فوق رأي

ساكنين بعيد شديد
هناء إبراهيم
 
لصعوبة السفر ووسائل الترحال والقطار والإرهاق الجسدي والمادي ووجع العيون والرُكب، ولكل هذه الأسباب مجتمعة، كان أهلنا القدماء يرفضون تزويج ابنتهم العزيزة لمن يسكن بعيداً عن منطقتهم الجغرافية، عشان لو حصل ليهم مثلاً بكاء لا قدر الله، ما (يتلتلوا) بالسفر أيام وليالي في حالة قرروا الذهاب الذي هو واجب، ولا يجيبوا اللوم لأنفسهم إذا قرروا العكس فيقول الناس إن نسابة “عبد الله” (كراعهم غالية علينا وما جوا عزونا في جدنا يعقوب).
وقد يختفي الشخص أسبوعاً لا حس لا خبر وحين يعود فتسأله وينك مختفي، لا في البيت لا في الشغل إن شاء الله خير؟!
يجيبك: والله ياخ مشيت عزاء نسابتنا في سقط لقط ودي الجية.
هذا ما يسمى تقريباً عدم تكافؤ جغرافي..
أما الفوارق البيئية فهي التي تضمنتها أغنية فيروز (أعطني الناي وغنّ)..
الأغنية حسب تفسير حبوبة جيرانا، تعني حاجاتك ما زي حاجاتنا واختلاف الأجواء بعمل التهاب كما تعلم.. حضرتك ساكن بعيد عن روح المكان..
تضاريس قلبك ومناخ حياتك ما زي تضاريسنا وجونا..
واعتدال الجو يخال ليّ.. ما زي ما اعتدال الجو يُخيل ليك..
تقول فيروز:
هل تَخذت الغاب مثلي  منزلاً دون القصور
فتتبّعت السواقي…. وتسلقت الصخور
هل تحمّمت بعطر.. وتنشّفت بنور
وبما أنه يستخدم المنشفة (البشكير)، إذن الإجابات أعلاه كلها سلبية..
هل جلست العصر مثلي… بين جفنات العنب
والعناقيد تدلّت.. كثريّات الذهب
هل فرشت العشب ليلاً.. وتلحّفت الفضا
زاهداً في ما سيأتي .. ناسياً ما قد مضى
….
بيئة التأمل ما زي بيئة الجري والرحيح..
روقان هذه المنطقة يزداد روقان بصوت فيروز..
روقان مربع..
بتديك إحساس الربيع، بما أنها تغني بمزاج عطر الورود..
عزفت ناي بصوتها في هذا اللحن وجننتنا..
والله جد..
أقول قولي هذا من باب الحب والمشي على إيقاع اللحن..
وعلى سبيل تذكار الفوارق..
وعلى صعيد قريب: ما تمشي بعيد
و……
خليك جنبي
لدواعٍ في بالي