تغيير صورة (القبح) عن السودان !!
كلما صادفت تقريرا مصورا عن ملمح من ملامح الحياة العامة في السودان على شاشة إحدى الفضائيات العربية مثل ” الجزيرة ” ، ” سكاي نيوز ” ، ” العربية ” ، ” ام بي سي ” و غيرها ، لم أجد غير صور القبح و البؤس و قاع المدينة و هوامش الأرياف .
قبل عدة أيام شاهدت تقريرا على ” الجزيرة ” عن مهنة بيع الكتب القديمة في الخرطوم ، بالتركيز على ( الفريشة) حول الجامع الكبير .. حسنا .. قد يكون ذلك طلب (الديسك) في ” الدوحة ” لصالح فكرة محددة لبرنامج معين ، و لكن هل نفذ منتجو و مراسلو الفضائيات العربية و الغربية حلقات تلفزيونية عن ذات الموضوع من داخل معرض الخرطوم الدولي للكتاب الذي أغلق ابوابه قبل أيام ، أو من داخل الدار السودانية للكتب أو ” مروي بوكشوب ” ؟!
لماذا لا تزور كاميرات الفضائيات العربية شارع المطار ” افريقيا ” الذي صار لا يقل جمالا و روعة عن شارع ” جامعة الدول العربية ” أغلى شوارع المهندسين في ” القاهرة ” ، او شوارع ” محمد نجيب” و ” المشتل” و “مكة ” و ترصد نبض الحياة و الليل الممتد للساعات الأولى من الصباح في ” خرطوم ” غير خرطوم السيول .. الفيضانات و زحام المواصلات .. الأسواق الشعبية .. و المظاهرات .. مع لقطات من آثار الحرب في الجنوب و دارفور .. الصور النمطية البائسة المتوفرة عن السودان في مكتبات تلك الفضائيات ؟!
ألا يستحي زملاؤنا ( السودانيون ) من كبار مديري الإدارات و المنتجين و المحررين النافذين و المؤثرين في تلك الفضائيات من الإصرار على بث صور قديمة للنازحين في دارفور أو الفارين من ” الدانات ” في جبال النوبة ، أو مشاهد حزن في الخرطوم أو تصريحات شقاق بين الأحزاب السياسية ، لتصبح هي الصور الذهنية الثابتة عن بلدهم .. بلد النيل و الخضرة ، بينما زملاؤهم من ” مصر ” و ” لبنان ” و ” تونس ” و ” المغرب ” يحرصون على بث صور الجمال و الروعة عن بلادهم ، رغم الأزمات و المشكلات التي لا تنتهي هنا وهناك ؟!
هذه المسألة لا علاقة لها بالسياسة و الولاءات لنظام حاكم أو كيان معارض .. لأن تقديم السودان بشكل أفضل ، إذا كان ذلك متاحا في الواقع ، مهم و مفيد لكل السودانيين بكافة مللهم و نحلهم السياسية و الفكرية و الدينية .. في الحاضر و المستقبل .
أبحثوا عن الجمال في بلادنا ، هو ليس بعيدا عنكم ، قدموا عن بلادنا وجوها وسيمة .. هناك الكثير منها في الشارع ، ركزوا على أفكار و مبادرات تجلب لشعبنا الاحترام و التقدير .
المهنية ليست أن تسلط الكاميرا على القبيح باستمرار .. هناك نصف جميل و فتان في مكان آخر .. لماذا لا تأخذون له صورة ؟!
شاهدوا و استلفوا من صور الصديق المخرج الفنان ” سيف الدين حسن ” في مشروعه ( أرض السمر .. السودان كما لم تره من قبل ) ، لتروا السودان من أعلى .. كيف يبدو جميلا كما لم تروه .
في الوقت الذي ينتظم فيه معرض كتاب دولي مع برامج ثقافية وليال شعرية في معرض فسيح بقاعات ضخمة و فخيمة لا تتوفر في الكثير من الدول العربية ، تذهب كاميرا ” الجزيرة ” إلى الجامع الكبير حيث الزحام و الكتاحة و الشحادين !!
صورة مقلوبة .. !