رأي

الحاسة السادسة

وهمي..ويقيني
رشان أوشي
الحب يجعلنا نشعر أن للحياة طعم آخر مختلف تماماً، بينما الفراق يجعلنا كأوراق الشجر الجافة المتساقطة.
قالت له في لقائهما الأخير، بينما وجهها وعينيها يفرزان كل مرارة دواخلها وحنظلها: إنني لا أستطيع أن أكرهك ولا يمكنني أيضاً أن أطلب حبك.. كما أنني لا أملك سوى أن أعطيك حياتي وأنت كنت لي ستكون قد أعطيتني كل الكون، فأعلم أنني أحبك وأعرف أنني فقدتك وإلى الأبد.
 وسأظل أضع نفسي في خانه انتظارك، وسيتسع ذلك الجرح كلما عمقته أظافر ابتعادك عني، سيصبح عميقاً وغائراً ليسع كل الآلام الدنيا التي لا تقتلها أقوى المسكنات، فترفق بي.. ولا تعمق جراحي التي لن تندمل،  فدونك أنا في فوضى.
لم أكن يوماً عاجزة عن العطاء معك.. ولكنك كنت عاجزاً عن احتمال عطائي..كان كبير يفوق طاقة استيعابك، كنت تحسب نبضي بك وكأنه عملية حسابية عقيمة ومعادلة مختلة لا نتيجة لها، كنت دائماً تنظر للجزء المظلم مني لتمزجه مع سقطات حياتك وتخرج تلك المعادلة المختلة ثم تعاقبني بفعلتك.
ومع ذلك كنت أقول لك دائماً..بأنك مطر هطل على حياتي في موسم جفافها لتخرج روحي خصبة، وعبارتك الشفيفة تلك كانت بكراً كلما سمعتها منك وكأني لم أسمعها من قبل، لها وقع كعزف الموسيقى في حلبة رقص ثملة.. تنقلني إلى خانة الصمت المدهشة.
معك.. تيقنت أن الرجل يوجد مرة واحدة في حياة المرأة وفيما عدا ذلك ليست إلا محاولات للترتيب من جديد، فأبواب القلوب لا تفتح كثيراً، أنها الأبواب الوحيدة التي تظل موصدة وخلفها الحسرة والندم والتعاسة، ونزف الجروح الذي لا يتوقف، وأي محاولات سعادة أخرى ستكون بالطبع مزوَّرة وليست حقيقية.
 هل تشعر الآن أن عمرنا يموت بين أيدينا ونحن نصارع وهم الكبرياء؟، هل تحسب الليالي الباردة القاسية ونحن نجتر ذكرى عشقنا الذي لم يعد سوى داخل وجداننا عاجزاً عن الحركة؟، هل تعلم كم أنزف وأتلوى وحيدة وأنا أطالع صورتك داخلي، وأسمع صوتك تناديني؟، أتدري كم أنا تائهة؟، لا أظنك تدري، لو كنت تدري لما تركتني لينهشني الفراق.
لقد قتلت فيَّ الأنثى  لتنتصر  لولاها لا وجود لك، إنني ابتعد عن كل ما يذكرني بك لأنه ينكأ جراحاً لا تندمل، فقد ضعت فيك ولم أضع في حسباني أنك ستبتعد يوماً، فلم أعد أقوى على إخفاء هشاشتي وهزيمتي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية