تقارير

نيران زيادة (المحروقات) تشعل تعرفة المواصلات الداخلية لأسعار مضاعفة والمواطنون يسخطون!!

الخرطوم رفعت التعرفة إلى (80- 100%) رغم أن الزيادة لم تتجاوز الـ(25%)
تقرير ـ هبة محمود
لم تذهب توقعات المواطنين عشية الإعلان عن رفع ما تبقى من دعم للمحروقات (البنزين ـ الجازولين ـ الكيروسين)، (الخميس) الماضي، إلى أن الزيادة في تعرفة المواصلات ستكون حتمية في جميع خطوط الولاية، لكن المفاجأة كانت ما بين (80- 100%)، رغم أن الزيادة في سعر جالون الجازولين لم تتجاوز الـ(25%)، الأمر الذي عبر عن رفضه عدد كبير من المواطنين بنقاشات حادة شهدتها معظم المركبات بينهم وسائقي الحافلات ومساعديهم وصلت حد المشاجرات، ولم تنته إلا برؤية منشور الزيادات الممهور بتوقيع وزارة البنى التحتية والمواصلات ولاية الخرطوم، فيما اكتفت البقية الباقية من المواطنين برسم علامات الاستياء حيال ما يحدث سيما أنهم في معركة خاسرة عنوانها الدفع أو الدفع.
وعلى الرغم من رفض المواطنين للزيادة بشكلها الحالي إلا أن صدى القرار وجد ترحيباً كبيراً من قبل نقابة المواصلات وملاك المركبات وأصحاب الهايسات، في الوقت الذي عدّ فيه بعضهم الزيادات غير مجزية وليست سوى معالجة لزيادة أسعار الوقود، ليبقى السؤال الأكثر إلحاحاً، وهو إلى أي مدى يمكن لهذه الزيادات الكبيرة أن تساهم في الحد من الفوضى العارمة التي يشهدها قطاع المواصلات من تجزئة للخطوط وعدم التزام البعض بقيمة التعرفة والوقوف داخل المواقف؟
عدد من المواطنين عبروا عن غضبهم واستيائهم لـ(المجهر) جراء الزيادات الكبيرة على تعرفة المواصلات، مؤكدين أن توقعاتهم للزيادة لم تكن بالشكل الذي فوجئوا به عقب الإعلان بعد أن سارعت وزارة البنى التحتية والمواصلات بإجازة تلك الزيادات الكبيرة.. “هناء محمد” (موظفة) لفتت في حديثها لـ(المجهر) إلى توقعها للزيادة لحظة الانتهاء من مؤتمر وزير المالية إلا أنه لم يخطر ببالها أن الزيادات ستكون بنسبة (100%)، وقالت: (فوجئت وأنا في الطريق إلى عملي بالقيمة التي تضمنتها منشورات الزيادة).
ويرى “محمد آدم” أن الزيادة كبيرة جداً مقارنة بالظروف الاقتصادية التي يعانيها المواطن السوداني، ناهيك عن رحلة (الرهق) التي أشبه ما تكون باليومية، وقال: (المواطن في أفضل الحالات غالباً ما يستقل “مركبتين” أو ثلاث للوصول إلى منزله بعد الانتظار المرهق واللهث وراء الحافلات بحثاً عن حافلة، الآن أصبح يعاني الأمرين، انتظار وارتفاع كبير في التعرفة) وأضاف: (ربنا يكون في العون).
وتتساءل “نهال عوض” (معلمة) عن توفير قطاع المواصلات خدمات جيدة حيال التعرفة الموضوعة حالياً أم أن الأمر سيكون زيادة والسلام- على حد تعبيرها- مشيرة إلى معاناتها الكبيرة واليومية في المواصلات وبتعرفة غير محددة وفق أهواء السائقين وملاك المركبات، وقالت: (الآن وبعد هذه الزيادة هل سيتحسن الأمر أم سنجابه الاثنين دفع ومعاناة؟). 
{ النقابة: هذه الزيادة غير مجزية
بالرغم من أن مطالب قطاع واسع من سائقي المركبات وكذا نقابة الحافلات تحققت بزيادة التعرفة التي كثيراً ما نادوا بها لمجابهة ارتفاع الدولار وغلاء الإسبيرات، إلا أنها ـ أي التعرفة ـ وبشكلها الحالي لم تنل استحسان بعضهم، وحسب “عبد الرحمن القاضي” الأمين العام لنقابة الحافلات بالخرطوم فإن الزيادة الكبيرة ليست مجزية، وكان يتطلب أن تكون أكثر مما هي عليه ووصفها بغير (التكميلية)، مؤكداً لـ(المجهر) أن المركبات لا تتلخص مشكلاتها في استهلاكها للوقود وحسب، بل تتخطاها إلى مشكلات أخرى تتمثل في غلاء الإسبيرات وارتفاع أسعار الزيوت وأعمال الصيانة وخلافه، وقال: (نحن طالبنا بأن يتم تحرير التعرفة نهائياً لحل مشكلة قطاع المواصلات).
الأمين العام لنقابة حافلات أمبدة “صديق الحاج” لفت في حديثه لـ(المجهر) إلى أن الزيادة ليست سوى معالجة لزيادة الوقود التي أعلنتها وزارة المالية مؤخراً، مؤكداً إجراءهم دراسات سابقة لمشكلة المواصلات كشفت عن تكلفة عالية للتشغيل لا تتناسب والتعرفة الحالية، إلا أنه عاد وأكد أن الزيادة بشكلها الحالي يمكنها تلبية طموحات الناس وتجعلهم يعملون في ارتياح.
وبالمقابل رفض رئيس وحدة محلية بحري “حسين عمر” الشهير بـ(أبو ريم) وصف التعرفة الجديدة بـ(غير المجزية)، مؤكداً لـ(المجهر) أن المواطن السوداني (تعبان) ويتحمل أعباء كبيرة والمسألة تتطلب المزيد من الصبر، وقال: (الزيادات تعدّ معقولة بالنسبة لنا كجسم نقابي، ونحن نبهنا على سائقي الحافلات والمساعدين بمحاولة امتصاص غضبة المواطنين خاصة في الأيام الأولى درءاً للمشاكل، فالزيادة كبيرة ونسبتها عالية).
{ إجراءات صارمة لمحاربة تجزئة الخطوط!!
إجراءات صارمة قطع بها أمناء نقابة المواصلات بالمحليات الثلاث (بحري ـ أم درمان ـ الخرطوم) لحسم الفوضى التي يشهدها قطاع المواصلات بالولاية، لافتين إلى أن واحدة من مشكلات القطاع كانت تتمثل في ضعف التعرفة مقارنة مع ارتفاع أسعار الإسبيرات وزيوت المحركات، وأكد “صديق الحاج” أمين نقابة الحافلات بمحلية أمبدة لـ(المجهر) اتخاذه كنقابة حزمة من الإجراءات تتمثل في محاربة تجزئة الخطوط وغير الملتزمين بالتعرفة الجديدة، وقال: (من بكرة ح تشوفوا الفرق، أي عربية عليها ديباجة تعمل، وخلاف ذلك لا).
أما أمين نقابة حافلات الخرطوم “عبد الرحمن القاضي” فقد أشار إلى دورهم في تقديم مركبات تتبع لشركة “البرمت” وشركة المواصلات العامة لحل مشكلة المواصلات خاصة في أوقات الذروة، مؤكداً أن الفوضى التي يشهدها قطاع المواصلات تدخل فيها جهات كبيرة ودورهم كنقابة يتمثل في تنظيم العمل داخل المواقف وإلزام السائقين بالتعرفة وفقاً للمنشور. ويؤكد رئيس وحدة محلية بحري “حسين عمر (أبو ريم) على حسم الظواهر السالبة التي يشهدها قطاع المواصلات بمحلية بحري التي تتمثل في خطي (الكوبري) و(بحري)، وقال: (من الآن لن يكون هناك خط يسمى الكوبري، كما لن يكون هناك خط اسمه بحري)، وأضاف: (أنا عندي خط اسمه “بحري- الشعبية”، وسنقوم بالسيطرة على المواقف واتخاذ إجراءات مشددة تصل حد سحب الرخصة نهائياً حال عدم التزام السائقين بالمواقف والتعرفة)، ومضى في حديثه: (القطاع يشهد مشكلة تنظيم ونحن نترجى المحلية إبعاد الباعة المتجولين من المواقف حتى نستطيع العمل كما ينبغي).
يبدو أن ملف مواصلات ولاية الخرطوم سيظل من الملفات الشائكة أمام حكومة الولاية، رغم أنها استغلت زيادة المحروقات لتمرير الزيادة التي كانت تعدها بزعم أنها ستحل ضائقة المواصلات، فالأمر لا يتوقف عند زيادة التعرفة إنما يتخطاها إلى مشكلات وفوضى ضاربة بأطنابها في هذا القطاع، فالفريق ركن “عبد الرحيم أحمد حسين”  لفت في تصريحات إلى تحرك ما يقارب الثلاثة ملايين ونصف المليون مواطن داخل الولاية خلال ساعات الذروة الست، ساعتان (صباح ـ ظهيرة ـ مساء) مما يتطلب توفير مواعين نقل كبيرة جداً وبالتالي طرق إضافية ومحطات وكبارٍ، مؤكداً أنه رغم جهود إصلاح المتعطل من البصات وتأهيل الطرق وتوفير مواقف المواصلات إلا أن العمل المبذول دون الطموح بكثير.
وأمام هذا التصريح نجد أنفسنا أمام سؤال يفرض نفسه بقوة، وهو: إلى أن يكتمل هذا المشوار وتتوفر مواعين النقل.. هل ستترك حكومة الولاية المواطنين وقتاً طويلاً أمام هذا الوضع المأزوم؟ وما هي الضوابط والمعالجات الآنية التي يمكن أن تنتهجا حيال أصحاب المركبات؟ وهل من زيادة أخرى وقريبة تلبي طموح النقابة وملاك العربات وتقتل أحلام المواطنين؟!      

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية