"ترامب" نجم تلفزيون الواقع يهزم التوقعات واستطلاعات الرأي
حسم المعركة بأصوات العمال والجالسين على الرصيف
المرشح الجمهوري سيد المفارقات يفوز برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية
الخرطوم – ميعاد مبارك
خرجت المواطنة الأمريكية المسلمة ذات الأصول الأفريقية “مروة صديق” من منزلها في ولاية فلوريدا وتوجهت للإدلاء بصوتها عند الساعة السادسة والنصف من مساء (الثلاثاء) وهي تتوقع أن تفوز المرشحة الديمقراطية “هيلاري كلينتون” التي وعدت بدعم الأقليات وكان شعار حملتها أمريكا للجميع، وبعد أن أدلت بصوتها لصالح مرشحتها، كتبت “مروة” في حسابها على فيسبوك (أرجوك هيلاري فوزي بالانتخابات، فأنا لا أريد أن أضطر للخروج من الولايات المتحدة لأعيش في كندا أو إنجلترا.. أمريكا عظيمة كما هي).. مضت الساعات وانتصف ليل الولايات المتحدة الأمريكية حاملاً لـ”مروة” ومؤيدي “هيلاري كلينتون” مؤشرات سيئة للغاية، حتى جاء النبأ اليقين عند الساعة 1:42 من صباح (الأربعاء)، بالتوقيت الأمريكي معلناً فوز “دونالد ترامب” الذي ضرب بكل التوقعات عرض الحائط بأغلبية ساحقة، حيث نال المرشح الجمهوري المثير للجدل “288” صوتاً مقابل “218” صوتاً لنظيرته الديمقراطية، التي خسرت أصوات ولايات كانت محسوبة لصالحها مثل ميتشيغن وبنسلفانيا، مؤكدة أنها لم تكن مقنعة حتى للمؤيدين التقليديين للحزب الديمقراطي.
{ كذب المحللون ولو صدقوا
كانت المفاجأة سيدة الموقف وساعات ليل (الثلاثاء) تسجل التقدم الخارق للرجل الذي وصفه المحللون بالجاهل في السياسة ووصفه الرئيس “أوباما” بغير المتزن مزاجياً، وأكد المراقبون واستطلاعات الرأي أنه لن يكون خيار الناخب الأمريكي، بل كانت المفارقة أن قياديين في الحزب الجمهوري أعلنوا عدم دعمهم له خاصة بعد تسريب تسجيل صوتي قديم له يتحدث خلاله بصورة مهينة عن المرأة؛ إلا أن “دونالد ترامب” ومؤيديه استمروا بالتأكيد على أنهم هم الفائزون، وبالفعل اكتسح رجل الأعمال الثري ونجم تلفزيون الواقع المثير للجدل الانتخابات مؤكداً أن لا شيء مستحيل تحت الشمس، فها هو المرشح الجمهوري الذي لم يحمله الإعلام الأمريكي على محمل الجد وكان يبث أخبار ترشحه للانتخابات في فقرة المنوعات وليس كما “كلينتون” التي كانت تهتم بها نشرات الأخبار السياسية، وكان الرجل يستعد لدخول البيت الأبيض لفترة انتخابية تستمر لأربع سنوات.
وسارعت منافسة “ترامب” السيدة “هيلاري كلينتون” لتهنئته معترفة بخسارتها بعد انتخابات وصفت بالأشرس في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
{ الاستطلاعات تخسر للمرة الأولى منذ (36) عاماً
لعل واحدة من أهم المسلمات التي كسرها “ترامب” هي قدسية استطلاعات الرأي التي أكدت أغلبها فوز “هيلاري كلنتون” بفارق ضئيل على “دونالد ترامب” وبفارق من (1%) إلى (4%)، ولم تخب توقعات الاستطلاعات للانتخابات الأمريكية منذ (36) عاماً، بل على العكس تماماً كانت أقرب لنبض الشارع الأمريكي، قادرة على قياس توجهاته وميوله.. إلا أن هذه الانتخابات على ما يبدو استحقت أن توصف بالمفاجأة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
{ هبوط الدولار الأمريكي
بعد أن بدأ الدولار الأمريكي بالارتفاع بداية ليلة (الثلاثاء) مع ارتفاع حظوظ “هيلاري كلينتون”، عاد وهرول إلى الهبوط مع ميل الكفة إلى المرشح الجمهوري “دونالد ترامب”، ليتجه مؤشر الدولار صوب أسوأ أداء فصلي منذ خمس سنوات، فالأسواق العالمية لا تعرف الكثير عن سياسة “ترامب” بعد ويسيطر عليها الخوف من ما قد يحمله لها الغد مع الولايات المتحدة الأمريكية. وكان “ترامب” في وقت سابق قد هدد بالخروج من منظمة التجارة الدولية وعدم دعم مشاريع البيئة والتركيز على معيشة المواطن الأمريكي.
{ “هيلاري” تتقبل الهزيمة
في استطلاع رأي سابق للصحيفة مع مواطنين أمريكيين عبر الانترنت أكد أغلب المستطلعين أن “هيلاري كلينتون” عادية لكنها أفضل من “ترامب”، وهذا ما أكده الإعلامي والخبير الدبلوماسي “عبد المحمود نور الدائم الكرنكي” الذي قال وقتها إن “ترامب” أحدث انقساماً في الحزب الجمهوري وكبار المحنكين في السياسة، ومنهم وزير الخارجية السابق “جيمس بيكر”، وقالوا إن “ترامب” سيجعل العالم في حالة عدم استقرار، وسيدخل في مواجهة مع الصين التي اتهمها باغتصاب التجارة الأمريكية، في حين أن الصين لديها شركاء أمريكيين وبالتالي ستتضرر المصالح الأمريكية في حال توترت العلاقات مع الصين، بالإضافة لموقفه من المسلمين الذي قد يضر أيضاً بمصالح أمريكا، حيث إن كثيراً من شركائها الاقتصاديين الذين تعتمد عليهم في النفط دول مسلمة، علماً بأن النفط يمثل شريان الحياة لأمريكا. وأكد “الكرنكي” أن المبادرة العدوانية ليست مؤشراً مريحاً للمصالح الأمريكية.
{ ما تريده أمريكا
وربما كانت الورقة الرابحة لـ”ترامب” هي القراءة الصحيحة للشارع الأمريكي حيث كان شعار حملته (أمريكا أولاً) في مقابل شعار (أمريكا للجميع) الذي رفعته “هيلاري” ولم يوافق الجو العام الأمريكي على ما يبدو الذي أحدثت فيه ثماني سنوات من حكم الحزب الديمقراطي الكثير من التحول وجعلته يتكتل خلف الحزب الجمهوري ويدعمه بقوة في الانتخابات الرئاسية والانتخابات النصفية لمجلس الشيوخ والنواب.. الأمر الذي يضع كروت اللعبة كلها في يد الحزب الجمهوري.
وأشار “الكرنكي” إلى أن الداعم الأكبر لـ”ترامب” هم الرجال البيض في مراحل عمرية متقدمة، الذين بدأوا يحسون أن أمريكا بدأت تخرج من أيديهم حيث دخل في عهد الديمقراطيين عدد كبير من اليهود إلى البيت الأبيض، وتولى “أوباما” كرجل أسود سدة الحكم، وكذلك الأقليات والمرأة.
وتنبأ “الكرنكي” بأن “ترامب” سيكسب أكبر عدد من المؤيدين عبر وعوده بإلغاء الضرائب على الطبقة الوسطى والفقيرة، الأمر الذي قد يصب في صالحه إذا صدقه الشعب الأمريكي، وهذا ما حدث بالفعل، وأكده “ترامب” مراراً بأن العمال والأمريكيين والصامتين الذين لا يجيبون على استطلاعات الرأي هم من سيجعلونه يفوز.
{ “ترامب” صديق شخصي لـ”نتياهو”
ليس بالأمر الخفي أن الرئيس الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” جمهوري الهوى وصديق شخصي للرئيس الأمريكي المنتخب “دونالد ترامب”، وربما هذا ما يفسره إعلان “ترامب” أنه سيعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل وسينقل سفارة الولايات المتحدة من تلابيب إلى القدس، الأمر الذي أقلق السلطات الفلسطينية التي دعت الولايات المتحدة بعد فوز “ترامب” إلى الاستمرار في دعم خيار الدولتين.
{ “ترامب” الرجل (السرطان)
الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية من مواليد نيويورك في 14 يونيو 1946، الأمر الذي يعني أنه من مواليد برج السرطان، ولعل الطالع وافق الواقع فـ”ترامب” يحمل كثيراً من الصفات التي ألحقها المنجمون ببرجه، حيث يصف علماء الفلك الرجال من هذا البرج بأنهم ذوو شخصيات مليئة بالتناقضات، قد يضحك (السرطان) ويعبس ويصرخ ويبتسم في نفس الموقف، وهو صاحب خيال واسع جداً، ويسافر في أحلامه إلى أماكن بعيدة عن الواقع بالإضافة إلى أن ذاكرته يقظة، ويدقّق في جميع التفاصيل. ويرى علماء الفلك أن الرجل من برج السرطان انتماؤه الأساسي لبيته وأسرته وزوجته، وهذا ما أظهره حشد الرئيس الأمريكي الجديد لجميع أفراد أسرته حتى ابنه الصغير الذي ظهر أمام شاشات التلفزة واقفاً إلى جوار والده أثناء إلقائه كلمة النصر، وبدا ابن “ترامب” وهو يغالب النوم ويتثاءب تارة ويبتلع التثاؤب تارة أخرى وعيناه تغالبان النعاس ليسرق المشهد من والده.
ويصف علماء الفلك أيضاً الرجل السرطان بأنه فنان بالفطرة، وصوته جهوري، يهوى الإلقاء والتمثيل والتقليد ولا يتقبل النصائح التي يمليها عليه الآخرون ولا يستجيب للآراء المعارضة، وهذا ينطبق تماماً على المرشح الجمهوري الذي سطع نجمه واشتهر كنجم من نجوم تلفزيون الواقع، واشتهر بأدائه المثير وحركاته التعبيرية المثيرة للجدل أثناء وقبل الانتخابات الأمريكية.
ولدى الرجل من هذا البرج قدرة كبيرة على الإقناع بكلماتٍ قليلةٍ، وهذا ما أظهره “ترامب” بإقناعه للناخب الأمريكي وفوزه الساحق وغير المتوقع في الانتخابات رغم أنه جاهل تماماً بالسياسة.
ويقول علماء الفلك إن رجل برج السرطان معطاء، ويحبّ مساعدة الآخرين ودعمهم معنوياً وهذا ما يتمناه الداخل والخارج الأمريكي.