تقارير

هل يمكن أن تقلب تظاهرات الديمقراطيين في واشنطن ميزان الديمقراطية ؟

الشارع الأمريكي تحت (المجهر)
 الخرطوم – ميعاد مبارك
يبدو أن الديمقراطيين في الولايات المتحدة الأمريكية تنكروا لأولى أبجدياتهم يوم خرجوا إلى الشارع منددين بالفوز المستحق للرئيس الجمهوري المنتخب عبر صناديق الاقتراع “دونالد ترامب”، فهل خرج الديمقراطيون عن بيعتهم للديمقراطية؟.. وهل يمكن أن تقلب الاحتجاجات الأخيرة ميزان الديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية.. أم أنها فورة ذهول وخوف سرعان ما تتلاشى لتعود الأمور إلى نصابها ؟.
هل تصدق نبوءة البلغارية العمياء؟
مع ارتفاع وتيرة الاحتجاجات في الولايات المتحدة الأمريكية والتي دخلت يومها السابع، واتسمت بالتخريب وسقوط الضحايا، رشحت إلى السطح مجدداً  تنبؤات العرافة، البلغارية  العمياء”فانغا” التي توفيت منذ العام 1996 وكانت قد تنبأت في وقت سابق بأحداث (11) سبتمبر وصعود تنظيم “داعش”، وتوقعت أن الرئيس الـ(44) لأمريكا، سيكون من أصل أفريقي، كما أنه سيكون الرئيس الأمريكي الأخير، بالإضافة إلى تنبؤها بالأزمة الاقتصادية وبانعقاد آمال الأمريكان على “أوباما” لحل الأمر، ولكن سيحدث العكس، حسب نبوءة العرافة، حيث أنه سيسير بالبلاد إلى أسفل وستتصاعد الصراعات بين ولايات الشمال والجنوب الأمريكية.
كيف يمكن عزل الرئيس ؟!
لازال الكثير من الأمريكيين يطرحون تساؤلات عبر محركات البحث في الشبكة العنكبوتية عن كيفية عزل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
 (المجهر) سألت القيادي في المؤتمر الوطني والخبير الإعلامي د. “ربيع عبد العاطي”، عن إمكانية وجود ثغرة في الدستور الأمريكي يمكن من خلالها عزل أو استبدال الرئيس المنتخب؟، ويرى د. “ربيع” أن الفضائح الشخصية والقضايا السياسية لا يمكن من خلالها الإطاحة بالرئيس الأمريكي المنتخب، على عكس القضايا التي قد تقدح في الذمة المالية للرئيس والتي يمكن من خلالها تنحيته، وقارن د.”ربيع عبد العاطي” بين حادثتين في تاريخ القضاء والسياسة الأمريكية، أولاهما فضيحة الرئيس الأمريكي السابق “بيل كلنتون” مع المتدربة في البيت الأبيض “مونيكا لوينسكي” وفضيحة (ووتر غيت)، ففي الأولى التي ثبت خلالها أن “كلنتون” كذَّب على المحكمة، حيث أقيل “بيل كلينتون” من قبل مجلس النواب الأمريكي في 19 ديسمبر، 1998 ولكنه أعيد بعد أن برأه مجلس الشيوخ الأمريكي في 12 فبراير، 1999 من تهمة الكذب في الحلف وعرقلة سير القانون.
 أما فضيحة (ووترغيت) التي أطاحت بالرئيس “ريتشارد نيكسون”، والتي تعد أكبر فضيحة سياسية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، وتعود تفاصيلها لفترة حكم الرئيس “ريتشارد نيكسون”، الذي فاز عام  1968بصعوبة شديدة على منافسه الديمقراطي “همفري”، وبعد إعادة حساب الأصوات يدوياً مراراً وتكراراً، حيث فاز بنسبة (43.5%) إلى (42%)، مما جعل موقف الرئيس “ريتشارد نيكسون” أثناء معركة التجديد للرئاسة عام 1972 صعباً جداً. حيث قرر الرئيس “نيكسون” التجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس في مبنى (ووترغيت)، وفي 17 يونيو 1972 ألقي القبض على خمسة أشخاص في واشنطن بمقر الحزب الديمقراطي وهم ينصبون أجهزة تسجيل مموهة، وكان البيت الأبيض قد سجل (64) مكالمة، فتفجرت أزمة سياسية هائلة وتوجهت أصابع الاتهام إلى الرئيس “نيكسون”، الذي استقال على إثر الفضيحة في أغسطس عام  1974 تمت محاكمته بسبب الفضيحة، وفي 8 سبتمبر 1974 أصدر الرئيس الأمريكي “جيرالد فورد” عفواً بحق “ريتشارد نيكسون” بشأن الفضيحة، ونتج عن الفضيحة فضلاً عن استقالة الرئيس “نيكسون” وعزل بعض مساعديه، فقد الحزب الجمهوري لخمسة مقاعد في الكونغرس و(49) مقعداً بمجلس النواب لصالح الديمقراطيين، بالإضافة إلى تغييرات طالت عملية تمويل الحملات الانتخابية لتصبح خاضعة للرقابة الفيدرالية.
ويرى د. “ربيع” أن النظام السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية نظام مستقر وسيكون خيار تغيير أو عزل الرئيس المنتخب بعيداً، وأن الأمر الذي قد يهدد فوز “ترامب” هي الفضائح الجنائية والطعن في ذمته المالية على عكس الفضائح الشخصية والسياسية.
من جانبه يرى الإعلامي والخبير السياسي “عبد المحمود نور الدائم الكرنكي” أن هز هيبة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية والأسلوب العدواني الواضح الذي يتعامل به الإعلام الأمريكي مع “ترامب” ليس من مصلحة واشنطن، مؤكداً عدم وجود ثغرة في الدستور الأمريكي ستمكن معارضي الرئيس المنتخب من الإطاحة به.
وأكد “الكرنكي” أن التغيير في الولايات المتحدة الأمريكية والحياد عن خيار الديمقراطية قد يكلف الولايات المتحدة الكثير من الدماء بالذات مع وجود أجندة انفصالية كالموجودة في ولاية (كلفورنيا) مثالاً، بالإضافة للدعم الكبير الذي يحظى به “ترامب” من المليشيات العنصرية المسلحة مثل: (مونتانا)، رغم أن “ترامب” لم يقصد كسب دعمهم، إلا أنهم صوَّتوا له، وفي حال لم يقبل الديمقراطيون خيار صناديق الاقتراع الذي جاء بصورة ديمقراطية وبدعم الأغلبية، فسوف تكون النتائج كارثية ودموية.
(العزلة المجيدة)
شبه الأستاذ “الكرنكي” ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية بما حدث في المملكة المتحدة عند اتخاذها قرار الانسحاب من الاتحاد الأوربي، مؤكداً أن الولايات المتحدة مقبلة على (عزلة مجيدة)، كالتي صنعت بها الولايات المتحدة الأمريكية نهضتها ومجدها بعد الحرب العالمية الثانية، حيث اجتاحت العالم بعدد هائل من الاختراعات، وكان إنسانها رائد في الكثير من المجالات.
وأضاف “الكرنكي”: إن الولايات المتحدة تريد العودة لنفسها، عبر عدد من التغييرات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتنبأ “الكرنكي” بأن البيض الأمريكيين من الأصول (الأنجلوسكسونية) سيسيطرون على زمام الأمور، وأن فوز “ترامب” كان رسالة واضحة للأقليات بعدم التمادي.
ويرى “الكرنكي” أن فقراء الولايات المتحدة هم  الذين رشحوا “ترامب” لأنه وعد بمراجعة الاقتصاد الأمريكي والعودة إلى الداخل، حيث يقوم الاقتصاد الأمريكي الحالي على السندات والأسهم، والتي تعتبر إنتاج غير حقيقي، بينما تقوم الشركات بتصنيع منتجاتها خارج الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي قد يزيد ثراء الشركات والرأسماليين، ولكن يفقد من خلاله الكثير من الأمريكيين فرص العمل، الأمر الذي يزيد نسب البطالة والفقر.
وأكد “الكرنكي” أن انغلاق الولايات المتحدة الأمريكية وتمسكها بخيار (العزلة المجيدة)، قد يعيد الولايات المتحدة الأمريكية إلى قمة العالم ويعيد لها قوتها الاقتصادية عبر إنتاج حقيقي.
وأشار الخبير الإعلامي إلى أن “ترامب” قد يأخذ بنصيحة أكثر من (200) جنرال كان قد اجتمع بهم قبل فوزه، وأبدوا استياءهم من انتشار الجيش الأمريكي حول العالم.
ونبَّه “الكرنكي” إلى أن الرئيس الأمريكي المنتخب سيوفر على الولايات المتحدة الأمريكية الكثير من الصرف الخارجي، وأنه قد يتخلى عن حلف الأطلسي، وقد يوقف حماية أوروبا نفطياً وعسكرياً، بالإضافة إلى التعاون مع روسيا.
وقد يجر هذا التغيير الكبير، الكثير من العداء من الداخل والخارج الأمريكي على رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الجديد، (المجهر) سألت “الكرنكي” عن قدرة “ترامب” على مواجهة كل هذا العداء ؟.. وهل يستطيع “ترامب” إنفاذ هذه الرؤية وإخراجها إلى أرض الواقع ؟، أكد “الكرنكي” أنه حسب موازين القوى، “ترامب” قوي جداً، ويحظى بدعم كبير وليس من مصلحة المختلفين معه معاداته.
البعد السياسي للاحتجاجات
لا زالت الاحتجاجات على فوز “ترامب” مستمرة، مصحوبة بأعمال تخريبية وأحداث عنف، ويرى د.”ربيع عبد العاطي” أن الاحتجاجات في الولايات المتحدة تجاوزت البعد السياسي ويجب التعامل معها كأحداث شغب، مؤكداً أنه لا يمكن أن يكون لها مستقبل أو نتائج، فهل سيمل أعداء “ترامب” من  التظاهر ويخضعون لخيار الديمقراطية أم لهم رأي آخر؟.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية