حوارات

رئيس حزب الأمة القومي "الصادق المهدي" لــ(المجهر) (2ــ2)

* من يتولى منصب رئيس الوزراء يجب أن يكون شخصاً محايداً
* تولي منصب رئاسة الحزب سيكون بالتأهيل لا بالتوريث ولا بالجندر
* السياسة أفقرتني وصرفت عليها ولم تصرف عليّ
* هنالك ظروف قد تنشأ تتطلب التعددية في الزواج ولكن لابد من موافقة الزوجة الأولى ‬
*علاقتي بـ”الترابي” اجتماعية وهذا ما طلبته منه ولم يتحقق حتى وفاته
حاوره عبر الهاتف من القاهرة: محمد جمال قندول
– “الصادق” مصنَّف بأنه من أكثر السياسيين إثارة للجدل وتبديل المواقف ؟

نعم، هذا ما قاله ويقوله عني الطغاة في عهود الطغيان الثلاثة، ولكن أقوالي وأفعالي وكتبي وهي أكثر مرات عن أية مؤلفات صدرت من كل العاملين بالسياسة مجتمعة، تؤكد الآتي. -التزامي بثوابت دينية ورفضي للاستبداد والفساد، بل أكبر تضحية مالية في سجلات السياسة العالمية.
ومقاومتي للنظم الاستبدادية، عندما تغلق كل المنافذ، ولكن مسارعتي للحوار والمعارضة المدنية عندما تفتح منافذ، وكان هذا واضحاً مع نظام مايو ونظام يونيو، وفي الحالين كانت سياسة ما سميناه الجهاد المدني ناجحة، خرجت من السياسة المحلية إلى الإقليمية عربياً، وأفريقياً، وإسلامياً خلافاً لكثير من الآخرين المقيدين قطرياً ومحلياً . بالإضافة إلى أنني أقمت جسوراً بين الفكر والسياسة، وبين السياسة والثقافة، وبين السياسة والصحافة. بينما كثير من العاملين بالسياسة يمقتون تلك الجسور. وأغلبية الذين عملوا بالسياسة، لا سيما في العهود الأوتوقراطية تكسَّبوا من السياسة،  بينما أفقرتني السياسة. صرفت عليها ولم تصرف عليّ، دخلت موقعاً قيادياً في السياسة الوطنية يافعاً وأمارسها الآن شيخاً، ولا يستطيع منصف أن يغالط في المكانة التي احتللتها يافعاً وشيخاً.
وكل الذين حكموا السودان بالقهر، أدركوا شرعية الموقف الذي اتخذته ومن معي. وعرضوا عليَّ مشاركتهم لدرجة المناصفة. ولكنني رفضت إلا عبر نظام يوفر الحريات العامة للناس. ولذلك اتخذوا نحوي خطة: “الما بتلحقو جدعو”.
الطغاة وأبواقهم،هم الذين ينعتونني بإثارة الجدل والتقلب، ولكن أنتم، ككتاب صحافة ابحثوا عن أية موقف اتخذته متناقضاً مع تلك الصفات الثمان المذكورة. والتي تعبِّر عنها أقوالي وأفعالي وكتبي، وهي في المتناول للجميع.
 
-ألا تعتقد أن الحركات المسلحة باتت ضعيفة ولا تشكِّل كرت ضغط على الحكومة؟
في تجارب العالم مع حركات الاحتجاج المسلحة، وما تحدث من حروب غير متكافئة، أن هذه الحركات لا تنتهي عسكرياً بل سياسياً. هذا ما أوضحته دراسة منظمة (راند)، بعد عرضها لعدد (648) حركة في الفترة ما بين (1983و 2008م)، وأهم من يعتقد أن ضرب الجسم العسكري لحركات سياسية يكفي للقضاء على آثارها، وهي كذلك كما في كل حالات العجز العسكري، يمكن أن تتخذ النهج الإرهابي، هذا كله يتطلب حلاً سياسياً لا تبجحاً بالنصر. وهنالك موضوع آخر هو أن النظام الحاكم اتخذ خطوات غير منهجية لممارسة حربه مثل تسليح القبائل واستخدام المليشيات القبيلة. هذه التصرفات صنعت واقعاً مشوَّهاً لمؤسسة الدولة، وتشكِّل خطراً كبيراً على الأمن القومي. أي أن ما تحقق من تقدم عسكري تم على حساب إجراءات، هي نفسها خطر على الأمن القومي وفي كل هذه الحالات لا بديل لإيجاد حل سياسي.
-كيف تنظر إلى الساحة السياسية حالياً؟
الساحة السياسية السودانية اليوم تظهر أن نظاماً قام قبل (27) سنة بهدف إنقاذ البلاد، يعترف أن البلاد على وشك الانهيار.  ربع البلاد انفصل وربع المواطنين نزح داخلياً أو خارجياً . ونصف السكان يعاني من الفقر بشهادة إحصاءات النظام.  وتواجه الحكومة (63) قرار مجلس أمن ضدها، ما يشل حركتها دولياً. الحزب الحاكم نفسه يعاني من انقسامات بلغت في السنوات الأخيرة عشرة، هذا الملف سيؤدي حتماً إلى تغيير جذري، أما عبر حوار جاد باستحقاقاته أو عبر انتفاضة شعبية، مهما تأخرت فسوف تكون.
 
-المعارضة مشتتة بين تحالفات ما رأيك بها بشكل عام؟
المعارضة موحدة الكلمة. وسوف يتضح ذلك بصورة عملية، وما يفرق بعض فصائلها مسائل تنظيمية مقدور عليها. ومهما كثرت الاختلافات التنظيمية، فهنالك إجماع على مرجعية حزب الأمة القومي الذي سوف يعمل على تجاوز الخلافات التنظيمية، وأن تجاوزات النظام وأخطاءه من شأنها توحيد قوى المعارضة وحتى لو اختلفت التنظيمات فإن الموقف الشعبي بسبب حماقات النظام كفيل بتجاوز المنظمات، كما حدث في الماضي.
 
-ما رأيك بالخلافات التي نشبت بين نداء السودان وقوى الإجماع بزعامة “أبو عيسى” والتي أدت إلى تجميد نشاط أحزاب؟
قوى الإجماع وقعت على نداء السودان في ديسمبر 2014م . نداء السودان حدد أهدافه ووسائله وهي الحوار باستحقاقاته أو الانتفاضة الشعبية السلمية. ولكن بعض أحزاب قوى الإجماع غيَّرت موقفها وصارت ترفض الحوار الوطني من حيث المبدأ،  مهما كانت استحقاقاته. وبينما أحزاب مهمة في قوى الإجماع أكدت ولاءها لنداء السودان. وهم الذين جمَّدهم زملاؤهم الآخرون. إن الذين استمروا في تأييدهم لنداء السودان هم الذين أيَّدوا خريطة الطريق، التي وقعنا عليها في أغسطس 2016م.
 
-هل “مبارك الفاضل” يسعى للسلطة من خلال دخوله للحوار؟
لا أعرف أجندة تحركات السيد “مبارك”. ولكن ربما كانت أن يشغل العلاقة بالنظام للتشويش على حزب الأمة القومي. وقادة النظام أنفسهم لا يثقون فيه أبداً. وما سجلوه ضده من تفلتات تؤكد لهم ذلك. ولكن يعتبرونه مفيداً في مكايدة حزب الأمة.  إذن الراجح أنه (جوكي) مؤتمر وطني.
 
-هل بإمكان “مريم” أن تكون رئيساً للحزب مستقبلاً؟
لقد قدمت لقيادة حزب الأمة القومي مقترحات مآلها إلى تأسيس رابع لحزب الأمة القومي، باعتبار أن التأسيس الأول كان عام 1945م. والثاني كان عام 1964م والثالث كان عام 1985م . التأسيس الرابع في الطريق وسوف تدرسه ورشة عمل ويعتمده المؤتمر الثامن المزمع . وفي مجال التأسيس الرابع اقترحت كلية لترشيح رئيس حزب الأمة القومي، ليحسم الأمر المؤتمر الثامن. ولتولي هذا المنصب سيكون عبر التأهيل، لا التوريث ولا الجندر.
 
-هل بالإمكان رؤية رئيس لحزب الأمة من غير آل “المهدي”؟
نعم ..بالإمكان أن يكون رئيس حزب الأمة، بل إمام الأنصار من غير آل “المهدي” . وعلى أية حال آل “المهدي”،  كأسرة الآن كثير منهم بعيد تماماً عن السياسة لأسباب أخرى. أساس القيادة في حزب الأمة هو الكفاءة والانتخاب لا الحسب والنسب.
 
-بعد كل هذه السنوات هل أنت راضٍ عن تجربتك السياسية؟
الرضا عن الذات منقصة. ويمنع التجويد المنشود.ولكن سيرتي هي الأكثر وضوحاً بين العاملين في الحقل العام؟ وبنتي الباشمهندسة “رباح” نشرت (3) مجلدات، عن هذه السيرة وسوف تكمل المجلدات لتصير خمسة مجلدات. ومهما كان لتجربتي السياسية من مآخذ، فإنها لا تجارى. وأداء البشر دائماً نسبي، المطلقات ربانية.
 
-ما لا يعرفه الناس عن “الصادق المهدي”؟
ما لا يعرفه الناس أنني أحمد الله على قبيح ما ستر، وعلى جميل ما نشر. ولا أزيد.
 
-ما رأيك بالتعددية بالزواج؟
فقه الزواج في الإسلام مهما اختلف ذلك مع الممارسات، هو الزوجة الواحدة. لأن النص الذي أباح التربيع اشترط العدل.  وأكد أنه غير ممكن. ولكن قد تنشأ ظروف تتطلب الزيادة. حينئذ أرى أن يكون بموافقة الزوجة الأولى، وهذا ما اتبعته شخصياً، في زواجي الثاني. ‬
-كيف كانت علاقتك بالراحل “الترابي” قبل وفاته؟
كانت علاقة تواصل اجتماعي. ولكن لم تكن ذات محتوى فكري أو سياسي. وكنت أقول له، لكي نعبر هذا الجسر، مطلوب منهم مراجعة مبدئية لخطأ انقلاب 1989م، ومراجعة مبدئية لربط تجربة إسلامية بالنظام القهري شرق الأوسطي،  وبالتالي موقف مبدئي من نظام “الإنقاذ”، ولكن حتى وفاته هذا لم يحدث. رحمه الله، الذي وسعت رحمته كل شيء.
 
-الحكومة كانت تضع ثقة كبيرة فيك، بأن تلحق الحركات بالحوار، وتكون في مقدمة المشاركين، ولكنك خذلتها؟
الحكومة تعلم أنني رفضت حوار الوثبة لعدم توافر الحريات،  ولرئاسته الحزبية. ولكنني حرصت على استمرار مبدأ الحوار وأقنعت به القوى المسلحة وغيرها، ما أدى للتوقيع على خريطة الطريق. وهذه خطوات واسعة من العطاء الوطني. وهي خطوة نالت تأييداً أفريقياً ودولياً. ولكن الحكومة هي التي خذلت الوطن والآلية الأفريقية والأسرة الدولية، لأنها وقعت على خريطة الطريق في مارس 2016م وأعلنت التخلي عنها.
–    لمن تستمع؟
لمن استمع، إن كان السؤال عن الموسيقى والغناء، فقد واجهت مقولات التحريم بدراسة منشورة عن الدين والفن. ولكنني أفضِّل الحقيبة التي قلت يجب أن نغيَّر اسم الحقيبة، لأنه يشير إلى أنها صارت من الماضي، بينما الحقيقة أن الجد والأب والحفيد ما زالوا يطربون لها، فالفن الرائع خالد. وقلت تسمى ذخيرة الفن.
–    لمن تقرأ؟
ما أقرأه مفتوح لكل العطاء الفكري والثقافي الإنساني بلا حدود.
-كم دفعت مهراً في زواجك؟
كان مهراً رمزياً .وكانت مراسمه بسيطة.والآن أتبنى موقفاً هدفه تبسيط الزواج لأقصى درجة. ونحن بصدد تنظيم ورشة في ظل هيئة شؤون الأنصار بهدف جعل الزواج سهلاً بسيطاً، فما يحدث الآن جعل نسبة الزيجات للشباب ما بين (18) إلى (40) سنة لا تزيد عن (25%) ثم نسبة الطلاق عالية، والتكاليف دخلت في أسبابها.
-هل بالإمكان أن نراك رئيساً للوزراء بالحكومة المقبلة؟
أقول: لا معنى لرئيس وزراء ما لم يعدَّل الدستور، ويوجد مجلس تشريعي ديمقراطي. أما رئاسة الوزراء المقبلة إن اتُفق عليها، فالأفضل أن يتولاها شخص محايد بين الأحزاب. أما شخصي فلا.
-علاقتك بالرئيس “البشير”؟
علاقتي بالرئيس “البشير” الاجتماعية يحكمها البرتوكول الاجتماعي السوداني. ولذلك كم اشتركنا في مناسبات زواج واحد. وكم تبادلنا التهاني في بعض الأعياد. ومهما اتسعت المسافة بيننا سياسياً، فهي واصلة اجتماعياً.
هذا الوصل الاجتماعي رغم التباين السياسي جزء من بروتوكول تعايش اجتماعي سوداني معلوم.
-أقرب السياسيين إليك؟
القربى مع الآخر السياسي أنواع. وكثير منهم يعتقدون أنهم الأقرب. وهذا شعور بناء . فما المصلحة في أن أميز بين أشخاص، التعاون بيني وبينهم يحقق مصلحة لي وللوطن؟
‪ ‬

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية