوق ده شكلوا اتقلع)، ثم استطرد قائلاً: “إن المحلية بما أنها تمثل الوجه الحقيقي للدولة يفترض أن تتعامل مع المواطن بوضوح..والكلام ده ما صاح..نحن نطمح لوضع أفضل، ولكننا الآن مشردون دخلنا بسبب التنقل مع السوق والترحال من مكان لآخر في مطالبات وديون “. وأضاف شاكياً: “كنا داخل دكاكين معززين ومكرمين. والآن أصبحنا نتعرض للسرقة والنشل ونعيش وسط المشردين. كرامتنا (اتهانت) ولدينا أسر وطلبة “.
ومن جهته أكد التاجر “المحامي” أن السوق يأوي أكثر من ألفي فرد، وأن أصحاب الحق يملكون أكثر من (206) دكان ومساطب (120) ومحلات توابل (124)، وقد أضحوا جميعهم في الشارع. وقال: إن مشاكل السوق متجددة. ففي كل مرة نتعرض للطرد بأسلوب جديد. نحن تجار لدينا كرامة. ولكن الآن بضاعتنا تحت رحمة أصحاب كارو الموية. وهي دائماً “في حالة احتكاك مع الخضار “، حتى أن بعضه يتلف والبعض الآخر يتعرض للسرقة.
أنباء وأخبار
أما التاجر “خليفة سليمان”، فقد تحدث عن الأنباء المتداولة، حول مصير السوق، والتي تشيع البلبلة في أوساطهم دون أن يجدوا تأكيداً أو نفياً لها من جهة موثوقة. قال: إن هناك أنباء تفيد أن السوق سيتم تخطيطه بشكل مختلف، وأن تكلفة الدكان الواحد ستصل إلى 900 ألف جنيه، بجانب أنباء أخرى، مغايرة تفيد أنه سيقوم في مكانه مول، واستطرد قائلاً: ” ودا ما محلو، لأن السوق يعد الموئل الحقيقي للغلابة والكادحين”.
ولكن “دفع الله يوسف” أرسل مناشدة لرئيس الجمهورية، قائلاً: لقد تعبنا..نحن لا نلتقي بأبنائنا يوماً كاملًا، لأننا نحرس بضاعتنا. فنجن نذهب في الصباح الباكر ونعود في آخر الليل حتى لا تسرق بضاعتنا. وأخيراً تم نقنا وآل المكان لجهة أخرى تمارس فيه نشاطها.
أما ست الشاي “حاجة فاطمة” عندما عرفت أن الإعلام قربها رفعت صوتها بشكواها قائلة : ” أنا أعول يتامى وناس المحلية عذبونا عذاب شديد”. وأكدت خلال حديثها لـ(المجهر) أن السوق المركزي هو ركيزتها الوحيدة في الحياة وأن علي الدولة أن تراعي مصالح رعيتها.