تقارير

مشاورات واسعة وسط الاتحاديين تسبق تشكيل الحكومة الجديدة

تقلص حصة الاتحادي الأصل  و”محمد” يحل بديلاً لـ”الحسن” في القصر
  الخرطوم – محمد جمال قندول
ما أن يعود إلى الواجهة بمكتبه بالقصر الرئاسي حتى يغيب عن المشهد مجدداً، هكذا ظل نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وممثله الأرفع بالشراكة الحكومية، مساعد أول رئيس الجمهورية “الحسن الميرغني”، في حالة سفر دائم يكتنفه الغموض، وظلت حالة “الحسن” تشكل موضوع جدل واسع في الأوساط السياسية، إذ أنه بقي مساعداً بلا إنجازات تذكر، حتى اللحظة. الأمر الذي جعل بعض المراقبين يتندرون على الدوام أنه مساعد بلا مهام.
حالة “الحسن” مرتبطة إلى حد كبير بما يجري داخل حزبه العريق من صراعات. آخرها يتعلق بشكل  قسمة السلطة التي ستخرج بها الحكومة التوافقية في منتصف يناير المقبل. وما هي نسبة الحزب الاتحادي الشريك الأكبر حالياً.
العلاقة بين الوطني والاتحادي (الأصل)
حالة من الغموض تكتنف مصير “الحسن الميرغني” مساعداً للرئيس، ويكتنف، بالنتيجة، مستقبل شراكة حزبه مع الحكومة خاصة في ظل حكومة عريضة متوقعة في منتصف يناير المقبل، ستستوعب عدداً كبيراً من الأحزاب التي شاركت بالحوار الوطني، حتى اضطر رئيس الجمهورية والمؤتمر الوطني المشير “عمر حسن أحمد البشير” أن يعلنها صراحة لأعضاء حزبه في انعقاد الشورى الثالثة قبل أقل من شهر، أن عليهم التضحية والتنحي لاستيعاب الأحزاب المشاركة.
وحتى اللحظة لم يجلس المؤتمر الوطني الحزب الحاكم مع الحزب الاتحادي الأصل للتشاور حول الحكومة المقبلة. بجانب أن غياب “الحسن” عن الواجهة السياسية باستمرار يعكس عدة علامات استفهامات قد تلقي بظلالها على مستقبل الشراكة .
وظل الوطني والاتحادي يؤكدان باستمرار على  العلاقة الطيبة التي تجمعهما تحت راية الشراكة الحكومية. وظلت قيادات الوطني باستمرار تؤكد ذلك ومنهم نائب رئيس القطاع السياسي د.”عبد الملك البرير” في تصريحات سابقة لــ(المجهر) أشار فيها إلى أن العلاقة لا تشوبها أي خلافات وهي شراكة إستراتيجية، بجانب تصريحات سابقة لوزير تنمية الموارد البشرية بولاية الخرطوم وعضو الحزب الاتحادي “أسامة حسون”، الذي ظل يؤكد بدوره مراراً من أنه لا خلافات بين الطرفين، وأن الشراكة ستظل قائمة بينهم وبين الوطني.
وبحسب مصدر من داخل الحزب الاتحادي (الأصل) تحدث لــ(المجهر) فإنه ستجرى مشاورات واسعة بين الحزبين منتصف ديسمبر المقبل، لوضع التصور النهائي للمشاركة، وأن النسبة ستتقلص عن النسبة الحالية، وذلك لدخول عدد كبير من الأحزاب على الخط، وأضاف المصدر إن الحزب سيدفع بقيادات جديدة في المشاركة مع التأكيد التام على غياب السيد “الحسن الميرغني” واستبداله بشقيقه “محمد” في الحكومة المقبلة.
بديل “الحسن”
القيادي بالحزب الاتحادي (الأصل) “علي السيد” تمنى أن لا يشارك حزبهم بالحكومة التوافقية المقبلة. وقال إنه حال الرجوع لمؤسسات الحزب الشرعية فلن يقبلوا المشاركة إلا إذا قرر “الحسن” المشاركة كما فعل في المرة السابقة، ستكون عواقب ذلك وخيمة، على حد تعبيره، حيث أن المشاركة بالحكومة ستتدنى بشكل مريع، لمشاركة عدد كبير من الأحزاب التي شاركت في مؤتمر الحوار الوطني.
الخبير الإعلامي في شؤون الاتحاديين أ.”عادل عبده”، قال في حديثه لــ(المجهر): إن الاتحادي الأصل سيشارك في حكومة الوفاق الوطني القادمة باعتبار أن هذا المنهج مقبول من جانب الزعيم السيد “محمد عثمان الميرغني”، ويعتبر إستراتيجية ثابتة بالنسبة له، ويواصل “عبده” إفاداته: إن حصته سوف تتعرض لاختبار حقيقي جداً لسببين: الأول لأن المشاركة ستكون واسعة وبالتالي المحاصصة سوف تؤثر على حجمه، الثاني أن مشاركات الاتحادي الأصل على مدى الفترات السابقة كانت غير مؤثرة لجهة ضعف أداء الدستوريين بالحزب وتسلمهم لحقائب وزارية وتنفيذية غير مؤثرة، ثم غياب التقييم الحزبي اللازم لمعرفة أدائهم بالمشاركة.
ويصف “عبده” أداء الوزراء المشاركين حالياً من الحزب الاتحادي بالحكومة أقل من المتوسط . ويردف بالقول:  إن أبرز الشخصيات الاتحادية المشاركة ولها أداءً مميزاً هي نائبة رئيس المجلس الوطني “عائشة محمد صالح”، لأنها تطبق منهج الاتحاديين بالسلطة، ويرى “عبده” أن هناك خلافاً مكتوماً داخل الاتحادي الأصل بين “الحسن” والأمير “أحمد سعد”، وذلك لتباين الرؤى والمنهج بين الرجلين.
وعزا “عبده” غياب السيد “الحسن” المتكرر لعدة أسباب منها أنه لا يحمل أي مشروع سياسي واضح معه، بجانب أن تركيبة الرجل لا تتواءم مع استمرارية المداومة على تطبيق منهج لفترة زمنية طويلة، وذلك لشخصيته التي تتميز بالقلق وعدم المواءمة والصبر على تنفيذ منهج محدد، أضف إلى ذلك أن “الحسن” عينه على الخارج أكثر من الداخل، ويجزم “عبده” أن “الحسن” سوف يغادر الحكومة التوافقية القادمة، ويحل محله شقيقه “محمد”، خاصة وأن هنالك مشاورات تمت بالقاهرة بين رئيس الحزب “محمد عثمان” ومجموعة من السياسيين المخضرمين بالحزب في هذا الخصوص .
خلفية المشاركة
وكان الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، قد عاد للمشاركة في نوفمبر من العام 2011 مع الحكومة، ودفع آنذاك بنجل رئيس الحزب، “جعفر”  مساعداً لرئيس الجمهورية، الأمر الذي أثار حينها الجدل حول  اختيار نجل “محمد عثمان” لهذا المنصب المهم، خاصة وأنه يفتقر للخبرة السياسية الأمر الذي انعكس بصورة واضحة في أول ظهور إعلامي له حينما قال في مؤتمر صحفي إنه سوف يجتهد لإيقاف الحرب بالنيل الأبيض، مع العلم أن الحرب حينها كانت مشتعلة بين متمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال والحكومة بالنيل الأزرق، وبعد شهور غاب “جعفر” عن الواجهة مفضِّلاً البقاء ببريطانيا، متعللاً حينها أنه خرج من الخرطوم مغاضباً لدواعي التهميش. ومن ثم ظهر شقيقه “الحسن الميرغني” بالواجهة السياسية، بديلاً في منصب كبير مساعدي رئيس الجمهورية، والذي بدأ نسبياً أنه أفضل من سلفه، وذلك لامتلاكه لمعلومات أكثر عن السودان وما يدور في ساحته السياسية، وظهر ذلك جلياً في تصريحات الرجل الكثيرة لوسائل الإعلام على عكس شقيقه، الذي كان يفضِّل الصمت والانزواء بعيداً عن المحيطين به، من مواطنين وقيادات وإعلام. غير أن الأخير بدوره فشل في التأقلم على المنصب، وغادر أكثر من مرة مغاضباً بداعي التهميش،  قبل أن يلتقي رئيس الجمهورية بالقاهرة منذ حوالي شهر على هامش قمة “البشير” و”السيسي”، ويعود للخرطوم ويظهر في مؤتمر الحوار في أول ظهور له منذ شهور طويلة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية