مجرد سؤال؟؟
استقالة وزير المالية!!
رقية أبو شوك
عندما جاء وزير المالية والتخطيط الاقتصادي “بدر الدين محمود” لوزارة المالية كانت موازنة 2014 جاهزة، إذ تم تعيينه أواخر العام 2013م بعد فترة “علي محمود”.. وأذكر أنه بعد إجازة الموازنة للعام 2014م من قبل المجلس الوطني تمت دعوتنا لمؤتمر صحفي بوزارة الإعلام عن الموازنة، وأذكر أيضاً أن الوزير وأركان حربه جاءوا لقاعة المؤتمر الصحفي بعد الخامسة مساء بأكثر من ثلاث ساعات من الموعد المحدد وحينها اعتذرت لنا المنصة بعد أن غادر عدد من الصحفيين قاعة المؤتمر الصحفي، ولكنى كنت حريصة على الانتظار حتى يأتي الوزير ونسمع ماذا يقول!! وقد كان.
وما زلت أتذكر حديث وزير المالية بأنه سيكون أكثر رفقاً ورحمة بالمواطن السوداني، واستبشرنا بقدومه خيراً وبشرنا عبر الأجهزة الإعلامية المختلفة بحديثه (السمح) الذي (سيفرح) المواطنين طالما أنه قال إنه سيكون أكثر رحمة بالمواطن وإن أولويات المواطن فوق كل الأولويات.
الآن وبعد إجازة الموازنة القادمة مباشرة أعلن الوزير أنه سيتقدم باستقالته بعد أن أقسم.. السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا تقديم الاستقالة؟؟
نعم الاقتصاد السوداني لم يستقر ولم يتطور ولم نر أية بشريات تصب في خانة المواطن الذي انكوى بلهيب ارتفاع الأسعار، وحتى وإن جاءت الموازنة القادمة فإنها حتما ستأتي كأخواتها السابقات.. فالأجور التي أعلن وزير المالية زيادتها لا أظنها ستكون مرضية وربما لا تكون هنالك زيادة وذلك حسب ما قال الوزير أمام البرلمان: (سنزيد الأجور للعاملين حال توفر إيرادات حقيقية)، وذلك في الوقت الذي شدد فيه رئيس البرلمان على ضرورة وضع زيادة أجور العاملين بالدولة في الميزانية الجديدة (بدل) ما سماها بـ(المخارجة) التي أعلنتها وزارة المالية في إشارة منه إلى الحوافز في مناسبات الأعياد التي أعلنتها المالية في اتفاقها مع اتحاد العمال مؤخراً.
فحقيقة هذا الحديث يعدّ غير مطمئن وذلك بعد أن فرح الكل بزيادة الأجور مع الموازنة القادمة، خاصة وأن الموازنة القادمة ستأتي برفع الدعم عن كل السلع وتحريرها تحريراً كاملاً وتحرير سلعتي القمح والدقيق.
الآن تم ربط الزيادة بالموارد الحقيقية والتي نعلم أنها شحيحة أو منعدمة في الأصل مع زيادة الصرف والذي نتمنى أن تقليله حتى نستطيع أن نوازن بين الدخل والمنصرفات.
فإذا لم تتم زيادة الأجور وتوظيف الخريجين فستكون كسابقاتها من الموازنات ونتحمل نحن كل شيء الأسعار وارتفاعها، ورفع الدعم والتحرير ليزداد السوء سوءاً… فحوافز الأعياد لا تجدي وتعدّ مسكنات لا تتعدى اليوم أو اليومين لنعود للمنوال الأول.. فنحن كمسلمين لدينا عيدان الفطر والأضحى.. وستذهب حوافز الفطر لأشياء بسيطة لأن الحافز لا أظنه سيتجاوز الـ(500) جنيه، وفي الأضحى لا أظنه سيساهم في شراء “الخروف”، وأنتم تعلمون ارتفاع أسعار الأضحية العيد الماضي بعد أن تجاوزت الـ(2) ألف جنيه بالرغم من البيع بالكيلو… وهكذا.
الموازنة القادمة سيدي الوزير ستأتي (والله يكضب الشينة) بدون زيادة للأجور لأنها ربطت بالزيادة الحقيقية للموارد.. فحتى وإن زيدت لا تكون معتبرة لأن السوق (سيبتلعها) في ظل التحرير الكامل لكل السلع. والمبررات التي يتم تداولها بأن الدعم يجعل الاقتصاد مشوهاً وأنه يذهب للأغنياء ولا يستفيد منه الفقراء، غير مقنعة، لأن الفقير هو الذي سيزداد فقراً ومرضاً وجوعاً، وإذا كان الحديث حقيقة بأن الدعم سيذهب للفقراء فماذا سنقدم للفقراء بعد أن نرفع الدعم؟؟
أتمنى أن لا تكون المعالجات مراكز البيع المخفض والجمعيات التعاونية، فالاقتصاد صراحة غلب كل الاقتصاديين.. فهل من حلول أخرى سريعة لتغيير الوضع المتردي بعيداً عن الاستقالات؟؟