تقارير

المعارضة تعترف بفشل العصيان المدني

* “الساعوري”: “كلام الواتساب كلام هوا  وقعاد البيوت ما بسقط حكومة”
* هيئة الإذاعة البريطانية تصف الاستجابة للعصيان المدني بالضعيفة
الخرطوم – محمد جمال قندول
على غير المألوف حظي يوم أمس الموافق التاسع عشر من ديسمبر باهتمام غير مسبوق،  ليس لأن اليوم يمثل واحدة من الأيام الخالدة في تاريخ السودان، حيث أعلن  فيه استقلال السودان من داخل البرلمان، وإنما بسبب دعوات العصيان التي انطلقت منذ ما يقارب الأسبوعين، عبر الأسافير من قبل ناشطين سياسيين ومعارضين للنظام أغلبهم يقيمون خارج البلاد. وبدأ يوم أمس وكأنه يمثل تحدياً كبيراً للحكومة وهي تواجه أحد إفرازات العصر الحديث المتمثل بالثورة الإسفيرية، التي أطاحت من قبل بعدد من الأنظمة بالدول المجاورة . بدأ من تونس ومصر ثم ليبيا واليمن والعديد من الدول. وبدا واضحاً أن النظام يضع نفسه في مواجهة التحدي من خلال خطابات المسؤولين التي طغى عليها الحديث عن العصيان، ليأتي يوم أمس، ويفشل العصيان، حيث باشرت المؤسسات عملها بصورة طبيعية، دونما أي تعطيل لأعمالها. واحتفلت الخرطوم بالتزامن، منذ ظهر أمس، بذكرى إعلان الاستقلال من داخل البرلمان.
أجواء العاصمة
الخرطوم بدت عادية صباح أمس، حيث كانت حركة المواصلات منسابة وطبيعية،  الطلاب والموظفون داوموا في أعمالهم ومدارسهم وجامعاتهم بصورة طبيعية.  فيما كانت الشوارع الرئيسة كعادتها  طبيعية في حركة سيرها، وليس هنالك ما يشير إلى أي عصيان خاصة، شوارع المطار و”عبيد ختم” وشارع الستين والقيادة العامة. أما في الخرطوم وسط وشرق فقد اختلف الأمر، حيث سادت  الأجواء الاحتفالية، ترفرف فوقها أعلام السودان، جزء من مفردات احتفال المجلس التشريعي بولاية الخرطوم بإعلان الاستقلال من داخل البرلمان.  وفي محلية الخرطوم بحري، سيطرت ذات الأجواء، حيث لم تظهر عليها دعاوى الناشطين. وبدا سوق بحري كما هو في كل الأيام، المحال التجارية والمطاعم مفتوحة، ووسائل المواصلات منسابة. أما في أم درمان فلا تأثير يذكر عليها. وقد احتفت محلية أم درمان بالاستقلال باحتفالية ضخمة.
المحلل السياسي البروفيسور “حسن الساعوري” ابتدر حديثه لـــ(المجهر)، في التعليق على الحدث، متسائلاً : “هل هناك عصيان أصلاً ؟ اليوم، وأنا أستاذ في جامعة النيلين، ما شعرت بشيء. الطلاب في المحاضرات والحوش مليان.” وأردف “الساعوري” بالقول : ” كلام الفيس والوتساب كلام هوا، والقعاد في البيوت ما بسقط الحكومة”.
واعتبر “الساعوري”، أن العصيان المدني الذي دعا له ناشطون ومعارضون هو محاولة لاستدراج الرأي العام ليميل لها، ليصل مرحلة، بعد فترة زمنية، خروج الشعب إلى الشارع .
بينما يختلف معه في الرأي المحلل السياسي د.”صلاح الدومة”، والذي يرى أن العصيان الحالي نجح بنسبة (50%) مع تسجيل غياب كبير بالمؤسسات. وزاد : ”  ليس بمعنى أنه طالما هنالك حركة بالشارع فإن العصيان قد فشل”.
وأشار “الدومة” إلى أن العصيان الأول نجح بحسب تقييم جهات خارجية، بنسبة قدرت حينها بـ (40 %).
أصداء عالمية 
اهتمت بعض وسائل الإعلام الأجنبية ومنها هيئة الإذاعة البريطانية، ووكالة الأناضول التركية، حسب موقعهما الرسمي على شبكة الانترنت، بالحدث  واالاستجابة لدعوات العصيان، التي أطلقها ناشطون وأحزاب معارضة، ووصفتها بأنها ضعيفة جداً. وقالت إذاعة “بي بي سي”: إن الدعوة للعصيان المدني التي أطلقها ناشطون على مواقع التواصل وجدت استجابة ضعيفة جداً، وأشارت الإذاعة البريطانية إلى أن حركة السير في شوارع العاصمة بدأت شبه عادية، وزاولت معظم المحال التجارية أعمالها في الأسواق والأماكن العامة، كما فتحت المدارس والجامعات ومرافق الخدمة ومؤسسات القطاع العام والخاص أبوابها . 
وبحسب مراقبين سياسيين فإن العصيان المدني الذي تبنته بصورة واضحة الحركات المسلحة والأحزاب المعارضة ألقى بظلال سالبة عليها، في وقت اعترفت فيه أحزاب سياسية معارضة للحكومة، من ضمنها حركة الإصلاح الآن، بفشل العصيان المدني، داعية في ذات الوقت إلى تقييم حقيقي لمعرفة أسباب الفشل، وذلك بحسب أمينها السياسي د.”فتح الرحمن فضيلي”، الذي أقر بفشل العصيان، ودعا إلى التقييم الحقيقي لأسباب الفشل.
حرب ضروس
على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بدت الأجواء تتسم بالسخونة، خاصة بموقعَيْ، (الفيس بوك ووتساب)، ونشبت حرب ضروس ما بين مؤيدين للعصيان ورافضين له. وبدأت الحرب صباح أمس بالصور، حيث نشر المؤيدون صور للعاصمة وهي خالية، زاعمين أنها حديثة، بينما نشط المعارضون للعصيان والمحسوبون على الحكومة في إرسال الصور من أماكن مختلفة من العاصمة تشير بوضوح إلى حركة سير عادية.
 وكان مساعد رئيس الجمهورية، “إبراهيم محمود” قد أطلق تصريحات ساخنة بالبرلمان أمس الأول (الأحد) قال فيها:  ” إن العصيان المرة الفاتت كان زيرو، وحا يبقى صفر كبير، وكلام في الهواء ساي”، وزاد “أصلاً ما في عصيان”.
 
وكان الرئيس “عمر البشير”، قد قلل أيضاً خلال خطاب جماهيري بشرق السودان الأسبوع الماضي، من جدوى العصيان، قائلاً: إن الحكومة لا يمكن إسقاطها بـ (الواتساب).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية