قوات الخرطوم وجوبا المشتركة بين صعوبة التنفيذ وترقب الانفراج!!
وزير الإعلام يشدد على ضروة تقيد الجنوب بانفاذ كافة الاتفاقات
أحمد بلال ينفي صحة اتهامات ميان دوت !
تقرير- يوسف بشير
بمنأى عن هجوم جوبا على حقول النفط في هجليج، في العام الثاني، من انفصالها من الخرطوم، ظلت العلاقات بينها ,وبين الخرطوم ، متأرجحة بين الهدوء الحذر وتبادل الاتهامات، حيث تتهم كل دولة الأخرى بأنها تأوي المعارضة المسلحة. ولم يفتأ الشمال من التأكيد لأن أراضيه لا يوجد بها معارض مسلح جنوبي قط، في وقت لا تخفي فيه علاقة الحركة الشعبية -قطاع الشمال، مع الحركة الشعبية الجنوبية، الحاكمة في جوبا، والتي اعترفت باحتضان بعض الحركات، عبر تصريح للنائب الأول لرئيس الجنوب “تعبان دينق”، أثناء زيارته للخرطوم، في أغسطس المنصرم، تعهد فيه بطرد الحركات، وبالفعل أصدر قرار للولايات الجنوبية بطردها، ولكن عملياً، بحسب الحكومة السودانية، ورئيس الهيئة الشعبية للسلام بدولة الجنوب، فان قطاع الشمال لا يزال له وجود في جنوب السودان.
وأمس الأول، كشف وزير الإعلام، المتحدث الرسمي باسم الحكومة “أحمد بلال”، عن مقترح لتشكيل قوة عسكرية مشتركة لتأمين حدود البلدين. فهل تُكَّون هذه القوة وترى النور؟، وما مدى جدية الطرفين في تنفيذ المقترح؟، وما أثره في إرساء دعائم السلام بين البلدين؟. تلك الأسئلة، وغيرها، تحاول (المجهر)، الإجابة عليها، في سياق التقرير التالي.
*لا مجال لغير التنفيذ
” بالنسبة إلينا، توجد جملة من الاتفاقيات موقعة مع دولة الجنوب، ومن بينها اتفاقية تأمين الحدود، بسحب كل بلد قوته 10 أميال، داخل أراضيه، وهذا موضوع فني عسكري أمني.” تلك أولى إفادات وزير الإعلام “د. أحمد بلال”، خلال حديثه لـ(المجهر)، أمس (الأحد)، ولكنه عاد ، وقال: إن هذا المقترح، لا ينفذ، بمعزل عن الاتفاقيات الأخرى، وأهمها فك الارتباط بين الفرقة التاسعة والعاشرة، وهما فرقتان عسكريتان تتبعان للحركة الشعبية قطاع الشمال، التي بينهما وبين جوبا ارتباط عضوي، وفقاً للمتحدث الرسمي باسم الحكومة السودانية، الذي مضى في حديثه، ونادى بضرورة ترسيم الحدود، وطرد قطاع الشمال، وقال بعد أن تُنفذ جوبا ذلك، يمكننا الإسراع في إنشاء القوة المشتركة، أسوة بالتي موجودة في الحدود السودانية التشادية، لمنع تبادل الاتهامات.
وشدد “بلال” على أن من مصلحة الطرفين تسوية ما يعكر صفو علاقاتهما، ولم يخف سعي حكومته لإحداث استقرار في جوبا. وحول إذا ما كان متفائلاً، من تنفيذ الأخيرة لمجمل ما اتفق عليه، قال: ليس ثمة مجال للمشاعر، فقط، هناك اتفاقيات يجب أن تنفذ. وقد أضاف، بنبرة فيها شيء من الانزعاج : التنفيذ هو المحك.
*العودة للمربع الأول
“ميان دوت”، سفير جوبا لدى الخرطوم، قال: إن تشكيل القوة المشتركة، لحماية حدود البلدين، موجودة، ضمن القضايا المتفق عليها، بعد زيارة النائب الأول لدولته للسودان، أواخر أغسطس الماضي. وكشف خلال حديثه لـ(المجهر)، أن اللجان المشتركة (شغالة)، بيد أنه تمسك بعدم الإدلاء بإفادة بما توصلت إليه. وقطع بأن تشكيل القوة المشتركة سوف يسهم في تعضيد السلام بين البلدين، في وقت نفى فيه وجود معارضة مسلحة شمالية في أراضي بلاده. وقال: إن حكومته طردتهم، وأبلغت الحكومة السودانية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة أنها أبعدتهم.
وجدد الرجل اتهام بلاده بإيواء الخرطوم لـ “لام كول”، و”جون ولسون”، وبعض قادة المعارضة. وهذا ما جزم “أحمد بلال” بعدم صحته. وقال: إن جوبا أبعدت الحركات المسلحة الدارفورية، لكنها لا تزال تحتضن قطاع الشمال. وأكد أن وجود “لام كول”، ضمن أكثر من مليون جنوبي، منتشرين في بقاع الشمال المختلفة. وقال: إن حكومته تستضيفهم بصفتهم مواطنين، وما سمحت، ولن تسمح لأيّ أحد بممارسة عمل سياسي، بما في ذلك إقامة مؤتمرات صحفية، ناهيك من نشاط عسكري.
*معضلات جديدة
تساءل المحلل السياسي ” البروفسور حسن الساعوري”، عن جدوى تكوين قوة مشتركة، والحدود لم ترسم، وقال في إفادات للصحيفة: إن تكوينها مفيد، بدليل نجاح الفكرة، في بعض من حدود البلدان. وأشار إلى أن الحدود متفق عليها في الورق، منذ اتفاقية مشاكوس، وهي حدود 1956م، ولكن في الواقع غير متفقين. وأوضح، والحديث له، أن جوبا غير جادة في تنفيذ أي اتفاق، بدليل عدم تجريدها الحركات من السلاح، الذي جزم بأنه سلاح الجيش الشعبي الجنوبي. ووصفها بالعقبة. وحول الاتهامات المتبادلة، بين الدولتين. قال: إن الخرطوم تستضيف سياسيين، بدواعٍ إنسانية، وليس في معسكرات عسكرية، أي أنهم لاجئين، بسبب الحرب الدائرة هناك، فيما تحتضن جوبا قطاع الشمال المسلح. وأضاف: إن كانت المعاملة بالمثل، يتوجب على الجنوب استضافة سياسيين بدلاً عن مسلحين.
*صعوبة وترقب
ومضى “إستيفن لوال”، رئيس الهيئة القومية للسلام بجنوب السودان، إلى وجود صعوبة في تنفيذ التعاون الأمني، رغم أنه أكد أنها خطوة مبشرة لتعاون أمني عسكري قادم، لأن حدوث حادثة في بلد تنعكس على البلد الثاني. وقال: إن الخرطوم تريد تأمين الحدود، منعاً لهجمات يمكن أن تأتيها من مسلحين، ينطلقون من الأراضي الجنوبية. فيما جوبا تعيش نوعاً من عدم الاستقرار السياسي، مما يدفع الأمر لمرتقى صعب، ورغم حاجتها للاستقرار، ما تزال تأوي قطاع الشمال. وشدد على استحالة تنفيذ القوة المشتركة إلا بشكل جزئي، بيد أنه عاد وقال: في حاله طرد جوبا لقطاع الشمال، يمكن تنفيذه بشكل كامل.
وتوقع “لوال”، خلال حديثه لـ(المجهر)، حدوث انفراج كبير في علاقات البلدين، إذا أقدمت بلاده على إبعاد الحركات المسلحة من أراضيها. وقطع أنه في حالة عدم حدوث ذلك سوف نشهد مزيدا من تبادل الاتهامات، وأكد رفضه لذلك، لأنه سيكون له تداعيات أخرى، لم يسمها. وجزم أن الحكومة السودانية تقوم بتنفيذ الاتفاقيات بطريقة سلسة دون وضع عراقيل، وأنها أكدت مراراً أنها لا تدعم المعارضة الجنوبية المسلحة، وقال: إن مواقف الخرطوم فيها نوع من الحكمة خلافاً لجوبا التي لم تف حتى اليوم بوعد طرد الحركات.