حوارات

نائب رئيس حزب الأمة القومي الفريق "صديق محمد إسماعيل" لـ(المجهر) (1-2)

الإمام “الصادق المهدي” لم يتحوّل إلى وسيط بين الحكومة والحركات لكنه يمثل دور العاقل
عودة الإمام إلى البلاد لتصعيد المعارضة السلمية من الداخل
قرار عودة الإمام “الصادق المهدي” للبلاد فجر خلافات كبيرة داخل حزب الأمة القومي بين تياري الفريق “صديق” واللواء “برمة ناصر” بسبب إصرار لجنة التنسيق التي رفضت لجنة الإمام. وقال الفريق “صديق” إن الإمام قبل قرار لجنة التنسيق، وهو لا يمانع في العمل معها، وعدّ عودة الإمام تصعيداً للمعارضة السلمية من الداخل وليس للمشاركة في الحكومة أو الحوار الوطني كما يزعم البعض، وأشار إلى أن حزبهم يتعامل مع القضايا الوطنية بمسؤولية، وقال إن الإمام “الصادق المهدي” أنهى مهامه الخارجية التي خرج من أجلها، ولم يكن وسيطاً بين الحكومة والحركات المسلحة لكنه مثل دور (العاقل) فيها.
حوار- وليد النور
{ سعادة الفريق نريدك أن تحدثنا عن عودة الإمام في هذا التوقيت؟
_ الإمام “الصادق المهدي” قرر العودة بعد غيبة استمرت لأكثر من عامين تقريباً لأداء مهام على المستوى الداخلي ومهام وطنية وإقليمية ودولية، أنجز كل هذه المهام، والآن يعد العدة للعودة إلى الوطن وإن شاء الله من المؤكد أن يعود في 19 ديسمبر القادم.
{ سعادة الفريق.. في الماضي كان الإمام يقول إن عودته مرهونة بقرارات المؤسسات لكن الآن هو يعود بقرار شخصي منه؟
_ لا أبداً، المؤسسات هي التي اتخذت القرار ومجلس التنسيق هو الذي اتخذ قرار عودة الإمام إلى الداخل وترك له تحديد الزمن حسب ظروفه نسبة لارتباطاته الخارجية.
{ لكن الإمام هو من شكّل لجنة استقباله لذلك يكون القرار قد جاء منه شخصياً وليس قرار المؤسسات؟
_ صحيح، لكنه ألغى هذه اللجنة وعاد للجنة التي شكلها مجلس التنسيق.
{ يعني عاد الأمر إلى لجنة التنسيق؟
_ نعم عاد الأمر إلى مجلس التنسيق، وشكّل اللجنة.
{ هل اللجنة بذات الأسماء أم تغيرت؟
_ أُحدث فيها تغيير في مستوى قيادتها وهيكلتها، وجاء اللواء “برمة” رئيساً للجنة واستبعد الفريق “صديق” الذي كان رئيس اللجنة السابقة، وهنالك بعض المكونات في اللجنة السابقة لم تضف إلى اللجنة الجديدة.
{ نريد مزيداً من التوضيح.. بمعنى أنه تم استبعاد الفريق عندما كان الخطاب موجهاً للواء “برمة” باعتباره رئيساً بالإنابة والرئيس دائماً تكون عليه الرعاية والإشراف على اللجنة؟
_ نعم، لكن مجلس التنسيق قدم مقترحاً للرئيس بأن يكون “فضل الله برمة” رئيس اللجنة ومعه آخرون ضمنهم الفريق “صديق”، والرئيس بناء على هذا القرار ألغى اللجنة التي شكلت برئاسة الفريق “صديق” واعتمد لجنة مجلس التنسيق.
{ من هم المعترضون؟
_ الأمين العام “سارة نقد الله” والأمين السياسي دكتور “محمد المهدي حسن” وآخرون.
{ لكن الأهداف التي خرج من أجلها ما زالت باقية ولم تتحقق منها الحريات السياسية.. ما الجديد الذي دعا إلى عودة الإمام؟
_ هو لم يخرج فقط من أجل الحريات ،لأنه كانت هنالك مساحة من الحرية في الداخل وإن كانت ليست بالقدر المرجو، لكن هو خرج من أجل خلق واقع تفاوضي بين الأطراف التي تحمل السلاح، الحكومة والمعارضة المسلحة، واستطاع بعد مفاوضاته مع الحكومة بالضرورة إيجاد حل سلمي للقضية عن طريق الحوار، ونقل هذا الأمر إلى الخارج وأقنع الحركات المسلحة بأن تقدم الخيار السلمي على خيار إسقاط النظام بالقوة. وهذا ما تحقق وأنجزه.
{ لكن الحركات المسلحة وقعت على خارطة الطريق ولم تشارك في الحوار الوطني وما زالت ترفع علامة الحرب؟
_ الحرب لم تكن مستعرة، الحرب متوقفة، وكل الأطراف أوقفت الحرب وفي اتجاه لوقف العدائيات الذي سيكون مدخلاً لإيقاف الحرب نهائياً.. هذه محطات تعثرت فيها المفاوضات بسبب تعنت الأطراف المعنية، لكن هنالك مساعي جادة من قبل المجتمع الدولي والإقليمي وحتى من قبل الإمام الذي قدم الطريق إلى خارطة الطريق للتحرك لمعالجة وقف العدائيات، ومسألة تمرير الاحتياجات الإنسانية ومسألة تعزيز الثقة بين الأطراف حتى ينطلق حوار جاد ومثمر تتكامل فيه كل القوى السودانية لبلوغ أهداف كبيرة هي تحقيق الوفاق الوطني.
{ إذن تحول الإمام إلى وسيط آخر بين الحكومة والحركات المسلحة بدلاً عن الوسيط الأفريقي “ثامبو أمبيكي”؟
_ هو لم يكن وسيطاً، لكنه يلعب دور العاقل.
{ كيف دور العاقل؟
_ العاقل في الساحة السياسية السودانية يتعامل مع كل الأطراف باعتبار أن كلها يهمها أمرها ويحاول نقلها جميعاً إلى مربع آخر وهو ما يفعله الإمام “الصادق المهدي” يعني أصبح الإمام بهذا الدور هو الأب الروحي للسودان ويعمل على نقل أبناء السودان جميعاً إلى منصة الحوار الوطني الجاد الذي يؤدي الوفاق الوطني المطلوب.
{ لكن في عهده انقسمت الجبهة الثورية إلى جبهتين والحكومة فصلت مسار مفاوضات دارفور عن المنطقتين؟ 
_ ليس في عهده، وإنما كان في مسيرة (نداء السودان)، ومسيرة الجبهة الثورية حدثت فيها بعض التطورات، وهذه مسائل داخلية تنظيمية داخل الجبهة الثورية، وهي لديها دستورها ونظامها والمكونات التي اختلفت حول تفسير دستورها والنظام الأساسي وتباينت مواقفها لكن في النهاية ظل بينهم التنسيق والتعاون من أجل معالجة القضية الكلية، هذه مسألة داخلية، لكن في الخارج هم يتعاملون بتنسيق وانسجام لبلوغ هدف وطني هو حل المسألة السودانية بالوسائل السلمية.. المسارات الموجودة تضمنت كل المشروعات التي قدمت سواء من المجتمع الدولي أو الإقليمي بحل القضية السياسية السودانية بين الحكومة وحملة السلاح بحوار في مسارين، مسار قضية دارفور التي أسست لمعالجتها اتفاقية “الدوحة” وحوار مع الجبهة الثورية قطاع الشمال الذي انبنى على اتفاقية “مالك عقار ونافع”، والاثنان في الجهد الماضي، هذه المسارات كلها تمشي متوازية وتصب في هدف واحد هو وقف العدائيات وتوصيل المساعدات الإنسانية.
{ المجتمع الدولي ضغط على المعارضة والحكومة من أجل الوصول لحلول سلمية؟
_ نعم، المجتمع الدولي ضغط على المعارضة لتقبل بخارطة الطريق وضغط على الحكومة لتقبل ملاحظات المعارضة على خارطة الطريق، وضغط على الوسيط الدولي أن يقبل العمل في إطار الاستجابة لمذكرة التفاهم، فالمجتمع الدولي تدخل بقوة وعلى رأسه المبعوث الأمريكي للسودان “دونالد بوث” هو الذي لعب هذا الدور ومعه آخرون، النرويج وبريطانيا.
{ الجميع توقع وصول السيد الإمام والمشاركة في الجمعية العمومية للحوار الوطني؟
_ البعض وليس الجميع.. البعض كان يتطلع لهذا، لكن لم يحدث لأن هنالك موقفاً مبدئياً من الحوار باعتباره لم يكن شاملاً ولا كاملاً ولم يستوف المتطلبات التي يرى الناس أنها ستحقق المقاصد الكلية للحوار، وهي أقل حاجة توفر الحريات والضمانات للتنفيذ وحيادية إدارة الحوار.. الخ.. هذه كلها معانٍ لم تتوفر في هذا الحوار، لذلك الإمام لم يشارك.
{ هل تعني عودة الإمام لممارسة المعارضة من الداخل أم المشاركة في الحوار أو الوثيقة لأنه قيل إنها تظل مفتوحة؟
_ العودة بهدف تصعيد المقاومة السلمية وإصلاح الحال بالوسائل السلمية، لكن ليس عبر المشاركة في النظام القائم إلا إذا حدث إصلاح حقيقي مؤسسي في الحوار والتزمت الدولة بما يتم في خارطة الطريق ومخرجات هذا الحوار التحضيري، واستصحاب الآخرين لأخذ آرائهم في الحوار الوطني.
{ الحوار الوطني قام على ثلاثة أضلاع المعارضة السياسية بما فيها حزب الأمة وكان الضلع الأكبر وشارك في بداية الحوار والحركات المسلحة بشقيها دارفور وقطاع الشمال والمؤتمر الشعبي.. ما هي رؤيتكم للوثيقة التي خرج بها عدد (100) حزب وعدد من الحركات المسلحة؟
_ أولاً نعتقد أن الشأن الوطني ليس حكراً على شخص وليس ملكاً لمجموعة، وليس لتنظيم سياسي أن يفرض آراءه على الآخرين، والذين اجتمعوا في قاعة الصداقة وأداروا هذا الحوار هم سودانيون يهمهم الشأن السوداني ولهم رؤيتهم، لكن نعتقد أن ما تم الوصول إليه فيه بعض الايجابيات أمنا عليها وأعلنا ذلك، لكن هنالك بعض الملاحظات لإكمال النقص، وهذا يتطلب استماع الطرف الآخر الذي غاب وله تأثيره سواء أكان جماهيرياً أو سياسياً أو إقليمياً أو دولياً، لذلك حزب الأمة يسعى الآن ليطور ما تم في قاعة الصداقة بإكمال النقص عبر إكمال استحقاقات وثيقة خارطة الطريق وبالمؤتمر التحضيري ووقف العدائيات حتى ينتقل الجميع إلى الداخل، ويعملوا على إثراء الحوار الوطني ليأخذ أعلى نسبة من التوافق والتراضي الوطني.
{ إذا كان الإمام عائداً للبلاد لماذا تصرون على المؤتمر التحضيري والحكومة ترفض عقده بالخارج؟
_ الحكومة لها أن ترفض ولنا نحن أن ندعو، لكن لابد أن تكون في النهاية هنالك منطقة وسطى، الحكومة والمعارضة ظلتا تتجاذبان هذا الأمر، لكن حسم في خارطة الطريق التي وقع عليها الطرفان وأصبح المؤتمر التحضيري أمراً مطلوباً وفق خارطة الطريق، والاثنان وقعا عليها.. هنالك التزام أخلاقي ومؤسسي بين الحكومة والمعارضة بالاحتكام بما ورد في خارطة الطريق وضمنها الملتقى التحضيري.
{ ما هي النقاط التي لكم فيها رأي في الوثيقة الوطنية؟
_ الآن لدينا كتاب تحت الطبع يتناول أخطاء هذه الوثيقة، ونحن نتعامل مع قضايا الوطن بمسؤولية والقضايا العامة باعتبار أن الشأن العام ملك للجميع، ونحن نبدي ملاحظاتنا.. أخضعنا هذه المخرجات الآن للدراسة وخرجنا منها بأن هنالك إيجابيات وسلبيات، وهنالك ضرورة لإلحاق بعض التعديلات حتى تكتمل هذه الوثيقة وإن شاء الله سيصدر هذا الكتاب قريباً.
{ ممكن تفصل لنا الإيجابيات والسلبيات بإيجاز؟
_ تحدثنا عن أنه بمجرد أن يلتقي الناس ويصدروا وثيقة، يكون هنالك دستور وطني مجمع عليه، هذه حاجة إيجابية، ولكن آلية كتابة الدستور لابد أن يتفق عليها، بأن تكون هنالك ضرورة لإقامة انتخابات حرة نزيهة مشرف عليها بآلية متوافق عليها هذا أمر مطلوب ومقبول، لكن نعيب على الوثيقة أنها عدّت ما حدث في قاعدة الصداقة هو الأمر النهائي، وهذا عيب لأنها تعدّ وجهة نظر لمجموعة وهنالك وجهات نظر أخرى، ولا يمكن أن تحتكر الشأن العام، وهذا واحد من العيوب وهنالك عيوب أخرى.. سنزودك بنسخة من الكتاب قريباً إن شاء الله.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية