حال السجم في الطوارئ وحراسها!!
كثيراً ما حاول أقاربي وأهلي خارج الوطن إقناعي بتردي ظروف المعيشة في السودان وسوء الحال.. إلا أنني كنت ولا زلت أوقن على أنغام “مصطفى سيد أحمد”.. وطني ولا ملي بطني.. وسكاتي ولا الكلام الني.. والآن جئت لأرى بأم عيني كثيراً من (الكلام الني) الذي لا يشبهنا كسودانيين البتة..
دعاني لهذا الحديث أحد أفراد شركة أسوار التابعة لاستثمار القوات المسلحة الذي يعمل على بوابة إحدى مستشفيات أم درمان حيث اضطررت لمرافقة شقيقتي لهناك..
كنت في حيرة من أمري.. هل ما حدث خطأ الطبيب المناوب أم أنه خطأ الإدارة التي سمحت بغياب طبيب الطوارئ لساعات متواصلة.. وحالة مريضتي حرجة جداً..
هالني أن أواجه سيلاً من الكلام الغريب على شاكلة (مالك يا بتنا) و (اطلعي لينا بره والّا قفلي خشمك).. كل هذا وأنا لم أقل شيئاً غير سؤالي عن طبيب الطوارئ الذي كنا في انتظاره ساعة إلا دقائق..
فحمدت الله أنني كنت حينها أخفي وجهي تحت خماري خوف أن أضيع بين شهرتي ومرض أختي.
غضبت جداً إذ أنه احتمى بزيه ليلقي سيل شتائمه على المرضى وذويهم..
ثم يعود مرة أخرى ليقول لأحدهم (والله لو جبت لي رئاسة الجمهورية ما سائل فيك)..
كيف لهذا الوطن أن يتقدم الصفوف ونحن لا نحترم (ولياتنا).. ولا نوقر كبارنا..
كيف سيكون الحال لشخص آخر لا بديل له ولا خيار أمامه سوى المستشفيات العامة. ..
هل نموت على أسرة الانتظار … أم نرضى شتائم الموظفين بحثاً عن دوائناً..
عدت وأنا في حالة من الأسى.. إذ منّ الله عليّ أن أقمت في بلد حينما تسأل فيها العسكري أو الضابط عن طريق ما.. يقود سيارته أمامك إلى أن تصل وجهتك بزيه الرسمي..
(وطوالي أتذكرت العسكري السألتو من موقف التاكسي وأنا شايلة طفلي صغير في ساحة الحرم …).. تذكرت يومها أنه أجبر سائق التاكسي على الوقوف في غير موقفه الرسمي- الذي يجني فيه ثلاثة أضعاف سعر مشواره- أوقفه وأقسم أن يدفع أجره .. وهو لا زال يصر وأنا أقسم .. ثم أعقبها (أي خدمة يا أختي)..
أنا لا أقلل من شأن أحد.. وأعرف رجالاً في وطني (بياكلو النار حية).. شجاعة وفراسة وكرم ومروة..
ولكن (الزي داك يقعوبو وين..؟).